
في أثناء كتابتي لهذه الخاطرة أرسل لي أحد الأصدقاء من عائلة "أبو السعود"؛ المكرم، أيمن عادل أبو السعود، نسخة مصورة من مدونة المرحوم الحاج مبارك بن ضيف أبو السعود. النسخة ممهورة ومعنونة "مدونة المرحوم الحاج مبارك بن ضيف أبو السعود". خط جميل وعذب والأهم أنه تاريخ مهمّ لسنوات عديدة من الحوادث والوفيات. فهمت أن المذكرة بدأ في كتابتها المرحوم الشيخ سليمان أبو السعود قبل أن يواصل الجهد المرحوم الحاج مبارك.
قد لا يحمل اسم وتاريخ الوفاة لنا غير المهتمين شيئًا غير أنه تاريخ وفاة شخص، رجل أو امرأة، ولبعض الأقارب خبر مزعج! لكن مدونات الموتى كنز تاريخي، خصوصًا إذا كانت مدونة قديمة.
قبل أكثر من أربعة عقود كنت أكتب في دفتر الوفيات وأدون أسماء المتوفين من جزيرة تاروت ومن يصل خبر وفاته لسمع أخي المرحوم، الملا أحمد الوحيد، من هم من خارج جزيرة تاروت ومن تربطه بهم علاقة وأظن أنه كان يدون وفيات بعض مشاهير السياسة وعلماء الدين وغير ذلك. في الخبر بعض الإضافات مثل سبب الوفاة وعمر المتوفى إن توفر!
مهنة المرحوم -الخطابة- ساعدته كثيرًا في قربه من المجتمع ومعرفته الوافرة بالأنساب وشخصيات المجتمع في جزيرة تاروت وخارجها، وكان مجلسه في أغلب الليالي عامرًا بالجلاس وكثيرًا ما كان يُتداول فيه حوادث وأخبار المجتمع ومنها الوفيات. لدي ما يشبه اليقين أن إخوتي، كلهم أو بعضهم، شاركوا في الكتابة قبل أن يواصل بعض أبنائه الجهد. أما بعد وفاة المرحوم، أو في أواخر فترة مرضه، توقف هذا الجهد التاريخي المهمّ كليًّا.
بعد أيام العزاء ينسى الأهل والمعزون تاريخ الوفاة والأسماء وتبقى مدونات المواقع المحفظة الرئيسية لهذا التاريخ المهم! مدونات الوفيات تاريخ مهم وقد كتبت كتبًا عديدة في "الوفيات" يستطيع من يرغب من القراء المحترمين أن يطلع عليها ويعرف حجم الجهد والفائدة منه! راجع كتاب "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان" لمؤلفه القاضي ابن خلكان وكتاب "الوفيات" الذي ألفه تقي الدين محمد بن هجرس بن رافع السلامي (المتوفى: 774هـ).
من الصعوبة بمكان أن تنسخ دفاتر المرحوم الكثيرة -إن بقيت كلها- من خطّ اليد والحبر إلى تدوين إلكتروني حديث يمكن تبويبه وتَصنيفه، مما يوفر سهولة البحث في الكمّ الكبير من الأسماء والتواريخ. نتمنى أن يحصل ذلك العمل في يوم ما قبل ضياعه.
يذكر في هذا الصدد أن مدونات المواقع الإلكترونية مثل موقع «القطيف اليوم» سوف تكون جزءًا مهمًّا من تاريخ المنطقة؛ ينشر أسماء المتوفين وبتوسع أكبر في أسماء الأقارب وشجرة العائلة ومكان العزاء وأحيانًا عمر المتوفى.