01 , يونيو 2025

القطيف اليوم

المحموص «القطيفي» في العالم الأبعد!

أرجو منك، القارئ الكريم والقارئة الكريمة، أن تسامحني في الكتابة عن شأن يبدو عاديًّا جدًّا. السبب الذي حثني على اختيار هذا العنوان أن أحد الأقارب أرسل لي مقطعين مصورين من بلدان بعيدة عن المحموص "القطيفي" بالتحديد! أقول القطيفي للتنويه وليس على التخصيص، إذن هو طبق يختلف قليلًا ويتشابه كثيرًا أينما يممت وجهكَ، في نواحي القطيف وخارج القطيف.

في هذين المقطعين ظهر طبق المحموص كأنه من عالم آخر في غاية الجمال. أظن أن المشكلة هي أننا نعتاد أشياء جميلة في حياتنا ونأخذها تسليم مسلمات، عادية جدًّا، بينما الذي يتذوق طبق المحموص لأول مرة تحصل لديه استثارة لحواس الشمّ والتذوق والبصر بطريقة عجيبة. وجدت في هذين المقطعين كمًّا كبيرًا من الإعجاب والثناء والإطراء على الطعم وسهولة التحضير.

أنا لست محايدًا عندما يأتي ذكر المحموص، أو المطبوخ، فهو أي المحموص من الأكلات التي إذا حضرت لا شيء يعدلها، السبب أنني من جيل نشأ معه في البيوت والأماكن العامة والمناسبات المتعددة في القطيف وتوابعها. جيل البساطة وتبادل الأطباق الشهية والمتيسرة لكل الناس!

سبب ثان حثني على الكتابة عن هذا الطبق ألا وهو أن أذكره مقرونًا بتحية كبيرة لأمهاتنا وجداتنا الكادحات في زمن الفقر. أمهات وجدّات ملكنَ حماسة وعزيمة على مكابدة مشقات الحياة. الأطباق السهلة التحضير -الآن- آنذاك لم يكن تحضيرها سهلًا! لم يوجد بعد فرن الكهرباء أو طباخ الغاز بستة عيون وقلاية وشواية! وإنما حطب ونار تُشعل وتعالج بمشقة حتى يتم طهي الطعام بمواد بسيطة، أرز وما تيسر من إِدام! ومع ذلك قمنَ الأمهات والجدات بما يجب وأكثر.

لا تستغرب في زمن انتقال الأفكار بسرعة والاغتراب أن يظهر طبق المحموص في دولة غربية أو شرقية بعيدة. أحد المقطعين كان في دولة غربية على ما يبدو! رسائل الطعام لطيفة فهو يتداخل في الثقافة والكرم وحسن الضيافة والتقديم والإعداد. لا أستغرب إذا وجدت أبناء وطني، أينما وجدوا، يعجبهم طبق المحموص، لكن أن تكون له شهرة "عالمية" فذلك أمر يدعو للبهجة!

إليك يا أمي ويا زوجتي ألف شكر من فم رجل تعود أكل المحموص، طبقًا شهيًّا دافئًا تصنعه ربة الدار. جربوه، أنتم الإخوان والأخوات الأحباء، كيفما شئتم، باللحم أو الدجاج أو السمك، لكن باللحم أشهى!


error: المحتوي محمي