01 , يونيو 2025

القطيف اليوم

الذوق العام: ما له وما عليه

نعيش في مجتمع يتسم بتنوع سلوكياته وأنماط حياته اليومية، ولكن هل هذه السلوكيات دائمًا صحيحة وسليمة؟ هل نحترم أنفسنا ومن حولنا في تصرفاتنا اليومية؟ هذه التساؤلات تطرأ على أذهاننا كلما نظرنا في تصرفاتنا اليومية، بدءًا من الاستيقاظ في الصباح وحتى التعامل مع الآخرين في حياتنا العملية.

مفهوم الذوق العام

الذوق العام هو سلوكيات وآداب تتبع القيم والمبادئ التي تعكس احترام الشخص لنفسه وللبيئة المحيطة به. يتجسد الذوق العام في أبسط الأمور اليومية، مثل ترتيب سريرك بعد الاستيقاظ، والاستحمام ووضع أغراضك في مكانها المناسب، مما يعكس اهتمامك بالنظافة الشخصية والنظام، وهو ليس مجرد ترف بل أسلوب حياة، يعبّر عن ثقافة الفرد في احترام ذاته وتعامله مع محيطه.

وفي السياق نفسه، يشمل الذوق العام سلوكياتنا في الأماكن العامة، مثل عدم رمي القمامة في الشوارع والمرافق العامة والحرص على وضعها في الأماكن المخصصة لها، هذه التصرفات البسيطة تؤثر بشكل مباشر على البيئة العامة، وتساهم في تحسين المظهر العام للمجتمع وتجنب مشاهد التشوه البصري، كما أن الذوق العام يمتد ليشمل سلوكياتنا أثناء قيادة السيارات أو استخدام الدراجات النارية، مثل احترام أنظمة المرور ومنح الأولوية للمشاة، وعدم إزعاج الآخرين بالسرعات العالية أو الأصوات المزعجة، وخاصة في المناطق السكنية.

الذوق العام في تعاملاتنا اليومية

الذوق العام لا يقتصر فقط على تصرفاتنا في الأماكن العامة، بل يمتد أيضًا إلى علاقاتنا مع الآخرين. فمثلاً، عند الجلوس على طاولة الطعام مع العائلة أو الأصدقاء، يجب أن نتجنب إصدار الأصوات المزعجة أثناء تناول الطعام أو التحدث وفمنا مملوء بالطعام، لأن هذا يعتبر خرقًا لآداب المائدة. كما أن احترام خصوصيات الآخرين وعدم التجريح أو السخرية منهم بسبب مستوى تعليمهم، أو وضعهم المالي، أو حالتهم الشخصية كالتأخر في الزواج أو التأخر في الإنجاب أو عدم حصولهم على وظيفة مناسبة، يُعتبر جزءًا من الذوق العام.

أحد المظاهر المهمة للذوق العام هو تعاملنا مع الأقارب والأصدقاء. يجب أن نحرص على إظهار الاحترام المتبادل وتجنب الكلام الجارح أو الساخر. تجنب نشر الشائعات أو التقليل من قيمة الآخرين بسبب ظروفهم الشخصية أمر يعكس احترامنا لكرامتهم، وهو جزء لا يتجزأ من سلوكنا اليومي.

دور الجمعيات في تعزيز الذوق العام

تعمل العديد من الجمعيات في المجتمع على نشر ثقافة الذوق العام، مثل الجمعية السعودية للذوق العام “ذوق”، التي تسعى إلى تعزيز قيم الآداب في مختلف جوانب الحياة. هذه الجمعيات تلعب دورًا هامًا في نشر الوعي وتعليم الأفراد كيفية التصرف بشكل لائق ومحترم، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويسهم في تحسين البيئة العامة.

الذوق العام في الشريعة الإسلامية

الذوق العام لم يكن مجرد ثقافة اجتماعية بحتة، بل له جذور عميقة في تعاليم ديننا الحنيف. فقد علمنا النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، خير خلق الله وأفضل الأنبياء، جاءنا برسالة سماوية يُحتذى بها، وعلمنا الطريق السوي في فن التعامل مع النفس ومع الناس، وأول شيء علمنا إياه صلى الله عليه وآله وسلم الأدب مع الله عز وجل، خالق السماوات والأرض، الذي أوجدنا وأوجد الكون كله، وسنَّ تلك القوانين الإلهية والربانية، كيف أن نحترم تلك الموجودات والمخلوقات. قال صلى الله عليه وآله وسلم: “أدبني ربي فأحسن تأديبي”، كما ورد في الحديث الشريف. وفي القرآن الكريم، قال الله تعالى: “وإنك لعلى خلق عظيم” (سورة القلم، آية 4)، مما يبرز أهمية الأخلاق في سلوكنا اليومي. هذه المبادئ الدينية تعلمنا كيفية احترام الآخرين وتقديرهم، سواء في تعاملاتنا الشخصية أو في حياتنا الاجتماعية العامة.

ختامًا

الذوق العام ليس مجرد سلوكيات سطحية، بل هو تجسيد لقيم ومبادئ عميقة تعلمناها من ديننا ومن ثقافتنا الاجتماعية. هو طريقنا للحفاظ على بيئة صحية وآمنة، ويعكس ثقافة الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع. علينا جميعًا أن نكون جزءًا من هذه الثقافة، وأن نحرص على تطبيق الذوق العام في كل جوانب حياتنا، حتى نساهم في بناء مجتمع أفضل وأكثر تحضرًا.



error: المحتوي محمي