14 , مارس 2025

القطيف اليوم

أمي وشهر رمضان.. ما لذة الحياة دون عمل؟

تعب كلها الحياة! سواء للرجل أم المرأة، فإذا تغيرت صورة التعب من زمانٍ لآخر فهو يظل تغيرًا في الشكل لا في المضمون. طوبى لتلك الأصابع التي تعملن اليوم كما عملت أمهاتهن، تلف وتعجن وتطبخ. طوبى لتلك الأيادي والأرواح التي تعمل بمحبة. ولكي يكتمل مشهد السعادة الزوجية، لا بدّ أن يخدم الرجلُ زوجته وعياله! أما الرجل العاجز الكسول الذي لا يهتم لرزقه وخدمة عياله فتلك مشكلة كبرى!

أدركتُ أمي -رحمها الله- وهي شابة وشهر رمضان شهر تعب. لم تصنع أطباقًا كثيرة من الطعام إلا أن صنع طبقٍ واحد كان يأخذ جهدًا كبيرًا ووقتًا طويلًا. عندما ترى نفسها الآن في الجنة -بإذن الله- ساكنةً في دارٍ فخمة عوضًا عن الدار البسيطة التي سكنتها في الدنيا، تسخر من دارها التي لم تأوها من ريح أو مطر. لم تسمح لها الحالة المادية آنذاك أن تذهب لمجمع تجاري فيه من أصناف الأطعمة والأشربة ما لا يحصى، تتبضع وتملأ براد الطعام باللحم والسمك وفراخ الدجاج، فكان عليها أن تواجه التنور كل يوم وتجهز الإفطار مما توفر في البيت من مؤونة.

أمي لم تكن وحدها تقاسي، بل كثير من النساء، وتستطيع أن تقول جلهنّ عملن طوال نهار شهر رمضان، يستيقظن قبل شروق الشمس ولا يرتحنَ إلا بعد سقوط قرص الشمس. كان على أمي إنجاز مهامّ البيت وأن تحسن التصرف في مؤونة شهر رمضان.  تسألني: حسنًا ما الداعي إلى تذكر أحوال أمك بعد 60 سنة؟ الداعي أن لكل زمان متاعبه! لم تكن لدى أمي وظيفة ودوام والآن ابنتي تحمل ما يحمله الرجل من عمل يومي ومتاعب طريق! وفي كل زمن المرأة عماد ووتد، عليها مسؤولية كبيرة! 

تعالوا نرى كم يعطي الله في الآخرة لمن تقوم على خدمة زوجها وعيالها: سألت أم سلمة رسولَ الله صلى الله عليه وآله عن فضل النساء في خدمة أزواجهن فقال: أيما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئًا من موضع إلى موضع تريد به صلاحًا إلا نظر الله إليها ومن نظر الله إليه لم يعذبه. فقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: زدني في النساء المساكين من ثواب بأبي أنت وأمي فقال صلى الله عليه وآله: يا أم سلمة إن المرأة إذا حملت كان لها من الأجر كمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله عز وجل، فإذا وضعت قيل لها: قد غفر لك ذنبك فاستأنِفي العمل، فإذا أرضعت فلها بكل رضعة تحرير رقبة من ولد إسماعيل.

من مفكرة خربشات الرياض يوم السبت الثامن من شهر شباط/ فبراير 2025م الموافق التاسع من شهر شعبان 1446 هجرية. الساعة 5 و40 دقيقة صباحًا، درجة الحرارة 12 درجة مئوية.


error: المحتوي محمي