
يسرني أن أجد أحيانًا من يستوقفني ويقول لي: لقد قرأتُ اليوم مقالتك وأعجبتني كثيرًا وأنا من الذين يتابعون ما تنشر. لولا هؤلاء الكرام لما دوامتُ على الكتابة وإزعاج الناس. دائمًا ما أجد نفسي عاجزًا عن الخروج من الدائرة ذات القطر الصغير التي رسمتها لنفسي في الكتابة لموقع محدد وقراء محدودين، بينما من المفترض في زمان العولمة أن تتسع دائرة أفكاري وتنبسط لكي تجذب قراء أكثر من العالم الأرحب. هنا أريد أن أضع بين يدي القراء الكرام أمرين أجدهمَا مناسبين:
الأمر الأول: أقدم دعوة لذوي الأفكار النيرة والأقلام السيالة والأفكار المتدفقة أن يشاركوا الناس أفكارهم من خلال الكتابة والنشر. مجتمعنا فيه ما لا يعد من ذوي الفكر والقلم والمثقفين وذوي الاختصاصات المتعددة الذين يتوفر لديهم الوقت للكتابة.
الأمر الثاني: يلزمنا الخروج من الأمور والعناوين السطحية والمواضيع التي تخصنا دون سوانا لكي يطمع في قراءة ما ننشر العالم الأبعد. لدينا الكثير من العادات والتقاليد والمظاهر الاجتماعية التي إذا ما وضعناها في قالبٍ شائق وأعطيناهَا عمقًا أوسع وصورة أشمل صارت جاذبة لغيرنا. يمكنني أن أكتب عن شيء يخصني ولا أحد يهتم وعندما أضعه في قالب آخر، يخصني ويخص غيري، أجد من يهتم.
هناك علاقة بين ثقافة المجتمع - الحقيقية - وحيويته في الكتابة والتعبير في زمان اتخذت فيه الثقافة طابعًا شكليًا؛ الأكل والملابس والأزياء وهذه الثقافة الحقيقية تظهر بمقدار ميلان أهلها للكتابة والتعبير عنها وتغيب عندما لا يكتب أهلها عنها ويعتقدون أن ليس لها تأثير على أو في غيرها من المجتمعات!
تخرج إلى الشارع أو تجلس في مجلس وترى كل واحد من الناس في يده جهاز متصل بالعالم يبحث عن شيء ما وسوف لن يدهشك كثيرًا إذا كنت تبحث عن عنوان مقال علمي أو خاطرة أدبية وتجدها باسم كاتب من القطيف. هذا زمن العولمة الذي صار بطوله وعرضه وشرقه وغربه بين أصابعنا فلماذا لا نستفيد من هذه الفرصة الذهبية؟
سوف تبقى مجهولًا حتى تعرف الناس بنفسك! كيف السبيل إلى ذلك؟ تتعدد السبل والكتابة أحد السبل الرائعة لكي نعرف غيرنا بنا.
يستوقفني بعض القراء الأعزاء سائلًا: لماذا لا تكتب في هذا الشأن أو ذاك؟ وأنا الآن أسأل: لماذا لا تكتب أنت؟ الفضاء متاح للجميع، جرب وقدم أفضل ما عندك. ضع تجاربك أمام العالم فمن يدري لعلها تكون أجمل ما نقرأ!