24 , يناير 2025

القطيف اليوم

تمنح القطيف فضاءها للإبداع والنجاح دون تمييز

قبل البدء، قرأت ذات مرة أنه قيل للفقير: قد أقبل الشتاء. رد قائلًا: وأنا على استعداد لأن أرتجف، وهكذا أنا مستعدة لأن أرد وأقنع تلك الفئة التي بصدد التحدث عنها هنا! وليسمح لي القارئ أن أضع وردة على كتف هذا النص، وأقبل مجازًا جبين كل من يحترم فكر الغير وما نكتبه هنا.  

أجدني جادة بالتعبير عن استيائي الشديد لأمر ما، ولست بحاجة إلى استئذان لإظهار قلقي في هكذا شأن، فالقهر يحلق في أجواء نفسي ويزعجني مصادرة بعض الطاقات المبدعة إيجابيًا، ويستفزني عدم التشجيع والتحفيز وأنا لست فيها، لكن حتى الأفكار تخرج باهتة من ذهني، وذلك لعدم تقدير واحترام أفكار المبدعين من الكتاب هنا وهناك! رغم وجود مساحة بيضاء تحت سماء القطيف وبعيدًا عن الأحقاد والغيرة المفتوحة، هناك الكثير ممن يشجع ويلمس كل تميز على أرض القطيف الشامخة.

وها أنا الآن -أعزائي القراء- أكتب نصًا بهذا الشأن وبوعي كبير، وهذا ما يجعل الصدق ظلًا ثابتًا معي هنا، ولسوف يكتشف بعض النزهاء، الفئة المتملقة الزاحفة على بطونها، لا بأس أن نختلف ولا ضير في أن يحدد كل واحد منا بوصلة فكره ومبادئه والاتجاه الذي يناسبه كيفما كان وعلى أية شاكلة ومع احترام شديد لفكر وذائقة القراء! وهنا لي رجاء خجول وخاص مني هامسة للقلة والمعنية من بعضهم: لماذا الغيرة وعدم الامتنان لأصحاب الأقلام  والأفكار هنا؟! وإن حدث ذلك من بعضهم ليكن بهدوء وتحفظ واحترام ودون انتقاد لاذع! وللقراء حتمًا الحرية التامة في اختيار ما يشاؤون قراءته من النصوص، حيث الساحة ممتلئة بأصحاب الأقلام المبدعة.

من فترة ليست بالقصيرة وأنا أبحث عن صورة تجسد بهاء القطيف وجمالها، كبصمة إبهام لهذه المدينة العتيقة بحضارتها وبسمو ونبل ناسها، فالتزمت تلقائيًا أن أعشق فيها اللون الأسود كقلمي ليترجم ويجسد الجمال والحياء والحشمة من خلال العباءة السوداء وكأنني بها  على مشارف أبواب السماء، قد يكون ما سأكتبه هنا بنفسجيًا أو رماديًا عند بعضهم وقد يظن بعضهم الآخر بأنني أجهش بالهذيان العذري لأحيي بذلك المبدعين الناجحين بحيادية صادقة. لكني وقفت أتأمل استيائي وغضبي ورشفت رشفة من فنجان قهوتي بسرعة وهدوء، لأحفظ توازني حتى لا يخذلني إحساسي مع بعض الاستياء، إلا أن متعة الكتابة تكفيني ولتكن نوعيتها، محاولة ألا تزعجني آراء بعضهم وتجعلني أسيرة لغيرتهم وحقدهم وحسدهم وانتقادهم غير العادل إياي وغيري. 

ولا أخفيكم حيث إنني أشكو حقد بعضهم وغيرتهم، ولا أدري ما أفعل لمنع وتفادي تلك الأحاسيس، حيث رائحة الغيرة تفوح من نفوس تلك الفئة الحاقدة، يا ترى هل هناك أحد يصدق أناسًا كهؤلاء؟! وهل هناك طريقة محددة لإظهار مشاعرهم السلبية تجاه الإيجابيين من فئة الإبداع؟! ومع هذا ألتمس العذر لتلك الفئة الحاقدة على تفوق ونجاح الغير لعدم تذوقها ذلك الطعم.

دار مؤخرًا حوار مفتوح بيني وبين إحدى العزيزات ممن أعرف، عن كتاباتي وعن بعض من أصحاب الأقلام النزيهة، مدركة تمامًا أنها تقرأ لي ولقد أثمر الحوار قهرًا ووجعًا وبعدها وقفت لحظة صمت جبرية! من خلال تلك التي  حاولت أن تفهمني وتوحي لي بأن معظم محتوى كتاباتي لا ينبغي فقط عن القطيف وأهل القطيف أبدًا. لقد حرك سخفها وتجاوزها في داخلي أشياء كانت في طريقها إلى الاشمئزاز والاستفزاز وصولًا للغثيان، رغم أنني أرى إشراقة القطيف في روعة مبدعيها الكتاب من خلال أفكارهم وكتاباتهم المتباينة والمميزة والتي تستهويني جدًا، ونستنشق من خلال شطآنها رائحة الجودة والإتقان، حيث تبارك نجاحاتنا التى لا ينبغى نكرانها أو تجاهلها بل الفخر والاعتزاز بها. 

ذكرتني هذه العزيزة بمقال كتبته من سنوات وبعنوان "فن الانتقاد" إثر انتقاد أحد الأعزاء بعض كتاباتي، التي ينبغي -من وجهة نظره- لي أن أطرحها بعيدًا عن القطيف كما يرى ذلك، ومن دون شك احترمت وجهة نظره مع اختلافي معه بهذا الشأن، وله تحياتي واحترامي من جديد.  

ربما تثير الفكرة تساؤلات استثنائية يتردد ويتحفظ  الكثير على الإجابة عنها والتحدث بها، ولكن الرد المطروح هنا بديهيًا أن النجاح لا يعني النجاح ذاته، ما لم يتخلله تميز وتباين، ومن المستحيل أن ننطلق من لا شيء، وهنا أقول: يبدأ الكاتب المبدع ويصنع لنفسه شأنًا خاصًا به، ولكن أين نجد من يقتنع ويشجع ويحترم ويفخر بذاك الإبداع هنا؟! فكل مبدع أيًا كان نوعه يحتاج إلى التقدير والامتنان عند نجاحه وتميزه وحتى عند إسقاطه غير المقصود علينا تحفيزه، حيث لا ينبغي أن نذم الكتاب أصحاب الأقلام النزيهة، إلا من خلت عقولهم من تذوق الإبداع والتميز.   

المعذرة لأني في عمق التجريح، حتى ابتسامتي هذا الصباح على غير عادتها! يا إلهي! ثقيل هذا الصباح وبلا إشراقة.


error: المحتوي محمي