16 , مارس 2025

القطيف اليوم

بيضاء أم سمراء؟!

تعشّقتها شمطاءَ شاب وليدُها… وللنّاسِ فيما يعشقون مذاهب 
قبل موعد الخطوبة تملي الأمّ على ولدها مواصفات الزوجة "الكنّة" المحتملة خوفًا من أن تكون نسيت أحد الشروط: ها يا أمي؛ بيضاء البشرة، ناعمة الشعر، طويلة القامة، أصغر مني بحوالي عشر سنوات، …! تفكر الأمّ طويلًا ثم يستقر رأيها؛ فلانة فيها هذه المواصفات، الله يجيب اللي فيه الخير، وإذا لم تكن هي فلانة أيضًا مناسبة!

خطبناها وكتبنا الكتاب. مر شهران ثم افترقنا فسألتني أمي لماذا الافتراق؟ قلت لها: لأنه لم تكن بيننا كيمياء! قالت يا حبة عيني أي كيمياء الذي نزل عليك به الوحي؟ لما تزوجت أباك لم نعرف لا كيمياء ولا فيزياء ولا رياضيات ولا هم يحزنون! مرت خمسون سنة ولقد كانت السنون التي صرفتُها معه أجمل سنوات العمر!

طرحنا اليوم مسألة تنوع الألوان في البشر وأذواق الناس في حبهم البياض والسمرة وأن في الناس من يريد اللون الأسمر ومنهم من يريد الأبيض ومنهم بين ذلك. قد يكون اللون الأبيض أو غيره من الجمال الظاهر الذي يراه الناس، أما الجمال الحقّ الذي يبقى فهو جمال الجوهر. {وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلْأَنْعَٰمِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَٰٓؤُاْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}، البشر مع كونهم جميعًا لأبٍ وأم واحدين، فإن ألوانهم تتفاوت، البعض أبيض البشرة والآخر أسود شديد السواد، بل نجد ذلك في الأسرة الواحدة مع أنهم من نفس الأبوين، ولهم الأقارب ذاتهم.

أذواق الناس غريبة وعجيبة وخصوصًا في الأزواج ورأينا ذلك في الغرب واضحًا جدًّا؛ امرأة شقراء الشعر، شديدة الجمال زوجها أو صديقها شديد السواد، ذميم الخلقة! كذلك زوج أبيض اللون زوجته شديدة السواد! والأغلب الأعم ينحو نحو صنفه. من المصطلحات المتداولة في الغرب Beauty is only skin-deep والتي تعني  يعني أنه على الرغم من أن شخصًا ما قد يكون جميلًا من الخارج، فإن شخصيته - ما بداخله، والأكثر أهمية، ليست بالضرورة جذابة.

حين يختار أحدنا شريكًا لحياته فإن معاييره تختلف. بعضنا رغبته في المظهر الذي سريعًا ما يتغير بعد مرور عدة سنوات وآخر يبحث عما هو أعمق من لون الجلد، يبحث عن العقل والجوهر. المظهر زائل وسريعًا يعتاده الإنسان أما الجوهر والجمال الداخلي فهو باق ويتجدّد مع الأيام.

من بديع ما نُظم في حسن الاختيار ما قاله بهاء الدين زهير:
قالوا تَعَشَّقتَها عَمياءَ قُلتُ لَهُم .. ما شانَها ذاكَ في عَيني وَلا قَدَحا
بَل زادَ وَجدِيَ فيها أَنَّها أَبَدًا .. لا تُبصِرُ الشَيبَ في فودي إِذا وَضَحا
إِن يَجرَحِ السَيفُ مَسلولاً فَلا عَجَبٌ .. وَإِنَّما عَجَبي مِن مُغمَدٍ جَرَحا
كَأَنَّما هِيَ بُستانٌ خَلَوتُ بِهِ .. وَنامَ ناظِرُهُ سَكرانَ قَد طَفَحا
تَفَتَّحَ الوَردُ فيهِ مِن كَمائِمِهِ .. وَالنَرجِسُ الغَضُّ فيهِ بَعدُ ما اِنفَتَحا


error: المحتوي محمي