10 , أكتوبر 2024

القطيف اليوم

كم عِلة داوت عِللاً ونِعم أضحت نِقمًا                    

بدءًا أعتذر من القراء الكرام عن بعض الألفاظ المحلية العامية التي وردت لغرض التوضيح وتقريب المفهوم: كلمة "عِلة" لها عدة معان في معاجم اللغة واصطلاحات في كتب الفقه تبعد عن بعضها حسب المقصود منها. يهمنا المتداول في الوسط الاجتماعي على أنها "حالة مرضية يصاب بها الكائن الحي" الإنسان والحيوان والنبات "تصاحبه مدة زمنية يتشافى كليًا أو جزئيًا أو تستمر معه حتى الممات يُقال "زيد عليل" به مرض مزمن يلازمه. حيوان متحرون "أي شاحب اللون كئيب" فيه علة. شجرة لا تنمو دائمًا دبلانة معلولة. ويُطلق مسماها كذلك على المصنوعات المتحرك مثل الآلات سيارة كثيرة الخراب كلما أصلحت عادت «يا من شرى له من حلاله علّة» ولمن لا يأتي بخير لا يستوعب مع التكرار يُتثاقل من صحبته لا يوفق متى كُلف بمهمة والأب لابنه حال التذمر منه يُقال هذا "علة " الجار السيء الموظف المُعطل معيق حركة المرور علة على مستوى الزوجية يقول زوجتي علتني ويش بلاني بها ما تخلص طلباتها كل يوم حنة ورنة هي تقول زوجي يعل القلب بموتني من القهر هذا حظي النحس الطايح اللي لفاني عليه جيب خبز يجيب طماطم تعبانه ودني المستشفى قولي لأخوك" تشاؤم أغلبه لا مبرر له" بعكس المبتلى الفعلي يعاني الأمرين من آلامها وسهر الليالي. وبتتبع مواقفها نجد:

                                                          أولًا: الحقيقية: البعض يتعرض لإصابات وعاهات وإن لم يبُح بها يُعرف مِن علامات بادية للعيان على وجهه وسائر جسمه في هذه الحالة عليه تقبلها بصبر وشكر وأن يسعى جاهدًا في علاجها لعلها نعمة لدفع بلايا خُفيت عنه وتجاهلها يضاعفها وعلينا كمجتمع مواساته لا نقلل من شأنه أو نهمشه لا نبتعد عنه نجالسه نساعده وقت حاجته نعامله بالحُسنى ندعو له بالشفاء لا نقول شكلك متغير أو نكثر السؤال نحقق نتعمق لنحرجه نحطم معنوياته فضلاً مِن أن نشمت به فليس كل علة تتعدى للآخرين فنخافها وإن تطورت. و ما يدرينا عند مراجعته الطبيب ينكشف له الأخطر على حياته ما كان يحس أو يعلم بها فيعالج الجميع ويُشفى فتنطبق عليه كلمة علة داوت عللاً.                                               ثانيًا: المعنوية: المصائب على تنوعها علل منها ما يتحول إلى نِعم:                                                            (أ) الفقر: علة ربما بسببه يُكتب لنا الغنى إن عملت عقولنا على التخلص منه وتركنا التمسكن والاستجاء بالغير واتجهنا بسعي حثيث نحو مضاعفة الجهد عاملين خرجنا مِن جحيمه إلى النعيم.                                                                               (ب) تكرار الفشل: علة في مراحل يضعنا على أولى خطوات الطريق الصحيح لو أحسنا التعامل وقررنا ركوب سفينة الناجحين بتقمص أفعالهم فهو توعية لما كنا فيه يتحقق لنا أكثر من المؤمل والفضل يعود لتلك العلة.                                                         (ج) الفراق مر المذاق: علة ومنه الطلاق لا يُتمنى ولكن شُرع حلاً لنهاية مشكلات متراكمة عجز الإصلاح عنها فيه فرج للمتضرر يفتح له أبواب الخير وبدونه تتفاقم الأمور إلى الأسوأ . إذن هو علة داوت.                                                                    ثالثًا: المزاجية: من يقف في طريقنا يعترض على أفعالنا يخالفنا نعده "علة" فوت علينا مصالح وفرصًا بزعمنا مؤكدة الحصول لندرك فيما بعد أنه محق في موقفه وليس كما كنا نسيء الظن فيه حمانا من مهالك كدنا أن نقع فيها فهي علة منقذة.                                                                      

وأخيرًا يجب ألا نتشاءم من العلل بأقسامها الحقيقية والمعنوية والمزاجية لا نفرح بالنعم لعل في الأولى فرجًا ونجاة وثوابًا وفي الثانية بلاء و هلاكًا وعقابًا لا ندري فكم علة أنعمت ونعمة علّت. ونختم بقول المتنبي { علّ عتبك محمود عواقبه ... وربّما صحّت الأجسامُ بالعللِ ..... قد يُنعم الله بالبلوى وإن عظمت ... و يبتلي الله بعض القوم بالنّعَمِ }.


error: المحتوي محمي