13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

حكاية قصيدة في عاشق الليل!

يصادف يوم الخامس من شهر شعبان ذكرى ميلاد رابع أئمة أهل البيت؛ الإمام علي بن الحسين عليه السلام. شخصية معروفة ومحترمة عند كل المسلمين وغير المسلمين. اشتهر بالعبادة والدعاء وخدمة الفقراء والمساكين وغير ذلك من أفعال البر والصلاح. جُمع كثير من أدعيته ومناجاته في كتاب "الصحيفة السجادية". حصلت له حكاية مشهورة مع شاعر معروف في الأدب العربي - همام بن غالب - المعروف بالفرزدق وذلك في مكة المكرمة أثناء طوافه بالبيت المعظم.

تحرك أحداث ومشاهد مشاعر الشعراء وينسجونَ على إثر ذلك قصيدة، وكلما كان الأثر أعمق تعالى الإبداع. حكاية القصيدة المشهورة ذكرتها مصادر التاريخ إلى حد التواتر والإجماع وهي كالتالي:

حجّ هشام بن عبد الملك فطاف بالبيت فجهد أن يصل إلى الحجر فيستلمه فلم يقدر عليه فنُصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه أهل الشام إذ أقبل عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب وكان من أحسن الناس وجهًا وأطيبهم أرجا فطاف بالبيت فلما بلغ الحجر تنحى له الناس حتى يستلمه فقال رجلٌ من أهل الشام من هذا الذي قد هابه الناسُ هذه الهيبة فقال هشام لا أعرفه مخافة أن يرغب فيه أهل الشام وكان الفرزدق حاضرًا فقال الفرزدق ولكني أعرفه قال الشامي من هو يا أبا فراس فقال الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاءُ وطأته * والبيت يعرفه والحلّ والحرمُ
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلمُ
يكاد يمسكه عرفانُ راحته * ركنُ الحطيم إذا ما جاء يستلمُ

يجد القراء الكرام القصيدة من مصادرها أو في الشبكة العنكبوتية وعلي بن الحسين عليه السلام هو رجلٌ تسالم التاريخ على جلالة قدره وعظيم شأنه. له سيرة جميلة ونوادر في الكرم والجود والعفو حتى إنه لم يختلف فيه اثنان. كان مولده عليه السلام في الخامس من شهر شعبان من السنة الثامنة والثلاثين للهجرة في المدينة المنورة. توفي في المدينة المنورة ودُفِن في مقبرة البقيع. 

في حكاية القصيدة شاهد على كرمه إذ بعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم فردها الفرزدق، واعتذر من قبولها، وقال: إنما قلتُ فيكم غضبًا لله ورسوله فردها الإمام عليه فقبلها. كان الإمام علي بن الحسين - زين العابدين - من عشاق الليل فإذا أرخى الليل بكلكله صف قدميه للعبادةِ والمناجاة شطرًا وشطرًا يطرق أبواب الفقراء والمحتاجين يُنعشهم بعطاياه.

ربما يود القارئ الكريم والقارئة الكريمة قراءة سيرته فهو دون أدنى شك يستحق التعرف على سيرته العطرة وبعض نوادر شخصيته الفريدة. من آثاره الجميلة "رسالة الحقوق" وهي أحاديث يستعرض فيها أكثر من خمسين حقًّا في مواضيع شتى مثل حق الله، والوالدين، والصديق، وأعضاء البدن، والصلاة، والحج، والصوم، والصدقة، والهدي، وغير ذلك من الحقوق.

روح صافية نقية، وعلم من أعلام المسلمين كان للفرزدق شرف مدحِه. وبمدحه اكتست القصيدة الرائعة حلةً من البقاء والخلود، لا يكاد يوجد شخص لم يسمع بها أو يحفظ شطرًا منها.


error: المحتوي محمي