
طيور تصحو من رقادها قبل طلوع الفجر، ومزارعو الدواليب يفزون من نومهم قبل يقظة الطيور، أرجلهم تقودهم نحو الجازرة، حارسة الماء، حين يبدأ ندح الماء يعزف المنجور موسيقاه المعهودة، أنغام تتصاعد والنجوم لم تزل تبرق في السماء.
همم معقودة على أعناق الثور، رفيق "السگاي"، كلما اقترب من "الجابية"وهبط "الدلو" في جوف "الركية"، يلتهم من "المطعم" المركون جانبًا لغفة "عومة - سمك صغير - مشبع بماء وتمر ممروس"، وما إن يمتلئ الدلو، يعجل به صاحبه بسحب الحبل المعقود في رقبته، لينطلقا معًا عبر "الخب"، نزولًا وصعودًا، شد وجذب بين حبل "الرشا والمنجور" احتكاك ملتحم بعزف متصل "نييين نييين" يجاوبهما الثور زفيرًا "بفففففف"، موسيقى تصدح من كل دولاب، أصوات تتداخل لحراك "جوازر" بلغ تعدادها قبل 100 عام 360 جازرة، تتباهى انتصابًا مثل فنارات تشع وهجًا بردح الأرجل وبأس السواعد، عزف يشنف الآذان ويطرب الوجدان فرحًا بسيمفونية الماء، رنين يسمع في كل أصداء جزيرة تاروت وعلى ضفاف البحر.
وعلى وقع "سرى من رأى" يتناثر الوصف سحرًا على لسان الحاج عبدالله علي العقيلي، باعثًا مشاهد ذات بهجة، وصورًا ضائعة في جنبات الزمن، جنائن خضراء يعيدها بفيض القلب حنينًا، وبإغماضة عين يسترجع السنين الخوالي عبر تنهيدة تلو أخرى: "يا محلى أيام الجوازر، هي في بالي ما أنساها، كأني أشوفها گدامي شوف العين، يا ليتها اتعود".
لقد أعاد الأمس صورًا حافلة بكل الشجن وكأن الماضي لم يزل حاضرًا محسوسًا، يرى عن قرب عبر مساراته الوصفية المتعددة، والممزوجة بمصطلحات شعبية موغلة في القدم قدت من كد وتعب وفن وبراعة، بثها نطقًا وتمثلًا لعوالم الزراعة، وبكل الشوق استرجع أمجاد "الجازرة" الموسومة بـ"حرفة إبليس"!
قلت له مستغربًا: "أبو حسن ليش وصفوها بهالوصف"؟ أجابني بنهمة حنين وبجمل متقطعة وسوف أنقل كلامه حرفيًا: "الله يسلمك، الجازرة شغلتها شغله، ما هو كلمن جاء قال باسويها، قدر يسويها، ماهي زي الغرافة بنيانها بسيط والكل يعرف ليها حتى في البيوت نصبوها، الجازرة صعبة وكل شيء فيها يبغى له أستاذ، من فتال لحبال ونجارة المنجور وتسوات الدلو، وبناي السواري والجابية والفليج والجصة، وفتال لحبال حق لرشا والسريح، وگلاع ونگال ورزاز "لنبوع"-جذوع النخل- وحفار الركية، ونقوة الفور الزين، لأن مو كل فور ينشد عليه العدة، بعضهم خايبين يبوخوا ويتعبوا ما فيهم خير، مو حقات شغل، حتى وقت شغل الجازرة يبغى ليها عباله ومتابعة، وإذا اتعطل أي شيء فيها يتوقف تصعيد الماء، هست دواليب تسقي على الغرافة لأنها ما تكلف شيء وهذولا قايمين عليها الفقراء اللي ما عندهم استطاعة يشيدوا ليهم جازرة، يعني تعداد الدواليب بجازرة وغرافة فوق الاربعمية -400- دولاب، بس الغرافة تگزر انهارك كله ماتسقي الا القليل لكن اذا اشتغلوا عليها افنين فلافة اتسعي بس اتعب واجد" .
بهذه الإجابة الموسعة سأنطلق موضحًا بتسلسل لما يعنيه الحاج عبد الله بن علي العقيلي، مع تأكيده بأن الجازرة قديمة جدًا، لا يعرف متى تأسست محليًا حيث يقول: "الجازرة ما أحد يعرف متى انوجدت في تاروت، وهذا دولابنا "لجويزرة" كنا قايمين عليه من سنين بالأكار ،من زمن جد جدي واللي قبله، ولا أحد يدري من هو أول جد كان گايم على هالدولاب، ولا منهو شيد الجازرة، بس جدودي كلما عتگت الجازره جددوا في أغراضها وبعض المرات يهدوها ويبنوها من جديد ماعدا الفليج، وٱخرهم ابوي وعمي حجي رضي بنوا جازرتين تسقي على ركية وحدة، وهات يشغل ، الماي عدل، يكت كتات ،لكن هالحرفة واجد تعيبة، يبغليها گومة وشومة،وهمة رجال واجد ، من چديه سموها حرفة ابليس ، وإذا اشتد عملها تفرح واجد ، وصوتها يأنس، ولولا الجازرة ماتعمرت كل هالدواليب اللي ذكرناهم من قبل ، ترى الجازرة ماهي موجودة إلا في تاروت والحسا والبحرين، أما القطيف بكبرها ما عرفوا إلا الغرافة، چفن الجازرة شقاها شقى، يبغى ليها سعة بال وصبر وخلگ واسع"!
قاطعته بنغمة المستغرب: "معقول يابوحسن على امتداد واحة القطيف الغناء والمشهورة ببساتين النخيل وكروم العنب، بأن الجازرة غير معروفة إلا في منطقة وحدة"!، يجزم بأنه لم ير شيئًا طوال حياته ولم يسمع من أجداده غير ذلك: "مافي جوازر إلا في تاروت"!.
وهنا ينبري سؤال مفتوح وبإجابة تخمينية ونظرة احتمالية: كيف وصلت فكرة الجازرة للجزيرة؟
بين البحث والتقصي ثمة مصادر تشير إلى أن بعض دول الخليج، اعتمدت في ري محاصيلها الزراعية قديمًا على الجازرة، ففي البحرين تسمى "الزاجرة" من زجر الثور، وهو محركها الأول، وفي سلطنة عمان والإمارات يطلقون عليها "اليازرة" -بقلب الجيم ياء- مع اختلاف بسيط حول بعض مسميات أدواتها وطرق تشييدها، لكن آلية العمل واحدة، إذن هل وصلت عن طريق البحر من البحرين، من عمان، من بلاد فارس، من الهند، من إفريقيا، وربما من أراض أبعد من ذلك، أم هي حرفة أوجدتها الحاجة وتطورت بفعل الزمن.
معلوم بأن السقاية بواسطة الحيوانات ومن ضمنها الثيران مارستها شعوب كثيرة منذ فجر التاريخ، فليس مستغربًا أن تمارس هذه الحرفة في أمكنة عديدة وتنتقل عبر الأسفار من بلد لبلد ثم تتطور في هيكلية بنائها، وكل شعب يجرى تعديلات أو يزيد تحسينات مع تتابع الأجيال والأزمان.
ومرة أخرى يتجدد السؤال: لماذا لم تكن في عموم القطيف بتعدد بقاعها الزراعية وانحصرت تحديدًا في جزيرة تاروت طالما الرحلات البحرية مستمرة والجزيرة على مرمى حجر من الواحة؟
سؤال حائر وإجابة ليست حائرة، فقد أدلى فلاحون بشهادتهم وبعضهم أحياء يرزقون، يؤكدون أن ثمة تقاليد بحرية كثيرة وأخرى زراعية عديدة وكذا "تأصيل" الحمير أي عملية تزواج مختارة بعناية لتأتي فصيلة قوية جسمانية، هذه وتلك اشتغالات ولدتها الحاجة وظروف المعيشة، لذا مورست أعمال في نطاق الجزيرة دون غيرها، ومن ضمنها حرفة الجازرة، هذه الحرفة الشاقة حينما تكون في أوج عطائها مع حراك الثور وهمة الفلاح يتسارع تدفق الماء جريانًا كنهر عبر "الجابية والجصة" فينساب خريرًا عبر السواقي واصلًا لضواحي الزرع.
ونتيجة للكد اليومي من سحب مضن ومستمر كل يوم، وعلى مدار عام ومع تغير الفصول من حر وبرد وأمطار تصاب بعض أدوات الجازرة بالعطب وأبرزها "المنجور"، بمجرد تغير نغمته المعتادة "نيين نيين" إلى صوت خافت يكاد لا يسمع "خخخخ" يطلق عليه "ضبع"، يصبح دورانه بطيئًا، حالًا يسارع الفلاح حبوًا على جذعي النخلتين "لنبوع" فاتحًا باعه، قدم على واحدة والأخرى على الثانية، إلى أن يصل عند طرفي النخلتين مقطوعتي السعف، ينتزع منهما "المنجور" واضعًا في وسطه قطعة حبل ويربطه جيدًا ثم يدليه على رقبته كالقلادة وينزل به بتؤدة سيرًا للخلف.
صناعة المنجور:
ينادى بـ"الگلاف" مصلح "المناجير" حجي "رضي الگندي"يعالج ما أصابه من تلف، حيث يقوم بترقيعه بقطع "وصلات" خشبية، وتغيير جلد "اللعيبات" تلك العصي البارزة كأسنان "الترس" وإصلاح المكسور منها، وبعد أن ينتهي من إصلاحه، يصنفره بـ"حجرة جرشة" ويقوم بترطيبه بدهن البقر، ثم يجرب المنجور أرضًا ليختبر مدى فاعليته قبل أن يصعد به الفلاح ويثبته ثانية في أعلى لنبوع ،"الگندي" شخص محبوب ولطيف المعشر يلبي طلبات أهل الدواليب، وهو عاشق لمهنته لا يذهب لبيته إلى أن يتم إصلاح المنجور الذي بين يديه، لا يؤجله تكملة العمل للغد، حتى لو غربت الشمس، يترك أدواته ويصعد فوق "الجابية" ويتجه نحو القبلة ويؤذن في الناس، وكم يعشق أهل الدواليب صوته، يقولون عنه "حليو صوته، منايري" أي جهوري ذو نفس طويل، بعد أن يفرغ من صلاته، يعكف على إتمام ما بقي من إصلاح المنجور لأنه يدرك مدى حاجة المزارعين لعمل الجازرة لأن التأخير ليس من صالحهم.
إن صناعة المنجور والدراجة المأخوذين أساسا من جذوع السدرة وتحديدًا من أسفل الشجرة لقوتها وصلابتها، يتم صناعتهما على يد شيخ "الگلاليف" رجل حريف يدعى "حجي .... لمروحن" في الأصل نجار فنان قدم من القطيف وسكن تاروت بعد أن تزوج من بنات محمد بن رزع، فعلى يديه صنع عديد المناجير بأحجام مختلفة، فالمنجور ثلاثة مقاسات صغير ووسط وكبير،
لكل واحد له ديناميكية مختلفة عن الآخر من حيث السرعة والتحمل. الصانع لمروحن أستاذ الأساتذة، "گلاف" خبير وكبير، كل أشغال النجارة مطوعة تحت يديه، وفي نفس الوقت مزارع بارع وبحار ماهر، لديه دولاب يسمى "أم چلوه" -شمال مغتسل مقبرة لمصلى- تزينه جازرتان شامختان، لا يخفت عنده صوت منجور ولا تتباطأ لديه دراجة، دائم الإصلاح والعناية بهما، البحر صديقه، يملك "حضرة" كبيرة الحجم، تسمى "لمروحنيه".
ومن صروف الزمان التي ألمت به، أودع سجن قلعة القطيف زمن الدولة العثمانية، وحين أطلق سراحه ليلًا، خرج متنفسًا هواء الحرية، عابرًا المقطع سباحة، وبينما هو راجع لسكناه بمنطقة أرض الجبل والدرب مظلم، ارتطمت قدمه بحجرة حادة صلبة فسقط أرضًا، أصيب بخدوش واحمرار في جبهته والمرفقين وفي إحدى ركبتيه ظل جاثيًا يتأوه وأراد أن يبعد الحجرة عن طريق المارة، راح يقلبها بفرح برغم الألم، حين قدم لأهله غير المتوقعين الإفراج عنه وبعد هول المفاجأة أخذوه بالأحضان، تلمسوا الخدوش التي أصيب بها، ظنوا بأنها ٱثار تعذيب على جسمه، أوضح لهم بأن ما أصابه نتيجة تعثره بهذه الحجرة التي اعتبرها هدية من السماء وأنه محظوظ حين تحصل عليها، حجرة صلبة من مرمر لونها بين الرمادي والبيج، حادة في إحدى جوانبها، جعلها "مسن" لجلخ أدوات الفلاحة "الچابية" التي قل قطعها مثل "الگدوم والمحش والمنجل والسچين والمسلاة"، سمع بها كل المزارعين، فكلما عطبت لهم أداة، حملوها وقدموا للحاج لمروحن فيصيرها بالحجرة الصماء احتكاكًا متسارعًا، فتصبح حادة لامعة جديدة وحادة القطع، حصاة نادرة أطول من الكف أطلق عليها الناس: "حجرة لمروحن".
صناعة "الدلو":
الدلو حامل الماء من جوف الركية فله أيد ماهرة وعيون بصيرة. يختار القصاب ثورًا وبقرة من حظائر المزارعين خاصة المعروض للبيع، مثل حيوان كبر في السن أو صغير كسول، فالذبح هو المصير المحتوم، يشترط الفلاح على القصاب بأن يعطيه جلد الحيوان المذبوح كاملًا مع "اودام من اللحم".
كل راض بالاتفاق اللفظي وهو اشتراط ساري المفعول بين القصابين والمزارعين وغيرهم. فالجلود لا ترمى أبدًا بل تباع، لأن لها استعمالات كثيرة، من ضمنها حمل الماء وتخزينه وصناعة الأدوات الإيقاعية (الطبل والطار) و(غطاء الجرة) المقوسة، الخاصة بخض الحليب ليتحول إلى لبن.
بعد أن يكمل القصاب مهمة سلخ الجلد عن الثور أو البقرة، يأخذه الفلاح ويضعه في "مطعم كبير" هو من جذع "فحال" لأنه أقوى النخيل من حيث الصلابة والسمك، حيز محفور فيه بمثابة حوض. يعبأ بالماء ويرمى على سطحه نثرًا "الجفت" الشبيه حجمًا "بصلم اللوز" والمجلوب من الهند والمعبأ داخل "أخياش"، يباع في سوق "الصكة" بالقطيف، وأيضًا متوفر في سوق تاروت عند الحاج أبو عبد الله الكوي "الفردان"، ليس معروفًا من أي شجر هذا الثمر، من صلابته يطحن داخل هاون من خشب وبعد أن يصبح مفتتًا، يأخذ بمقدار كفين ثم يرمى في المطعم المليء بماء الركية فيتحول للأحمر كلون الدم، يظل الجلد منقوعًا لمدة ثلاثة أيام.
يأتي الفلاح ليقلب الجلد داخل المطعم وبأظافره يتلمس ويتأكد من انحلال بقايا اللحم والشعر الملتصقين به، بقوله "طلق" خاليًا من الشوائب، "نضج"، تكمن أهمية غمسه بماء "الجفت" ليس التنظيف فحسب بل التعقيم ومتخلصًا من رائحة عفن اللحم والدم.
بعد ذلك يحمل من جوف المطعم ويرمى فوق سطح ماء الركية ويأتي الفلاح "يعاركه أو "يمارده" يفركه فركًا أشبه بغسل الثياب، يساعده رجل آخر لرفعه وفرشه على حصير يسمى "زاي" أو"حصير اغدان" وهو أكبر من الحصير العادي طولًا وعرضًا، وينثر عليه ملح لمدة يوم واحد من الصباح إلى غروب الشمس، ثم ينشر على"لمسقلب" وهو جذع عارضة بين قوائم زريبة البيت، ضمن المنطقة المكشوفة من الجانبين وليست المغلقة فقط ليتعرض للهواء بعيدًا عن الشمس، ويسمى "جلد مصلوب"، وبعد عدة أيام يصبح الجلد طريًا جافًا، قل وزنه وذو رائحة مستحسنة، يطوى كطي "البشت" ويحفظ في البيت ليكون بعيدًا عن عيون سراق الدواليب، كل هذه المراحل تسمى اصطلاحًا دباغة الجلود.
جلد جاهز صالح لصناعة الدلو على أيد ماهرة وليس كل رجل يستطيع عمل ذلك، يؤتى بالخبير المختص، وأبرزهم حجي على صالح العقيلي أبو أحمد، ويأتي من بعده الحاج حسن بن أحمد بن سالم أبو عيسى، والذي أتقن هذا الفن بمجرد النظرة الأولى هو الحاج عبد الله البيابي برغم أنه أكبر من الاثنين سنًا لكن عقله متفتح راح يفصل مثلهم فقط للدواليب أهله.
الاثنان العقيلي وابن سالم ماهران في صناعة الدلو، غيرهما اجتهدوا ولكنهم لم ينجحوا مثلهما، لأن المسألة تحتاج إلى دقة في التفصيل من وزنية الدلو وتساوي عمقه وحساب طي أطرافه وضبط مقياس المقبضين المتقابلين مثل كفي ميزان، وأي اختلال في كل ذلك يصبح الدلو بلا جدوى مهزوزًا، يتدفق منه الماء أثناء رفعه من الركية فلا يصل للجابية إلا بنصف حمولته، عندها يكون الجهد ضائعًا.
أما ضبط تفصيلاته وحسن حياكته يكمن نجاح صناعة الدلو وجاهزيته للعمل على أكمل وجه. يعد دلو الجازرة أكبر حجمًا من دلو الغرافة بمقدار مرتين، إذا يبلغ طوله 130×70سم وعمقه 30 سم "شبر وبطحه" أي طول اليد زائد عرضها.
وهو مؤطر عبر طي "چفسة" على مدار أطرافه يخاط بنفس الجلد عبر شرائح "مبرومة" بواسطة المسلاة،
يستبدل الدلو بعد مدة من الزمن يقارب عامًا ونصف العام، أو يرقع بين حين وآخر إذا هاجمته جوعًا سلاحف الركية ،"الجواعن" يقال إن الدلو صارت فيه "شنه" أي فتحة صغيرة نتيجة قرض قاعته أو إحدى جوانبه، ويغضب الفلاح إذا رأى أكثر من ثقب في الدلو يتسرب منه الماء خصوصًا إذا كان جديدًا، يتوقف العمل ساعة من نهار وينزل الرجال لخوض ماء الركية ويجمعوا جميع السلاحف صغيرها وكبيرها في "أخياش" ليخلصوها من البرمائيات العابثة، تحفر حفرة وترمى فيها وتشعل النار لتحترق كاملة لكن يعاد تخلقها من جديد!
الركايا والمساقي موطن للسلاحف والضفادع وكلما اشتد عودهم وهاجموا الدلو أحدثوا فيه ثقوبًا لكن النار في انتظارهم! الطريف إذا وجد ثور صغير السن لم يزل يتدرب على حمل دلو الماء ولم يتمكن من تجاوز فترة تدريبه بمجرد إطالة فترته أو من خلال بطء حركته غير المبررة يطلق عليه "ثور خايب" وإذا استنفدت جميع الحيل والمحاولات لتهيئته في مضمار الجازرة "الخب"، وأصبح ميؤوسًا من تعويده على العمل"ما منه فايدة "، عندها تكون سكين القصاب في انتظاره، مسلطة على رقبته، يذبح ويسلخ جلده قبل أوانه ويقول الفلاحون:
(كم من ثور سقى بجلد ولده)!.
بناء السواري:
وعن بناء السواري وهما ارتكاز نخلتي لنبوع، فلهما أستاذ بناء يشيدهما حسب رغبة المزارعين من حيث اختيار المكان، أي "الجرف المناسب للركية "، يتم التشاور
بين الطرفين عن كل الأمور البنائية، ينادى على الحاج رضي الصفار أبو علي -جد حسن علي الصفار أبو عادل- الذي يعتبر آخر أساتذة البناء المتعلق بالجازرة. يأتي مع رجاله الأربعة للعمل منذ الصباح الباكر، بعد أن تأكدوا من وجود الجص والحصى في عين المكان، وكلاهما يتم تحضيرهما بجهد مكلف.
للحصول على الجص، الذي عادة متوفر عند كل دولاب، حيث يقوم الرجال بترطيب الأرض وعجن أجزاء من التلال الترابية التي تفصل الدواليب عن بعضها نتيجة حفر الخنادق المائية، تراب يشبع بالماء ويتم تقليبه (تعطيفه) بالأيدي وتدوسه (تخبطه) الأقدام.
يترك في الشمس إلى حد اليباس لمدة يومين صيفًا وثلاثة أيام شتاء، ثم ينقل ويفرش على جذوع مصفوفة لتكون طبقة موحدة متساوية في الارتفاع، ثم توضع عليه جذوع لتكون شكلًا مخروطيًا يشبه منازل الهنود الحمر، وتترك فتحة لإدخال العصي اليابس والكرب والأغصان الجافة، تشعل النار، ويظل أوارها لمدة يوم كامل إلى أن تنطفي وحدها، وبعد أن يبرد التراب الطيني المحروق مع رماد الجذوع يصير جصًا لونه بني مشوب بحمرة جاهزًا للبناء هذه العملية تسمى بـ"حرق الصيران".
أما نقل الحجارة قبل اكتشاف الحصى البحري فيتم التنقيب عنه بواسطة "الصخين" بين تلال وهضاب الرفيعة جنوب غرب مسجد الخضر، جنوب الربيعية -شمال حي الأندلس-، الحمالون يهدمون جدرانًا أثرية لبقايا مساكن قديمة مطمورة تحت "الرفاعات" فيحصلون على حجر يسمى "صلبوخ"، يمتاز بالطول والصلابة تحمل الحجارة داخل صناديق خشبية (مناقل) التي صنعها "الگلاف" بعد أن شذبت جذوع الأشجار القوية ويتم نقلها بواسطة الحمير.
كل حمار يرفع ثلاثة (مناقل) بين جنبيه وعلى ظهره، تفرغ (الصلابيخ) وتصف وتلحم بواسطة الجص ومع اكتمال بناء السواري تبنى معه التصاقًا (الجابية) وهي حوض مستطيل لها فتحتان جانبيتان أو فتحة واحدة لخروج الماء عبر (الجصة) الذي يتجاوز طول بنائها بين 4 إلى 5 أمتار موصولة بخندق ترابي ضيق لا يتجاوز عمقه 40 سم ليتواصل تدفق الماء ليصل لضواحي الزرع.
ويحضر المثل المتداول عند أهل الدواليب: (ابن الجصة وبيع ثور، وچدها وعطشها دور)، والقصد من هذا المثل الزراعي، إشارة إلى من يملك أكثر من ثور أو لديه ثلاثة،
بأن يقوم ببيع واحد ومقابل ثمنه يعمر الجصة الضرورية لانسياب الماء "وچدها" اهتم بإتقان بنائها و"عطشها دور" لأن عملية البناء إلى حين وقت يباس الجصة ستعطش ضواحي الزرع لأن الماء متوقف لكن المسألة وقتية.
بعد أن تمت عملية صنع المنجور والدراجة والدلو وبناء السواري وجدار الفليج والجصة يأتي الرابط بينهما وهما (حبل لرشا وحبل السريح) اللذان يشبهان "سيور الماكنة" هما المحركان للجازرة، الأول أكبر سمكًا وأطول مسافة، الثاني يساوي ربع الأول طولًا ونصفه سماكته.
صناعة الحبل :
تمر صناعة الحبل بعدة مراحل من التحضير والإعداد والتجهيز للوصول لحبل يؤدي الغرض من صناعته، ويطلق على هذه العملية إجمالًا بـ(فتال الحبال)، أي الحصول على حبل متماسك بغض النظر عن سماكته وتسميته وأطواله.
أنواع الأحبال:
هناك تسميات عديدة وأغراض متعددة من ضمنها، حبال "خزام" - وحبال "سفة" وحبال "حچمة" لتخزيم العجل منعًا من توحشه، وللبقرة يوضع على رقبتها حبال "أعذار' زينة وحبال لواچة -بضم حرف اللام- ترويضًا ومنعًا من اندفاعها بغتة، وحبال "السفة" حتى لا تشرب من ضرعها، وحبال "مرس" أو حبال "حومال" الذي يسمى "مكحول" الخاص بربط الأغراض الثقيلة التي توضع على ظهور الحمير، وحبال خاص لشد وربط مراحل الخوص المليء بالمنتجات الزراعية التي توضع على ظهور الحمير يسمى حبال "عچومة"، أما حبال "مليط" مخصص لتحدير عذوق الرطب من أعالي النخيل، وحبال "كمبار" وحبال "بي" يستعمل "للدماليج" التابعة لسقف بيوت العشيش أو ما يسمى "للشار"، وحبال رفيع إلى "السيجة" الخاصة بالكر التي يستند عليها الفلاح أثناء صعوده وهبوطه من النخلة، أما حزام الكر من حبل قوي مفتول ذي "ثلاث ميالات" معقود بـ"اربك" عروايتين الرابطتين بين "السيجة" والعظم أي الحزام، واحدة طليقة والثانية مقيدة، وحبال الكر "يتمروه"بوضع التمر ويفركوه فركًا ليتماسك مع بعضه بعضًا، تمامًا مثل حبال "الرسن" الخاص بربط الحيوانات بدل التمر يوضع عليه أوراق البرسيم "الگت"، لشد نسيج شعيراته.
أما حبال "الرشا" وحبال "السريح" الخاصين بالجازرة فيحتاجان لأيد ماهرة، وكل يد لها دور معين في عملية التصنيع.
يؤخذ الليف من نخلة الخنيزية أو "الفحال" والأخير هو الأقوى والأفضل وخصوصًا عند المنطقة المحيطة بالجذب -قلب النخلة- ليف طري ذي لون أبيض كلون الجذب.
علمًا بأن ليس كل نخلة يكون ليفها صالحًا لإنتاج الحبل، مثل نخلة الخلاص المفضل رطبها على باقي النخيل لامتياز طعمه على سائر الرطب، لكن ليفها سيئ وبجملة تذمر على لسان المزارعين "لخلاصة ليفها باطل مجدع مايطيع" بمعنى من الصعب أن يصير حبلًا، وتماثله في سوء ليف نخلة "خصبة لرزيز"، أما باقي أنواع النخيل يتراوح ليفها بين المتواضع والجيد والجيد جدًا، مثل "لسلوس" وغيرهم، يظل "الفحال" -ذكر النخلة- سيد الليف ليس لقوته وشدة تماسكه فحسب إنما لملمسه الناعم "لبيب " حيث يمتاز بالعرض والطول قياسًا على باقي سائر النخيل، ومن ليفه يتم صناعة حبل لرشا والسريح وذلك عبر المراحل التالية:
لحظة اقتلاع نخلة ما لطول فارع فيها فتصبح قابلة للسقوط في أية لحظة خصوصًا مع اشتداد الرياح فيتم التخلص من خطرها والاستفادة من كل جزء فيها، أو لحاجة ماسة "للفحال"، بعد أن يرمى أرضًا، يشذب "الجذب" بعناية للتمتع بأكله ونزع الليف المحيط به،
يؤخذ وينشر على إحدى عوارض "المسگلب" هو الجزء المفتوح من الزريبة، مسقوف وليس مغلقًا، مفتوحًا في الجوانب، من أجل الظلال، حتى لا يتعرض الليف لليباس بفعل الشمس "لايحطب" لأنه متماسك مع بعضه البعض، بعد ساعة من نشره، يوضع في حوض "الجصة" الممتلئ بالماء أو تحت جرف الركية فوق حجارة نصفها غاطس، يترك حوالي ساعتين منقوعًا، ثم "يشدق" أي يتم شده من الجانبين وفي الوسط بهدف تليين جميع أنسجة قطع الليف، وحين يرفع من الماء يضرب على "الجصة" أو حجرة صماء لفتح مساماته.
وبينما هو رطب يتم مزعه على شكل قطع صغيرة وكل قطعة تسمى "مزعة" ناعمة، ثم تلف بواسطة ضغط وفرك الكفين بين بعضهما بعضًا وتسمى "مياله"، طولها "ذراع" أو نصف ذراع، والميالات أنواع: رفيعة ومتوسطة الثخانة وغليظة، حسب نوع الحبل المراد تصنيعه، يقوم بهذه المهمة بين ثلاثة إلى خمسة أشخاص كل وحد بجانبة ٱنية فخارية صغيرة ممتلئة بالماء كلما أخذ "مزعة" بللها ليسهل لفها على بعضها بعضًا بشكل أسطواني مثل "قلم القدو"، يشدها من أطرافها "الرأس والذنبة".
بعد مدة من الزمن تتراكم بجانب كل واحد "كومة ميالات"، ويقال بأن أبسط شغلتين في صنع الحبال هما "التشديق" وعمل "الميالة" لكن الأخيرة ضرورية جدًا بل هي الأساس للانتقال للمرحلة الثانية.
يتم تجميع "الميالات" والعاملون جلوس تحت ظلال البمبرة اتقاء حرارة "الگيض"، يبدؤون بعملية ربط الميالة بالأخرى تحت باطن الكفين الملتصقتين وبحركة احتكاك صعودًا ونزولًا أشبه بالبرم "يحيس المياله بالچفين" وبجوار كل واحد منهم "محش" لقص "الشريع" أي الشعيرات الزائدة، ليكون الملمس ناعمًا، هذه العملية تسمى بـ"فتال الحبال"، يبدأ الحبل بالتمدد كلما وضعت ميالة جديدة وعندها الحبل يكون مشدودًا بين قدم الرجل ليصبح الحبل متماسكًا.
يتصاعد الضحك ويتعالى المزاح ويردد الحاج رضي العقيلي (تحت البمبرة براد يسچر) أي منعش، مع تناول "ارطيبات" وشرب "لبينه باردة" تنتعش الأجساد فتنتج الأيدي الماهرة لفات حبل يضع كل "فاتل" اللفة وراء ظهره، يتواصل "الفتل" حسب الطول المطلوب إنها عملية تحتاج لجهد وحساسية أكف وشطارة في عملية "البرم".
يرفع العمل ليلًا ويكون في أحد مجالس بيوت الفلاحين، وهذا هو مجلس بيت الأخوين حجي رضي وحجي علي العقيلي والد وعم أبو حسن بن علي العقيلي ساردًا كل هذه الأجواء المفعمة بالعمل والحكايات العذبة.
يستقبلان رجال "الفتل" بترحاب وسلامات مودة، يجلسون وأصابع الكف مهيأة، كفوف تمزع الليف وأخرى تميل والخبيرة تفتل، ومع السوالف يحلو السهر، عملية "فتال الحبال" المراد صنعه وبسبب طوله وحجم سماكته يحتاج فيه العاملون لأجواء من المسرة والانشراح، ترويحًا لنفوسهم حتى لا تكل ولا تمل، يشاركهم في الحضور شباب الفريق فهم يسألون متى الفتال، يصلهم الخبر بلهفة "الليلة عندنا فتال، حياكم".
يأتي أول الحاضرين بعد تناول وجبة العشاء الحاج أبو معتوق علي ٱل بدر، الذي يمتاز بالظرافة وحس التنكيت والمداعبة، يشاطره تعليقًا وحماسة صديقه أبو علي ٱل مطر، وكأنه شريك معه في كل واد يهيم به أبو معتوق الذي لا يمل من خلق قصص وهمية من بطولاته سواء في البر أو البحر، يسرد أجواء لا تصدق من غرابتها البعيدة عن المنطق، وبين لحظة وأخرى ينفجر المجلس ضحكًا بأسلوبه الممتع -هم يعلمون علم اليقين أن الكلام مجرد "اشلاخ" أي من وحي الخيال، لكنهم يطلبون المزيد، وإن اعترض عليه أحد ليستوضح شيئًا لا يصمت ولا يتكلم،
يقول لهم: (هاه أكمل ولا أسكت)، هم مسرورون يريدون معرفة نهاية كل "شلخة"، يدفعونه بصوت جماعي، "كمل يابو معتوق"، يواصل عبر خياله الخصب في نسج حدث أغرب من الثاني، وهكذا ينقضي الوقت تحت عرائش ليالي الصيف دون أن يشعر أحد وعند "قريبات خلف عتمة" أي قبل منتصف الليل، ينفض المجلس بعد أن تم إنجاز حبل سميك "متين" طوله مقدار ثلاثون باعًا.
اكتمل حبل ملتف على بعضه بارتفاع أكثر من متر ونصف، في الغد تأتي المهمة النهائية والتي لا يتقنها إلا المعلم الفنان.
في صبيحة اليوم التالي يعاين الأخوان الحاج علي بن علي العقيلي والحاج رضي علي العقيلي الحبل الذي اكتملت مسافة أطواله خلال ثلاث ليال في رحاب مجلسهم العامر بالعمل والضحك وتناول أقداح الشاي والقهوة، ثم ينقلانه إلى دولابهم "الجويزره" على ظهر الحمار.
يقوم الحاج رضي بربط الحبل بمحيط نخلة ويبتعد مسافة معينة والحبل في يديه لمسافة تقدر بخمسة أمتار ثم يوزع أجزاءه على ستة رجال كل منهم ممسكًا بعصاة مثبتة بعلامات من "عگب" في الحيل، وكل يشد والأستاذ ساحب "الگلب " الٱتي من النخلة شدًا قويًا، ثم يلف الحبل على "الگلب" من الرجل الأول الذي يساعده في اللف بواسطة العصاة -الاثنان يلفان-، ثم ينتقل للثاني وصولًا للسادس وفي كل مرة يلفه بشكل متساو حتى لا تكون أي لفة مرتفعة عن الأخرى، "لايكون الحبل متروكب لازم يصير كله سمتة وحدة"، يتكون في النهاية حبل مجدول مكون من 6 أحبال ملفوفين على حبل في وسطهم، صار أقل طولًا وأكثر سماكة، في البداية كان طوله 30 باعًا وأصبح 15 باعًا، وبمصطلح المزارعين "6 امتوح وگلب"، هذا هو "حبل لرشا" البالغ سمكه 14 سم، لأن الحبل الواحد سمكه 2 سم، بسبب ثخانة "الميالة" الواحدة من الأساس، دون "ميالات" الحبال الأخرى.
حبل "لرشا" حبل متين يتحمل شد سحب دلو الماء من جوف الركيه، هذا الجهد المضن نصفه يكون مع حبل "السريح" الماسك قبضة الدلو الثانية، إنتاج حبل يحتاج لحرفنة من مختص وليس كل واحد بقادر عليها إلا الخبير والمدرب والشاطر والفاهم في "الشغلة" التي تسمى "كسار لحبال" وخصوصًا الحبال السميكة كحبل "لرشا" أما صناعة الحبال الأخرى المكونة من "متح وگلب أو متحين" أي حبلين فالأمر أقل عناء، لكن إجمالًا كل "كسار الحبال" يحتاج لخبرة وفن وعين بصيرة مثل حرفنة الحاج رضي العقيلي "نوخذة كسار الحبال ".
يقال في عرف الأولين حول مهنة "الفتال" مثل متداول فيما بينهم (كل من اعمي فتل حبال) مثل يعكس ذلك الواقع، بمعنى أن رجالًا تدربوا على مهن كثيرة من ضمنها هذه المهنة، بينما الأمراض تقف لهم بالمرصاد فيفقد بعضهم بصره لكنهم لا يفقدون شهوة العمل، يسعون لكسب رزقهم ولو عن طريق "فتال الحبال" أي صناعة حبل متنوع المقاس والسمك ليكون جاهزًا عند الطلب، ذلك زمن كان الحبل يدخل في كل مناحي حياة الناس.
وأي صورة ملهمة فعلها "حبل السريح" بطالب علم؟.
يحكى أن شابًا سافر لطلب العلم، اغترب عن دياره لمدة سنتينولكنه رجع بخفي حنين! بكلمة شعبية (لم يولف شيء، ماقبض من العلم أي شيء)، أحذ يدور هائمًا على وجه يضرب كفًا بكف، بينما الٱمال كانت معقودة عليه من قبل أهله وجيرانه وعموم بلدته، وبينما هو كذلك مر على أحد الدواليب، واقترب من "الجازرة" وهي تعمل في حراك مستمر، عاين عن كثب كيف فعل "حبل السريح" في بناء الجصة حيث ترك خطوطًا محفورة وعميقة على حافة سطحها المدعم بالصخر الصلب، راح يتأمل المشهد بعمق وتفكر، تنهد طويلًا وأنشد شعرًا:
(الحبل وترداده وفي حجر الصميم قد أثر)! أخذ يخاطب نفسه: إذا أنا ذهبت لبعض الوقت واستعجلت الفهم فلن يأتيني العلم بين ليلة وضحاها، لماذا لا أصبر وأكافح حتى أستوعب وأحاول بدل المرة ألفًا في ترداد المعرفة كما الحبل الذي ترك آثارًا في الحجر الأصم، عاد ثانية لطلب العلم متحديًا كل الظروف ناسيًا الزمن الذي سوف يقضيه في غربته، متحليًا بالصبر لآخر نفس، بعد حين من الزمن تجاوز عقدًا ونيف عاد لبلدته وقد أبيض شعر رأسه بينما نور العلم يتلألأ من محياه رضًا ونورًا، وعمامة العلم تاج على رأسه لا يراه إلا الكسالى، رجال الأمس لا يندبون الحظ سعوا في مناكب الأرض، لا ضرير جلس ولا طالب علم تراجع.
جاء في الأثر:
"من يعمل جاهدًا حتى لا يكون عبئًا على الآخرين ويأكل ما كسبه من عمله فهو يستحق محبة الله".
تحية وشكر للإخوة:
حسن (فيصل) عبدالله علي العقيلي، وحسن علي ٱل بدر، لتبيان وتوضيح بعض المصطلحات الزراعية. والشكر موصول للأخ حسن علي العصيص المتفاني حبًا للماضي التليد وفي تهيئة أجواء وأغراض الفتل برفقة الحاج حسين رضي محمد البدراني عاشق النخيل الذي قام بتطبيق عملي لعملية فتل الحبال أمام أعين الحاج عبدالله علي العقيلي وأنظار جلاسه.