المقصود: لقد وصل بعصاته.
تلك أهزوجة احتفال أهل “الديرة” بوصول عامل الكهرباء عند قدومه من داره غير البعيدة في “الجُمَيمَة” ممتطيًا مركبة الشركة لإعادة التيار في “الحَطَبة العامة”؛ ذلك نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات الفائتة في بداية الربط الكهربائي الحديث وانتهاء عصر اشتراك “المواطير الأهلية”.
“الديرة” هي مجموعة أحياء العوامية القديمة، و”الحطبة العامة”: (العمود الخشبي الحامل لمحول الكهرباء) الواقع في طرف “الفُتَيَّة” وهي سوق وساحة البلدة العتيقة، حيث ركن التقاء (المُسَوَّرَة، المُنيرة، كربلاء، الرحَيل) إضافة لـ”فريق الشملِي” البعيد نسبيًا؛ الآن أزيلت تلك الأحياء “من ساسها”، اصبحت أثر بعد عين، وتغيرت معالمها بعد نزع ملكيتها لتأسيس مشروع ترفيهي تجاري.
اللافت أن أسفل “الحطبة” تقع “السَمَادَة” (تجميع الخمام أو القمامة) في عصر عمال البلدية من الأهالي، كان تجمهرًا عفويًا “يتَانِي” عودة التيار بترقب وحماس؛ يكون ذلك ليلًا بعد المغرب (وقت ذروة الأحمال وحاجة الناس).
الانتظار وقت مستقطع لمناقشة أحوال العالم وتبادل أخباره وحروبه وسياساته وتنبؤات مآله، أحدهم مولع بالراديو الذي يستقي منه شحنات القومية وأحوال حرب الاستنزاف على ضفاف قناة السويس، يطرح أفكاره وتنظيراته قائلًا: “ليش العرب ما يشفطوا إسرائيل بالقهرب ويسووا فيهم زي ما سوّى هتلر؛ حطهم في أفران وطلّع منهم زيت شغّل الدبابات”!
في الأثناء يصعد الرجل “الكهربائي” بالدرج ليمد العصا الخاصة باحترافية؛ فَيفصِل ويُوصِل، هنا يعود التيار مصحوبًا بالانبساط، النسوان في البيوت بعد قهرهن قائلات: “ما ورا ويولّع القهرب”، عندها يغادر الجمع “هاشًا باشًا”، بعد استطلاعهم وإفراغهم ما في جعبتهم من “سوالف” وتنفيس ونقاشات وحلول!