زرعوا.. فأكلنا.. نزرع.. فيأ كلون

اصلح نفسك تصلح جيلًا كاملًا

كان الأب يسير مع ابنه في طريق وعر وكان يلتفت إلى ابنه ويقول: “انتبه يا بني”، رد الأبن قائلًا: “انتبه أنت يا أبي أمامك، فأنا أسير خلفك”.

فحياتنا كبركة ماء كلما زاد صفاؤها كلما كان انعكاس الصورة أكثر وضوحًا، وإذا تعكر الماء جعل الصورة غير واضحة.

الكل واثق كل الثقة أن الالتواء والنقص والخلل في حياته يأتيه من الغير لا من نفسه، ولذلك لا ينفك يتبرم ويعمل جاهدًا على إصلاحه، أما نفسه فلا يحاسبها في كثير أو في قليل، هكذا يتبرم الآباء بالأبناء، والأبناء بالآباء، ويتبرم التلميذ بمعلمه، والمعلم بتلميذه، وهكذا في كل علاقة تقوم بين إنسان وإنسان، أو بين جماعة من الناس، فالكل يرجع ما في حياته من ضيق وضنك، واعوجاج وانزعاج إلى انحراف في سلوك الغير معه، ولا يعترف بأن ذلك هو انحراف في سلوكه مع الغير، فهو وحده في سبيل الحق وغيره كلهم على خطأ وباطل.

ولذلك لو بحثنا عن السبب فيما يعانيه عالم اليوم من قلق وتشويش واضطراب وفوضى، لوجدناه يعود أولًا وآخرًا إلى رغبة الناس في إصلاح غيرهم من دون أن يفكروا في إصلاح أنفسهم، فكأنهم ما فطنوا بعد إلى حقيقة بسيطة وهي أن الإصلاح لا يقوم بغير الصلاح، ونخص بذلك الآباء والمربين ومن يقومون بدور النصح والتوجيه، فهم الأولى بالإصلاح وهم من يقع على عاتقهم تربية الأجيال.

فأنتم المرآ ة التي تعكس الجمال، وكلما كانت المرآة نقية كانت الملامح واضحة لجيل واضح الملامح بصورة غاية في الصفاء، ومن هنا سوف أوجه عدة رسائل:

الرسالة الأولى إلى الآباء والأمهات، فالبيت والأسرة هما الحاضنة الأولى.

أبناؤنا أرض خالية نحن من نزرع فيها ونحن من نحصد ثمارها.

هناك مثل يقال الزرع يطلع على بذره.

قال الإمام علي لولده الإمام الحسن (عليهما السلام): “إنَّمَا قَلْبُ الحَدَث كالأرْضِ الخَالِيَة، ما أُلقِيَ فِيهَا مِنْ شَيءٍ قَبلتْهُ، فَبَادَرْتُكَ بالأدَبِ قَبلَ أن يَقسُو قَلبُكَ، ويَشْتَغلُ لُبُّكَ”.

فنحن من يحدد سلوكيات أبنائنا السلبية والإيجابية

لا تقل ما أقدر أغير سلوك ابني السيئ، غيِّر سلوكك وطريقتك يتغير سلوك ابنك تلقائيًا.

أبدع سوف يبدع أبناؤك، تفوق في عملك سيتفوق أبناؤك في دراستهم، نحن عندما ننجح ينجح أبناؤنا.

مرة ابنتي الصغيرة قالت لي: “ماما عندما تضحكين ضحكتك تشبه ضحكة الوردة”، فأيقنت أنه حتى الابتسامة والضحكة التي تصدر منا تعلم أبناءنا معنى الجمال.

الرسالة الثانية إلى المعلمين والمعلمات.

المدرسة هي الحاضنة الثانية.

يا من حملوا الأمانة العظمى، ورسالة الأنبياء، يا منارات العقول.

أنتم من تقع عليكم مسئولية الأجيال في البناء أو الهدم.

فاي تصرف خاطئ سواء كان مقصود أو غير مقصود يهدم شخصية الطالب ويؤثر فيه وفي مستقبله.

أتذكر عندما كنت في صف أول متوسط في حصة القواعد، طلبت مني المعلمة إعرابًا من على السبورة، أخطأت في إعراب بعض الكلمات، طبعًا المعلمة خلتني واقفة وهزأتني.

وأتذكر حتى هذه اللحظة كلمة قالتها لى: “انتي ما بتفلحي أبدًا”، مع إني كنت من المتفوقات لكن هده الكلمة أثرت في كثيرًا وخلتني أكره القواعد، فالمعلم له دور في أن يجعل الطالب يحب المادة أو يكرهها.

الرسالة الثالثة إلى المجتمع، فهو الحاضنة الثالثة بعد البيت والمدرسة.

فالمجتمع مسؤول عن أبنائه وعن نجاحهم وعن فشلهم.

كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.

لا يوجد شخص معاق بل يوجد مجتمع يعيق.


error: المحتوي محمي