العقل مداراة.. الناس

قال الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، آل عمران ـ آية ١٥٩.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “لا تحقّرنّ من المعروف شيئًا ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق وبشر حسن”.

المداراة هي فنّ الإرضاء، حيث تعطي فكرة طيّبة عن صاحبها، كما وأنّها تصل بسهولة إلى القلب، وبمعنى آخر إذا وضع الشخص في اعتباره عند كلّ تصرّف شعور وإحساس وحقوق الآخرين، فإنّ ذلك يمثّل البداية الصحيحة لأصول اللياقة.

ويستطيع الإنسان بمراعاة مشاعر الآخرين أن يحقّق نجاحًا اجتماعيًا في التواصل.

وقد روي عن الصادق عليه السلام عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله قوله: “مداراة الناس نصف الإيمان والرفق بهم نصف العيش”، إذ بالمداراة تحصل استمالة القلوب، وبها يحصل احترامهم، بل والتوقّي من شرّهم، بل جلب قلوبهم وعقولهم إلى الإيمان.

وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “كونوا دعاةً للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاة والخير، فإنّ ذلك داعية”.

والمداراة تقتضي خلقًا حسنًا يؤثر في الآخرين، يؤالفهم ولا ينفرهم، يؤاخيهم ولا يبعدهم.

إن المؤمن هين لين، يألف ويؤلف، بشره في وجهه، عفو حليم، رفيق صادق، صابر كاظم للغيظ، ونجد أن مما يجمع لنا هذه الصفات كلية: خُلُق المداراة.

وقد يشتبه على البعض فيقول إن هذا نوع من أنواع النفاق، وليست المداراة من النفاق، لأن النفاق هو أن يكون الإنسان ذا وجهين، يلقى صاحبه بوجه ويغيب عنه بوجه، بينما المداراة هي اللين مع الناس.

ونحن في زمن صعب مليء بالمتغيرات وقلب الموازين والحقائق، نحتاج إلى منهجية المداراة والكلمة الطيبة، فالكلمة الطيبة في زمن الجفاف أعذب من الماء البارد، وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا.

كل شخص تقابله كافح معركة في حياته لا تعلم عنها شيئًا! فكن بلسمًا للجراح دائمًا، ولا تكن علقمًا تزيد الجرح عمقًا.


error: المحتوي محمي