
التأثير الروحي و الدعم النفسي الإيجابي هو حصيلة ملازمة القرآن الكريم وتدبر معانيه، فتلاوته تعني تأملًا وفكرًا واعيًا بمضامينه ومراميه الراقية، فملامح راحة النفس والطمأنينة الناشئة من فهم الواقع والحاضر من خلال ما أجراه الباري من سنن كونية تجري على العباد، وأهمها حقيقة الرحيل وعدم تمتع أحد بالخلود والدوام في دنيا فانية، يصوب فكر المؤمن ووجدانه نحو العمل المثابر الخالي من الخمول والتسويف، يمم وجهه نحو رضا الله تعالى والاستعداد ليوم الجزاء والحساب الدقيق، مما يكسبه مناعة سلوكية وفكرية تقيه من الانزلاق في الخطايا.
المدرسة القرآنية التربوية تصون النفس من الجفاف الروحي وقسوة القلب، فما تعانيه البشرية اليوم من انعدام للإحساس بالآخر وغلظة في التعامل مع الآخرين، وتحول الإنسان المشبع بالروح المادية إلى آلة للعمل وجمع المال وبذله في إشباع النزوات، لهو أشد خطر وفتك من أقسى الأمراض وأفتكها، إذ إن فقدان الأمان النفسي المتمثل بالطمأنينة والأمل بالتغير الإيجابي في الأوقات الحرجة والصعبة ينغص العيش ويسلب الراحة والاستقرار، فعقله يعمل وفق المعادلات المادية فقط، ولا يوجد في جعبته أي جنبة إيمانية تصبره على مواجهة التحديات وتجاوزها.
وإن من مصادر الفخر والاعتزاز أن ينشأ أطفالنا وشبابنا في كنف الأسرة والبيئة القرآنية والمتوجهة بقيمه وتعاليمه، فذاك ما يكسبه قوة إيمانية وبصيرة في قوله وفعله، فما أجدر بنا أن نعمل على صياغة شخصياتهم وفق هذا الدستور الأخلاقي والثقافي والاجتماعي، فتنشئة الطفل والشاب وفق شخصية قوية تتمتع بقدرات علمية ثقافية وعملية يسهم في شقه لطريق النجاح والفلاح في الدارين، والتمتع بحيوية ونشاط وهمة في العمل ومواجهة التحديات والصعاب، فلا يقنط إن ارتكب خطأً أو صدر منه تقصير فهذا أمر وارد في لحظات الضعف، وما هو مهم هو امتلاك إرادة الاعتراف والإصلاح.