
أصبح كثير من الأطفال والمراهقين أكثر انجرافًا وراء الفاشينيست والفاشينستات بشكل قوي وسريع، و صار طموحهم الواسع أن يصبحوا يوتيوبرز وسنابرز (فاشينست) اكثر من أي شيء آخر،
بالتأكيد الأمر مغرا جدًا، فالشهرة والمال الوفير والسريع لمادة سريعة الانتشار لا تحتاج إلى استديو أو فريق إخراج ولا واسطة إعلامية، وجل التكلفة الأولية تنحصر في موبايل قد لا يكلف ألف ريال.
عمل يقوم به فرد أو فردان بالكثير يجمع بشكل متزايد عدد متابعين مهول من “الفانز” المعجبين وبسرعة عجيبة جدًا، والأهم من ذلك كله أن شركات ومحلات ومطاعم تغدق المال والهدايا عليهم مقابل تسويق منتجاتها.
لذلك لا عجب عندما ينهبل الأطفال بالهدايا ويجن كثير من الكبار بدعوى مواكبة الموضة.
ويبدو أن مشاهير السناب ويوتيوب قناصين للفرص، فإحصائية يوتيوب بالمملكة لعام ٢٠١٥، والتي أعلن عنها بمؤتمر “جوجل” بأننا أكبر مستهلك محتوى في موقع يوتيوب، بواقع 90 مليون مشاهدة يوميًا، كما أن 96% من مستخدمي شبكة الإنترنت في السعودية يستخدمون يوتيوب، و7 ملايين من بينهم رفعوا على الأقل فيديو واحدًا خلال حياتهم.
يعني أن جماعة يوتيوب والبالغ عددهم ٤ ملايين حساب نشط سعودي استغلوا الفرصة وأصبح لهم نصيب الأسد بعد التطبيق الأشهر في السعودية «سناب شات»، والذي صُنفت السعودية الأولى عربيًا في استخدامه من الشركة الأم.
كما أن هؤلاء المشاهير وحسب كلام أحد الخبراء في مجال الإعلان أن متوسط قيمة الإعلان لدى مشاهير السناب فقط يقدر بـ 8500 ريال سعودي مقابل 6 سنابات مدتها دقيقة واحدة، يعني ربع مليون ريال بالشهر!!
برغم ذلك كله يعلم المستهلك الواعي بأن معظم المنتجات تقع في مزاد ترويجي للشخص نفسه أولًا ويليه للشركات، إلا أن ذلك يمشي على حساب عقلية المستهلك الصغير الذي يتابع بشغف هذا المروج الذي يعتقد بأنه صادق أمين.
فلو عرض اليوتيوبر او السنابر زجاجة عطر لشح العطر من السوق حتى لو كان ذلك المنتج رديء أو دون المستوى من بقايا بضائع البازار، وبالرغم من ذلك لا يفقد بعد ذلك مصداقيته!!
ولنكن منصفين، فلو اخذنا الجانب التسويقي الذي هو حقًا أسلوب ذكي وبارع لأفراد كثيرين لا يحملون شهادة في مجال التسويق، برعوا في استخدام السوشيال ميديا والتي بالمقابل مدتهم بكل التسهيلات والمؤهلات والعوامل للتسويق الصحيح.
أضف إلى ذلك عوامل أساسية في شخصية الفاشينيست والتي تؤثر في قابلية المتلقي مثل عامل السن والمظهر والأهم أسلوب الحديث، و لا يجب أن يؤخذ كلامي كثناء على عملهم بل على أسلوبهم التسويقي فقط.
إذا أصبح الفاشينست هو المثال الحاضر والقدوة في الأعمال والتصرفات، وباتت الشخصيات الاثيرية صاحبة كلمة لمتابعيها، ليصبحوا نسخة منها تتكلم مثلها لا من وحي بيئتنا وتربيتنا.
ما ندركه أن الفاشينست يعمل بالتأكيد وفق مصالحه الخاصة أولًا، وحتى مثاليته التي يصورونها هي مثالية محدودة بالعالم الإلكتروني الأثيري ليس إلا.
لتغدو القدوة مختلفة ومتغيرة تواكب التحولات الإلكترونية حتى بات الأمر واقع ومهم ويستحق التوقف عنده والتفكر فيه، لنقرر ماذا يدخل منزلنا من مواد وماذا يجب أن يشاهد أولادنا من دعاية موجهة وإلى أين هم متجهون؟!
ففي كل حلقة مغرية سريعة فكرة غير قابلة للهضم تغلغل بعقول أولادنا، لذلك تأتي خطوة إلزام “المؤثرين” كما تصفهم وزارة الثقافة والإعلام بأخذ إذن رخص لممارسة دورهم، كخطوة مهمة وأساسية ولو أنها متأخرة قليلًا، ولكنها تأتي بكل تأكيد لصالح المتلقي عبر الضوابط والشروط والسياسات المجتمعية والشرعية والأخلاقية.