
في الواحة التي تثبت لك شيئًا في ذاكرتك ما إن تمر بزاوية خضراء منها، ستسحرك جمالية أشجار المانجو المكتظة في بساتين القطيف حين رؤيتها، وستدهشك ثمارها المتدلية من أغصان مزدحمة بأوراق طويلة تنبعث منها رائحة ثمار المانجو الأخاذة، سيبقى مشهد الثمرة مقدسًا، لونها ورائحتها ونكهتها، وملمس قشرتها الناعم، جميعها ستحفظها أينما حللت ووجدت فاكهة “مانجو” مقطوفة، وسيبقى مذاق الثمرة المزروعة محليًا مختلفًا غير الذي تعرفه، مذاق سكري تبقى حلاوته طويلًا على لسانك!
فاكهة أهملها الفلاحون في القطيف!
أكد الحاج حسن أحمد آل سنبل، صاحب إحدى مزارع المانجو، أن طبيعة أرض القطيف الزراعية نجحت في إنتاج أجود أنواع المانجو في العالم، مستدلًا بنجاح تجربته في تحويل بستانه “الرفيعة” الواقع جنوب غرب الجش، من بستان مليء بأشجار الليمون إلى بستان يعج بأشجار المانجو، وذلك بعد زراعته لأكثر من 500 شجرة مانجو بمختلف أنواعه.
وبيَّن “آل سنبل”، في حديثه مع «القطيف اليوم»، أن ندرة أشجار المانجو في القطيف يرجع سببها إلى إهمال زراعتها في البساتين، لا لعدمية نموها، فرغم أنها شجرة تعود في أصولها إلى “الهند”، إلا أن ذلك لا يمنعها من النمو والانتشار خارج أسوار موطنها، فهي تنبت أينما لاءمتها ظروف المناخ المدارية، فنجدها تنتشر في مصر والسودان وغيرها من المناطق الاستوائية، وكما نجحت تجربة زراعتها في جنوب السعودية، نجحت شرقي السعودية أيضًا، إلا أنها مازالت تجربة واعدة بل مهمشة عند فلاحي القطيف وغير مسلطة الضوء رغم خصوبة أرضها وتوفر المناخ لها! ولأن شهرتها لم تطغ كالفواكه الموسمية مثل التين والليمون والتوت والكعك، فيذهب سكان المنطقة لشراء المانجو المستورد.
ظل
الماء والحب والظل كفيل بإنبات شجرة المانجو، فهي شجرة سهلة ومريحة، معمرة، وذات رائحة طيبة، لا تجذب الحشرات ولا تأخذ في زراعتها أي جهد ولا ترهق صاحبها بالعناية بها ولا تكلفه حتى من الناحية الاقتصادية، إنها شجرة لا تحتاج إلا لشرب الماء يوميًا لمدة لا تزيد على العشر دقائق ولامتصاص سماد الأبقار مرة في كل عام.
ويوضح “آل سنبل” الطريقة التي اتبعها في إنبات أشجار المانجو على أرض الجش بقوله: “زرعنا ثمرة المانجو وهيأنا لها الظل الذي تحتاجه، والتربة الرطبة، فتراجعت أشجار الليمون عن النمو لحاجتها للشمس والماء الكثير، كما أن مزاحمة أوراق المانجو الكثيفة لها كان لها دور، وعندها تحول البستان من ليمون إلى مانجو”.
ويضيف: “لم تكن تلك المرة الأولى لزراعة المانجو في بستاننا، فلنا تجربة نجاح سابقة قبل 12 عامًا إلا أنها لم تكن بهذا العدد والوفرة، كما أنه يوجد لدينا أشجار مانجو قديمة في المزرعة يصل عمرها إلى 17 عامًا ومازالت تثمر سنويًا”.
وتابع: “بعد نجاح تجربتي في زراعة ثمار المانجو في بستان “الرفيعة”، قام بتنفيذها عدد من أصحاب المزارع بالجش ونجحت لديهم أيضًا”.
وأشار إلى أن أفضل أوقات غرس المانجو يأتي في شهر مايو وامتدادًا إلى شهر أغسطس، وأن زراعة الثمرة بالبذرة تظهر بعد ٢٠ أو ٢٥ يومًا، وتنضج في منتصف شهر يونيو.
ودعا أفراد المجتمع إلى الخوض في تجربة زراعة المانجو حتى في المنزل، فزراعتها غير مكلفة اقتصاديًا والعناية بها غير متعبة، مؤكدًا نجاح زراعته بقوله: “أرضكم أرض خصبة لا تضيعونها، وكل ثمرة مانجو تنبت فيها سأسميها مانجو قطيفية لأنها نبتت في أرضنا، وعطاء أرضنا من أطيب ما ستتناوله في حياتك”.
قِطافها ملون
بيضاوية الشكل، متفاوتة الطول والحجم، ذات قشرة خارجية ملساء، ومتعددة اللون بحسب مرحلة نموها ودرجة نضوجها، غالبًا ما يكون لون فاكهة المانجو الناضجة صفراء يسر الناظرين، في حين أنها لا تتقيد بلون فتكون ناضجة بلون أخضر وتارة ببرتقالي أو أحمر، ويحين موعد قطافها في منتصف شهر يونيو، حيث تتيح شجرة المانجو لرواد المزرعة مصافحة الثمرة وتناولها مباشرة؛ من الشجرة إلى الفم.
“حلوة” تصادق مرضى السكري
ورغم حلاوة مذاقها وطعمها السكري الذي ميزها وجعلها مرغوبة لدى الجميع، إلا أنها فاكهة تندرج في قائمة الأطعمة المسموحة لمرضى السكري بشرط عدم تناول المريض لها بجانب أطعمة تحتوي على الكربوهيدرات، فيوصي اختصاصي التغذية رضي العسيف، مرضى السكري بتناولها كوجبة خفيفة قبل الوجبة الرئيسيّة أو بعدها، وأن لا يزيد على تناول نصف حبة مانجو.