عنوان المقال هو في الأصل فقرة من مقولة شهيرة تعبر عن قاعدة أساسية في علم الإدارة هي: “ما لا يمكن وصفه لا يمكن قياسه وما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته، وما لا يمكن إدارته لا يمكن تطويره”. أحاول في هذا المقال تطبيق معنى هذه المقولة على حدث أراه مهمًا وجديرًا بوضع معايير عملية محترفة لتقييمه بدلًا من الاعتماد على الانطباعات الشخصية.
مضى الآن أكثر من ثلاثة أشهر تقريبًا على بدء الحملة البلدية للقضاء على مظاهر التلوث البصري والبيئي، افتتحها المجلس البلدي بالقطيف بتكوين لجنة متابعة لهذا الغرض، وهي جزء من حملة على مستوى المملكة.
في القطيف، رافقت هذه الحملة البلدية حملة أخرى إعلامية شاهدنا من خلالها الكثير من الصور الفوتوغرافية التي تظهر حجم التلوث البصري الذي تمت إزالته. ومسلسل هذه الصور مازال مستمرًا ودون أن يُعلن تاريخ محدد لنهاية الحملة البلدية والحملة الإعلامية المرافقة للحملة البلدية لإزالة التلوث البصري والبيئي.
لقد صفق الناس ابتهاجًا وهم يرون هذا الحجم وهذا الزخم الإعلامي لهذه الحملة، فهي أول حملة في القطيف على التلوث البصري والبيئي بهذا الشكل بالرغم من أنها لا تقع في أعلى سلم أولويات الناس البلدية، فأمل الناس -مثلًا- في وجود شوارع سليمة ذات سفلتة جيدة أعلى أهمية.
للأسف، ولغياب عملية تحديد ما هو الملوث البصري وكم هو حجم التلوث البصري المخطط إزالته، يلجأ الناس للتقييم الشخصي الانطباعي حسبما يراه على الأرض، فلا يبدو للمواطن العادي أن هناك إنجازًا لهذه الحملة يمكن أن يعتد به على مستوى القطيف، بالرغم من ضجيج الحملة الإعلامية، إضافة لذلك لم يعلن إلى الآن -لا من المجلس البلدي ولا من بلديته– نسبة الإنجاز ومدى تحقيق الحملة لأهدافها الذكية التي يرمز لها بالرمز (S M A R T) كأي مشروع موجه للناس كي يتعرفوا على نتائجه ولو مرحليًا.
لا يخفى على الجميع أن إظهار نتائج ونسب نجاح أي مشروع فيه إيجابيات عدة على مستوى العاملين في المشروع، كذلك المستفيدون منه، فالنتائج تعطي العاملين حماسًا أكثر وفرصة للتحسين والمعالجة معًا، وهو جزء من برنامج الشفافية الذي يتبعه أي جهاز تنفيذي حريص على العمل بأساليب الإدارة الحديثة.
لن أفترض أن هذه الحملة تمت بطريقة تلقائية أو كما يقول المثل القصيمي “الأذن حمراء والرزق على الله”، أي بدون معرفة وأهداف ذكية -كما هي طبيعة أهداف المشاريع التي تدار بطريقة محترفة- لأن هذه الحملة جاءت بتوجيهات عليا وليس باجتهاد أو مبادرة من بلدية القطيف نفسها. إضافة لذلك، أن هذه الطريقة في إدارة أي مشروع بأهداف ذكية أصبحت عرفًا سائدًا في إدارة المشاريع، وهذا ليس بغائب عن نظر المجلس البلدي، لذا سأفترض أن هناك أسبابًا أخرى ننتظر أن يفصح عنها للناس المجلس البلدي أو بلديته.