بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ صدق الله العظيم.
عندما تطغى علينا آلام الجراحات بمن فقدناهم فليس لنا بعد تفويض الأمر للخالق والتأسي برسول الله وآله عليهم الصلاة والسلام وسيلة للتعبير عن عميق حزننا سوى البكاء والترحم على من فقدنا.
كلنا سمعنا أو عايشنا الكثير من القصص الواقعية والتي تجسّد معنى الوفاء لكننا اليوم أمام قصة حقيقية لرجل تمثلت فيه كل معاني الوفاء والإيثار فالكلمات غالبًا ما تقف عاجزة عن نقل تلك المعاني السامية.
فقيدنا المرحوم الحاج حسن بن عبدالله الطويل (أبو علي) من أرض الجبل بجزيرة تاروت هو منارة حديثنا فهو – رحمه الله – أحد الرجال الذين كان الوفاء نبراسًا وعنوانًا لهم في حياتهم، وحيث أتشرف بأن أكون قريبًا لهذه العائلة الكريمة، فأخصه بالذات بتلك الصفات النادرة؛ صفات الوفاء والإخلاص والتضحية.
فبعد رحيل أم أبنائه المرحومة (أم علي) وصعود روحها إلى بارئها، كرّس المرحوم كل وقته في تربية أبنائه وبناته والسهر عليهم فأخد دور الأب الراعي ودور الأم؛ القلب الحنون المربي في وقت كانوا فيه صغارًا وبأمس الحاجة إلى مشاركة الاثنين معًا الأم والأب.
عاش – رحمة الله – عليه من حياته أعوامًا طويلة، باذلاً كل اهتمامه وعنايته بأولئك الأبناء الصغار، بكل ما تحمله الكلمة من الوفاء والإخلاص، مؤثرًا على نفسه كل ملذات الحياة حينها.. فكانت تلك المهمه الصعبه في تربية ونشأة هؤلاء الأبناء – رعاهم الله – هي هدفه وغايته حتى ترعرعوا وأصبحوا رجالًا.
إن الجراح برحيل شريكة عمره زادته قوة وإرادة وعزيمة بعد الله وتوفيقه فغرس حياة جديدة وأملًا كبيرًا تحقق بفضل الله ثم بصبره ووفائه – رحمة الله عليه – فأكرمه الله تعالى بأن يكون يوم رحيله من هذه الدنيا الفانية إلى الدار الآخرة الخالدة في يوم مساؤه ذكرى استشهاد إمام طالما أحبه وبكى ألمًا لمصابه؛ أعني شهيد المحراب إمام المتقين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وليس غريبًا أن يكون يوم رحيله مكافأةً وتكريمًا للسيرة العطرة من حياته وللتربية الصالحة لأبنائه ومنهم من وفّقه الله أن يكون خطيبًا يعتلي المنبر الحسيني الشريف ليرثي من اختاره الله لوالده شفيعًا بإذنه تعالى ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.. والفاتحة لروحه ولأرواح المؤمنين والمؤمنات.