لوحة الانتصار

البداية كانت ولادة الاصطفاء بالكعبة المقدسة “بيت الله” حيث انبلج النور التكويني للصراط الواضح، والخاتمة شهادة السجود بمحراب الحجة في صومعة العشق الإلهي للنجم اللائح.

وما بين الولادة والشهادة تاريخ الإمام علي ابن أبي طالب (ع) مخلد بالاختيار والاختصاص، حيث عجزت أقلام المنصفين بالعالم من مفكرين وباحثين وعلماء وأدباء وفلاسفة ومؤرخين ومثقفين عن وصفه أو الإحاطة بكينونة عظمته ومازال محيرًا لعقول الخلق طرًا.

وإذا استقرأنا ما سطره المستشرقون في كتبهم حول شخصية الإمام علي (ع) نقف عند إشراقات مختلفة تتجلى فيها معاني النعمة السابغة، نعرض نماذج منها على سبيل الذكر لا الحصر، فقد قال المستشرق الإنجليزي يان ريشار (Yanne Richard) في كتاب (الإسلام الشيعي – عقائد وأيديولوجيات): “والحق أن المسلمين، سليمو النية، يتخذون من علي نموذجًا، كما لو أنه حتى في القرن العشرين لا يزال أمثل صورة للنظام الإسلامي السياسي”.

وأضاف قائلًا:
”علي من أولئك البشر الذين كتب عليهم أن يموتوا لتحيا بموتهم شعوب وأمم.. وأعداء علي من أولئك النفر الذين آثروا الحياة على الموت فأماتوا بحياتهم كل إباء وشمم”.

وتطرق المستشرق الأمريكي واشنطن إيرفنج (Washington Irving) في كتابه “محمد وخلفاؤه” لشخصية الإمام علي (ع) قائلًا: “إننا لا نعلق على خلق علي الشريف الكريم ذلك الخلق الذي يتجلى في جميع أدوار حياته، لقد كان أجدر رجال الإسلام السابقين الذين أشربوا روح الحمية الدينية من صحبة النبي، واقتدوا بأخلاقه الكريمة، وهو أول خليفة كان له شأن في العناية بالآداب والفنون، وقد نظم الشعر، وحفظ عنه كثير من الحكم والأمثال التي ترجمت إلى لغات عدة وكان نقش خاتمه الملك”.

أما الشاعرالألماني غوتة (Johann Wolfgang von Goethe) وهو أحد أشهر أدباء ألمانيا المتميزين، وصف الإمام علي (ع) في كتابه “الشعر والحقيقة” قائلًا: “المؤمن الأول بالرسالة السماوية إلى جانب السيدة خديجة زوجة الرسول محمد (ص)”.. وأضاف أن الإيمان المبدئي لـ علي انحياز كلي ومطلق إلى رسالة محمد (ص).

وجميع ما ذكره المنصفون من قادة الفكر الاستشراقي الغربي أو حتى من قادة الفكر والأدب والتاريخ العربي باختلاف أديانهم ومذاهبهم، في حق الإمام علي (ع) لم يزده مجدًا ولا رفعة ولا مكانة، فقد كتبت شمس الحقيقة في “طور سيناء” عند سدرة المنتهى سطورًا من نور العظمة: “معانيك يا علي وآياتك ستبقى لوحة الانتصار، فتاريخك مخلد من عالم الذر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”.


error: المحتوي محمي