“شهر رمضان” له طعم خاص في أمور كثيرة، الشكر والثناء يحضر تلقائيًا عند سفرة الإفطار بحديث مؤنس لطيف يرتبط باستساغة ولذة الطعام؛ النصيب الأكبر للأمهات.
أحدهم يُثني على طبخ والدته “أطال الله عمرها”، يقول: لها طريقتها في السُّويَة (البلاليط)، لقد تزوجت منذ “١٧ سنة”، إلى الآن لا أتذوق سوى ماعُونَها، كوني مهتم وأبحث عن أسرار الطبخ؛ عرفت خطواتها التي أبدعتها ذاتيًا دون قراءة تعليمات أو مشاهدة ما يُعرض من فنون المطابخ.
آخر: أنا الآن جد وزوجتي “هابة ريح” في كل شيء، “چَعَمَتنِي” منذ ثلاثة عقود بما لذ وطاب، إلا أن “لقيمات” أمي “جودة لا يُعلى عليها”، يكون ناشفًا من الزيت؛ رغم أنها “حالها حال الناس” تُغَمِّسه في المقلاة!
ثالث تحدث بعاطفة: فَرِيد (ثريد) والدتي لا أستطعم سواه، ربما وجد من يحضره بشكل أفضل؛ لكنه تذوقي وطعمي البكر منذ صيامي الأول.
رابع حديثه عن الـ”عَفْوَّسَة”: رغم مرور أربعة عقود على رحيل والدتي “رحمة الله عليها”، إلا أن رائحة “حَمَاص” الطحين ورؤية عجينة رطب “الغُرَّة” ورطب “لخلاص”؛ ما زالوا صورة لا تُمحى من ذكراها ومهارتها في المقادير وجودة الأداء الذي لم أذق سواه.
أحد الكبار ذكر “الهَريس”: حالنا ميسور، أمي رئيسة وكبيرة منزلنا “الشَرُوح” الواسع، إخوتي الكبار يقطنون معنا بعد زواجهم وأولادهم “أندادي” (نفس العمر)، يبدأ ضرب الهريس على “الضو” من “الصباح كأنه دوام” برعاية وتوجيه وإشراف والدتي، خلاف عادة الناس في تحضيرهم للإفطار بعد الزوال، عند “لمسَيَّان” نسابق الخُطى أنا وأبناء أشقائي، نلف ديرتنا من باب لباب لإهداء الجميع ذلك الإنتاج المميز الذي شاع في البلاد، لا أنسى استبشار “النسوان” وردهم “محروس بعين الله، سلم على أمك غناتي”؛ لا “هريس” يضاهيه مهما طال بي الزمان.. “رحمك الله يا أمي”.