لنطبّق «ثقافة الشكر العملية» ونتشارك جميعًا في تنظيف المطبخ والبيت

شهر رمضان المبارك هو شهر صنعنا منه أحلى الغذاء والشراب وأجمل الموائد وأوسعها، وهو شهر الكرم، إلا أن ذلك لا يعني أن نجعل من جوع ساعات النهار بذخًا في أول الليل، وأن نجعل من راحتنا فترة لتعبِ أمٍ تعمل جُل ساعات النهار من أجل لحظات نعوض فيها خُسارة الجوع.

والأسوأ حينما يتسارع الجميع إلى الاسترخاء على كنب مريح، وتبقى الأم تصارع غسيل أواني مطبخها، ولربما كانت بجانبها خادمة قد لا تجد لحظة تشعر فيها براحة في صيام شهر رمضان المبارك منذ الصباح حتى الليل، ونحن نقرأ الخطبة النبوية في آخر جمعة من شعبان “ومن خفف فيه عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه..”.

إن الثقافة التي تسود بين أبنائنا أيضًا هي بحاجة إلى إعادة نظر وصياغة جديدة تجعل من الفرد مسؤولًا في أسرته يعمل يدًا بيد، لا مستهلكًا للغذاء ومستلقيًا للراحة بينما أبواه يتحولان إلى خدم يسعون لراحته، هذا بالمال وهذه بالطعام.

التربية الصحيحة هي ما نغرزه ويتعمق في ذات الإنسان، فإن أي تربية لا يمكن اعتبارها ناجعة وعملية دون أن تكون في النفس وللفرد ذاته وما يقوم به والداه أو أساتذته من تربية وتعليم وتهذيب للأخلاق إلا سُبلًا لبنائه وإقناعه بأهمية ما يبنيه لنفسه ويصنعه لذاته، وإلا فإن كثرة الحديث والتعليم وهو غير مقتنع بما نقول أو نعمل فلا قيمة واقعية لها إلا بما تثبت في نفسه وعقله وضميره.

نحن بحاجة إلى بث ثقافة الشكر وجعلها جزءًا من منظومتنا القيمية، والأهم هو ثقافة الشكر العملية بأن نساعد ونتقاسم هموم البيت ونكون مبادرين في القيام بذلك، وليس مجرد كلمات معسولة وهدية قيمة، تُفهم في بعض الأحيان كمرتب للعمل بصورة أخرى، وهذا يفقد تلك الهدايا قيمتها ومفعولها.

إن الشهر المبارك هو شهر لرابطة أسرية بمعناها الحقيقي من التعاون والتعاضد، ورابطة اجتماعية نتحسس فيه حاجة بعضنا البعض وحاجات المعوزين منا، ونسد حاجتهم سواء كانت بمبادرات فردية أو جمعيات خيرية، وأن نعضد رابطة التراحم بيننا سواء بصلة الرحم أو إصلاح ذات البين أو تعزيز مفاهيم الأخوة.

دعونا نجعل الشهر المبارك لهذا العام أفضل مما سبقه علمًا وعبادة وإخلاصًا وخدمة للمؤمنين وتقوية سبل المحبة بينهم، وأن نفتح صفحات جديدة من العمل والعلاقات الأسرية والاجتماعية، وما أحوجنا لتجديد واقعنا بالصحيح والقويم من الفهم والوعي والعمل.


error: المحتوي محمي