الطيبة خُلق جميل، نستأنس بمعاشرة الناس الذين يملكونها في رصيد أخلاقياتهم وتتمثل في سماحتهم وعفوهم عن الزلات وقلبهم الأبيض الذي لا يحمل أية ضغائن أو حقد على أحد.
في الحياة قد يصادفنا الكثير من هؤلاء الطيبين الذين يعملون بضمير فهناك الطبيب الطيب الذي ينصح مريضه بدافع إنساني لا بهدف مادي ليحظى بالمزيد من ماله بأمور لا داعي لها، وهناك المعلم الطيب المشجع لطلابه دون استغلالهم لصالحه، وهناك البائع الطيب الذي يبيع الجيد وربما يرشد للرخيص لدى غيره حتى لو أدّى ذلك لخسارته، وهناك السائق الطيب الذي يقودك لأقصر الطرق حتى لو كان سينقص من التكلفة المعطاة له.
نمادج كثيرة نصادفها لأناس يحملون الطيبة ونتوقع من دونهم الحياة تكون مُرة وتحمل معاني القساوة والأنانية وحب الذات.
لكن هناك أمرًا يتسم به الطيبون قد يجعلهم في فئة الظالمين التي لا يليق بقلوبهم وصفها بهكذا وصف.
عندما يُدخل الطبيب أقاربه ومعارفه قبل الآخرين لطيبته أو يحجز دواءً لهم قبل نفاذه، فهو يظلم من جاء ينتظر دوره منذ ساعات ليأخذ دواءً بالكاد يتوفر.
عندما يعطي المعلم الجميع الدرجة كاملة فهو بذلك يظلم المتفوق بمساواته مع البليد الذي كان يقضي أغلب العام غائبًا عن الدراسة وتخرج وهو لم يفقه شيئًا عن المناهج.
عندما يعطي خادم الحسين (ع) البركة لقريبه بالمجلس أثناء التوزيع وقبل أن تنفذ البركة ويترك غيره الذي سبقه، أو يجعله يمر أثناء التفتيش دون تفتيش في حين يفتش غيره، فهو قد أخل بعدالة الخادم الذي يفترض أن يكون الخادم رغم طيبته لا يقبل بتناول فتيمينات الواو المقربة المنتشرة بكل الأماكن، ويتعذر وجود ظلمها عنده وهو من نذر روحه للخدامه الحسينية.
الطيبة شيء جميل لكن المساواة غير العادلة شيء قبيح وقبيح جدًا لا يليق بالطيبين بأي مهنة كانوا فيها، ولا تخضع لمحاباة البعض دون غيرهم نتيجة القرب أو المحبة.
لكن بمناسبة نهاية العام الدراسي وتسلم النتائج هذه الأيام أخصص مهنة التعليم، فقد ينكسر قلب طالب مجد اجتهد طوال العام وكان نشاطه بارزًا، ليتفاجأ في النهاية بأنه تساوى مع غيره غير المجد وغير النشط، والأعظم من ذلك إذا نال غير المجد درجة أرفع من المجتهد فقط لأن المعلم طيب!
فيا أيها الطيبون أنتم مسؤولون فهلّا كنتم عادلين رجاءً؟