في القرن السادس عشر الميلادي ذهب (جوردانو برونو) إلى أن الأرض عبارة عن كوكب صغير، وأن شمسنا ليست الوحيدة، وهناك مخلوقات ذكية تعيش في أرجاء هذا الكون، كانت أفكاره جريئة جدًّا، فقد سجن بسببها وبعد ذلك تم إحراقه حيا في شوارع روما، وكان ذلك في عام 1600م، ولقد عرف العالم بعد ذلك أن أفكاره صحيحة وقد نصب له تمثال تذكاري في المكان الذي أحرق فيه.
في القرن التاسع عشر الميلادي راجت مسألة الحياة الذكية خارج كوكب الأرض، ففي عام 1877م، أعلن الفلكي الإيطالي جيوفاني سكياباريلي رصد ظاهرة في المريخ أطلق عليها (Canali)، وترجمتها باللغة الإيطالية القنوات الطبيعية، وقد ترجمت إلى الإنجليزية بالخطأ إلى (Canals)، بمعنى القنوات التي هي من صنع البشر، ونتيجة هذا الخطأ ذهب العلماء إلى وجود حضارة ذكية تعيش على المريخ قامت بتشييد هذه القنوات المائية. بعد ذلك افتتن عالم الفلك الأمريكي (برسيفال لويل) بكوكب المريخ، وصادق على وجود حضارة متطورة تعيش عليه.
كتب (إتش جي ويلز) روايته حرب العوالم في عام 1898م، يغزو سكان المريخ كوكب الأرض بأسلحة متطورة جدًّا، ويقتلون البشر بسرعة فائقة، حيث كانوا يستخدمون شعاعًا فتاكًا مدمّرا يقتل كل من يصيبه!
خلال القرن العشرين تم الترويج بشكل كبير في وسائل الإعلام المختلفة إلى حقيقة الحياة على المريخ، وظهر خلال هذه الفترة العديد من الأفلام منها الفلم الروسي (أليتا ملكة المريخ)، الذي أنتج عام 1924م. لكن العلم اكتشف بعد ذلك من خلال البيانات التي تم تزويدها من خلال العديد من المركبات الفضائية التي هبطت عليه في النصف الثاني من القرن العشرين، إلى أنه عبارة عن صحراء جرداء ولا توجد به حياة، وعلى الرغم من ذلك فهناك محاولات جادة لجعله كوكبًا يحتضن الحياة في العقود القادمة، وهذه المحاولة تعتبر من الجهود العظيمة التي يقوم بها العلماء، ومن المشاريع المخطط لها في ذلك (مشروع مارس ون)، وهذا المشروع تقوم عليه شركة هولندية بهدف إقامة مستعمرة بشرية على كوكب المريخ بشكل دائم، وستصل أول رحلة كما هو مخطط في عام 2023م، بأربعة أشخاص فقط، وسوف تستمر الرحلات بعد ذلك.
وإذا كانت الحياة على كوكب المريخ ليست حقيقية، إلا أن الحياة خارج كوكب الأرض قد تكون حقيقية، ذلك أن الكون عمره قديم جدًا (13.7) مليار سنة مقارنة بعمر الأرض الذي يقدر 4.6 مليار سنة، ووجود عدد مهول من المجرات يقدر بمئة مليار مجرة، وعدد النجوم في كوننا المرئي يقدر بثلاث مئة سيكستليون! أي أن مسألة الاتساع الكوني تدفع العلماء للاعتقاد بالحياة خارج كوكب الأرض، فمن الصعب على الإنسان أن يصدق أن هذه المليارات المهولة من النجوم لا توجد بها حياة! وهذا ما يعرف بمفارقة فيرمي.
الفيزيائيان فيليب موريسون وجيوسيبي كوكوني نشرا بحثا في عام 1959م، واستنتجا من خلاله أن أمواج الراديو طريقة مناسبة للتواصل مع الحياة الذكية خارج كوكب الأرض، وبعد سنة تم تأسيس مشروع أوزما ozma ، مملكة oz وهي أرض خيالية تسكنها كائنات غريبة افترضها الكاتب الأمريكي ليمان فرانك بوم، حيث قام (فرانك دريك) بتوجيه تلسكوب راديوي قطره 85 قدم وبتردد 1420 ميجا هيرتز، وهو تردد ذرة الهيدروجين الأكثر انتشارا في الكون، إلى نجمين بعمر الشمس، ولم تكن النتائج إيجابية.
في عام 1961م، وضع (فرانك دريك) معادلته الرياضية الشهيرة حول احتمال وجود حضارات خارج كوكب الأرض، وقد تم التأسيس بعد ذلك لمشروع (سيتي) وهو أضخم مشروع يهتم بالبحث عن حياة خارج كوكب الأرض.
ما زالت أبحاث الحياة خارج كوكب الأرض قائمة حتى هذه اللحظة وجهود العلماء ما زالت مستمرة، وقد تم اكتشاف عدة كواكب ذات ظروف مشابهة للأرض بواسطة تلسكوب كبلر الذي أطلقته ناسا في عام 2009م، مما يزيد من احتمال وجود الحياة، لكن حتى هذه اللحظة لا يوجد أي دليل تجريـــــبي على وجود حياة عاقلة خارج كوكب الأرض.
لقد تم إرسال رسائل بشرية إلى الكائنات الفضائية، منها مركبة فويجر1 التي أطلقتها ناسا في عام 1977م، مزودة بصورنا وأصواتنا وموقعنا، وهذه المركبة ما زالت تسبح في الفضاء من أربعين سنة وقد تجاوزت النظام النجمي.
هناك احتمال أن الحياة خارج كوكب الأرض ليست قائمة على عنصر الكربون، فيذهب العديد من العلماء إلى أن السليكون قد يشكل حياة في درجات الحرارة المرتفعة، فالكواكب التي تتميز بضغط عالي ودرجة حرارة عالية تكون بيئة مناسبة للحياة السليكونية، لقد تصور الروائي (إتش جي ويلز) هذه الحياة الغريبة في خيالاته العلمية المبكرة التي كتبها في عام 1894م: (مما يذهلك هذه التصورات الخيالية الرائعة لكائنات من السليكون والألومنيوم، تجول خلال غلاف جوي من الكبريت الغازي، وعلى مقربة من شواطئ بحر من الحديد السائل، تبلغ حرارته ألف درجة مئوية) ، ووجود هذه الحياة الغريبة يبقى ممكنا وليس مستحيلًا.
لقد ترك الإنسان العديد من الآثار خارج كوكب الأرض منها: هبوطه في عام 1969م على سطح القمر وغرسه للعلم الأمريكي على سطحه. مركبة فويجر 1، مركبة فويجر 2، أطلقتهما ناسا في عام 1977م، لاستكشاف النظام الشمسي. في عام 2006م، أطلقت ناسا مركبة (نيو هورايزونز) بسرعة مذهلة وقد وصلت هذه المركبة إلى الكوكب القزم (بلوتو) عام 2015م، خلال تسع سنوات فقط! وإضافة إلى التقاطها العديد من الصور للكوكب القزم، فقد قامت بمهمة مدهشة، حيث حملت هذه المركبة العديد من الأشياء منها رماد رفاة مكتشف بلوتو (كلايد تومبو) الذي توفي عام 1997م! فقد دفن في الكوكب الذي اكتشفه! ولقد تم دفن رفاة العديد من الأشخاص قبل ذلك على سطح القمر، منهم الفلكي الأمريكي يوجين شوميكر، والجدير بالذكر أن هناك الكثير من الأشخاص تم نقل عينات من رمادهم إلى الفضاء! وهذه العملية تسمى (الدفن الفضائي)، وهناك شركات متخصصة تقوم بهذه العملية.
حتى هذه اللحظة ليس أكيدًا أن هناك كائنات فضائية متطورة قد زارت الأرض في الماضي وتركت بعض الآثار، وهناك ادعاءات تفتقد إلى وجود الأدلة العلمية من خلال بعض الآثار المتميزة والاستثنائية على كوكب الأرض كقارة أطلانطس والأهرامات وخطوط نازكا، عمود دلهي، والمنحوتات والتماثيل والأشكال المصممة التي نشاهدها من الفضاء، وما شابهها من أمور، كل هذه ليست بدليل على وجود كائنات فضائية قد زارت الأرض في الماضي، وكل الذين يدعمون هذه الفكرة لم يقدموا أي دليل علمي، كذلك لسنا على يقين أن هذه الكائنات الفضائية سوف تزور الأرض في المستقبل لكن يظل الاحتمال قائمًا! والكائنات الفضائية والأطباق الطائرة التي ادعى الكثير مشاهدتها في القرون الماضية وحتى القرن الحالي وقامت بعمليات اختطاف لا يوجد أي دليل علمي على حدوثها، والذين شاهدوها ربما يعود لسوء فهم للأسباب الطبيعية كرؤية كوكب الزهرة مثلا وذلك نتيجة سطوعه في الليل بعد القمر، وربما ترجع إلى أسباب نفسية كالأوهام أو الإسقاطات، وربما تكون هناك نسبة قليلة قد شاهدت الكائنات الفضائية أو الأطباق الطائرة بالفعل لكن لسنا متأكدين من حقيقة ذلك.
وربما تكون مسألة الكائنات الفضائية والأطباق الطائرة ليست حقيقية، إلا أن التطور العلمي والتنقيب في هذا الكون يجعلنا نقترب أكثر ونعتقد أننا لسنا الوحيدون في هذا الكون، وأن كوننا ربما ليس الكون الوحيد، فهناك الأكوان المتعددة أو المتوازية، وربما يكون هناك الكون المضاد الذي توجد فيه حياة مضادة لحياتنا، كذلك تغلب المادة المظلمة على المادة العادية يذهب بنا إلى فكرة الحياة القائمة على المادة المظلمة، كل هذه الأشياء تدعم من فرضية وجود حياة أخرى في زاوية ما من هذا الكون! أو في كون آخر! وهذا الرأي يتفق عليه معظم العلماء.