هناك لذة رائعة في النقد الديني، تنبع هذه اللذة من الاحترام الذي ينبغي توجيهه للمفكرين بشكل عام، المفكرون هم اشخاص لا يقبلون بان تغلف ادمغتهم بغلاف (قلدها عالم واطلع منها سالم)، وبذلك فان نقد ما يقوله الدين بشكل عام يمنح الناقد شعورا بالانتماء لطبقة المفكرين، وبذلك فان سعادة غامرة ستنتابه، شريحة اخرى تجد ان الامر بالعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي واخلاقي، فتقوم بالرد على ما يطرحه هؤلاء بنية صادقة مليئة بالمحبة، ما يجهله هؤلاء ان المسالة في نسبة كبيرة منها ليست مسالة قناعات، المسالة هي اقرب للاعلان للمجتمع ان هذا الشخص (يستخدم عقله) واكثر ما يزعجه ان (يتفلسف) عليه شخص بنية هدايته، هو في الاساس لا يهدف من النقد الديني نقد ذات الدين والاساءة اليه، الدين فيما يختص بالنقاط الجدلية التي يطرحها لا تمثل له اي شيء، ما يريد ان يقوله للناس بشكل عام هو فقط انه يفكر، فالمسالة تشبه (اعلان انتماء)، تنبع اللذة هنا من فكرة سائدة ملخصها ان فكر القطيع هو الغالب على المجتمعات المتخلفة، وحدهم المفكرون من لا يقبلون السير معه، وبالنتيجة فان الاختلاف لاجل الاختلاف هدف، وليس الاختلاف هو بنية محاربة العقائد او الدين، الدين والعقائد والفكر هم سلم يساعده على اعلان انتماءه، وليس هدف حقيقي له، يعني بالعربي هذا يسموه (شوو show).
شخصيا اعشق برنامج الاكسل، واحاول دائما اكتشاف خباياه، في الغالب اذا تعسر علي فهم معادلة معينة فانني اذهب لمحاضرات في اليوتيوب او الانترنت وابحث عن الحل، واذا لم استطع اتصل ببعض المبدعين في هذا البرنامج واطلب مساعدتهم، لا اتذكر انني كتبت في الفيسبك او في اي وسيلة تواصل اجتماعي عامة مسالتي، هكذا تبدو لي الامور في كل امر تخصصي، ولانني اعتقد ان كل انسان يملك حدود مقبولة من التفكير يحسن فهم المعادلة التي تقول: حينما تجهل امرا تخصصيا اسال اهل التخصص، فانني اكاد اقسم ان عدم فعل ذلك من الغالبية ليس غباء او جهلا، حاشا لله، ولكن المسالة في اساسها لا تعود لرغبة في معرفة الجواب، ومن يحاول الاجابة فانه للاسف يضيع وقته ويصرفه فيما لا ثمرة منه.
اعترف انني وغيري كثيرون حاولنا ان نرد على شبه دينية كثيرة يطرحها البعض، اليوم اقول بضرس قاطع: هؤلاء لم يكونوا يوما يبحثون عن اجابات، القضية برمتها قضية اعلان للمجتمع بالانتماء لطبقة المفكرين، وهذا الاعلان له لذة جميلة جدا تتفاقم حالما يسفهه الناس ويهينونه، لانه بذلك يتاكد انه اصبح بالفعل شخص مختلف لا ينتمي للقطيع بحسب ظنه، وهذا ما يجعله حينما يستلقي للنوم يستلقي سعيدا هانئا بهذا النصر المبين، في حين تبدو الحقيقة المرة انه اسوء شخص عقلا وفكرا او من اسوءهم، ولو كان غير ذلك لاستبدل ترهاته بتوجيه السؤال لاهله، ملخص الحديث نصيحة اوجهها للقراء الكرام: اذا رايت منتقدا للدين ومسفها له فاعلم انه يريد ان يعلن لغيره امرا غير الذي تقرأه في الظاهر، فلا تبتأس كثيرا من كلامه، واصرف نظرك عنه بعيدا لتقرا ما يفيدك، ولا تنس ان تضحك في سرك وتأنس بما يكتبه هؤلاء، فالحقيقة التي ينبغي ان تتاكد منها ان كلامهم يصلح للاستظراف والفكاهة اكثر منه للجد والاهتمام.