“قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا.. كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا” هل أصبح هذا البيت من الشعر من ماضٍ انقضى وفات وزمان تحوّل؟ فانقلب الميدان من تاريخ الرفعة والقداسة لمهنة المعلم المستشار ومن أشعل دروب العطاء وروّى العقول بالأفكار ووجه الكبار والصغار وترك الآثار؛ إلى معلم تعقد له المحاكمات ويتداول العامة من الناس وعلى وسائل التواصل الاجتماعي والصفحات عبارات السخرية منه والنكت وعدم أحقية المعلمين بإجازة طويلة.. ومهاترات حول ساعات عمله القليلة.. في مجتمع نامٍ يتطلع لأن يكون متماشيًا مع المجتمعات المتقدمة من خلال التعليم.
“مهزلة” هكذا عبرت مجموعة من السيدات من القطيف من مختلف الفئات والتخصصات وطالبن برفع “قضية رد اعتبار” ورسالة للمجتمعات حول ما يثار من تلك العبارات الساخرة التي تنقص من قدر المعلم وقيمته في مجتمع نما وتطور بفضل جهود مهنة الأنبياء.
تحدثت الكاتبة ليلى الزاهر لـ«القطيف اليوم» عن قيمة المعلم قائلة: “المعلم هبة كبرى ومحرك للطاقات ولايزال يحفر اسمه في ألواح مقدسة، وويتخرج تحت يديه الطبيب والقاضي والمهندس، فقد سجّل ببصماته أجمل تواجد للتكامل الإنساني والتطور البنائي للمجتمع، وتقديرًا مني لقيمة المعلم؛ سأطلق عما قريب كتاب “ناثر الزاهر” الذي يدرو حوله”.
وبدورها كفاح آل مطر الشاعرة والمشرف التربوي؛ ذكرت أن التعليم وظيفة لا تعادلها وظيفة في الشرف والفضل والرفعة، وعلو مكانة المعلم وسمو وظيفته منبثقًا من شرف انتمائها للمعلم الأول نبي الرحمة محمد (ص) وأن انتشار التعليقات الساخرة من المعلم من الظواهر المؤلمة، المترتب عليها نتائج مؤسفة.. فكيف نسمح لأنفسنا أن نتجرأ على انتقاص قدر المعلم وهو وريث الأنبياء، لابد للجهات المختصة من اتخاذ إجراءات نظامية حازمة تقف تجاه هذه السلوكيات التي تضيف صورة قاتمة على المعلمين وتؤثّر على تربية النشء وأخلاقهم، وتقلل من فرص التفاعل والتواصل الجيد بين المعلم وطلابه في توصيل القيم والعلوم المختلفة”.
وأضافت ابتهال الزهيري مدير فرع بنك ساب قائلة: “لمعلمتي كان الدور الأكبر في تميزي ونهمي لتلقي العلم والوصول إلى ما وصلت إليه، حيث كنت أتمنى أن أكون متميزة كمعلمتي والتي لولاها لما تطور مجتمعي”.
وأكدت الإعلامية شادن الحايك أن وسائل التواصل انتقصت من حق المعلم ورفعت حقوق الطالب، وعممت النظرة، فأصبح الطالب كالزبون دائمًا على حق، ولكننا نحتاج للتوازن فالطالب له حقوق والمعلم أيضًا له حقوق، وعليهما واجبات، وإن ما حصل في وسائل التواصل بدأ بمزحة ولكنها انقلبت لواقع مؤسف جدًا، ونقل السلوكيات المصورة داخل المدارس؛ البعض يرى أنه من باب أخذ الحقوق وإيضاحها ولكن ما حدث هو انهيار الثقة، علمًا بأن نشر المقاطع يعد جريمة إلكترونية وتشهير.
“من علّمني حرفًا صرت له عبدًا”؛ بهذه العبارة استهلت هدى آل سيد أحمد دكتورة في أمراض الدم حديثها لـ«القطيف اليوم» وتابعت: “هكذا تربينا وهكذا يفترض أن نربي أبناءنا، لنعط المعلم الكُفء حقه ولنرفع قبعة الاحترام والتقدير إجلالًا لقدر المعلم وجهوده ولنقف متكاتفين ونفكر برقي لنتخطى ونقاوم ونحارب هذه الظاهرة أو على الأقل لا نؤيد أو نردد ما يثار حوله من النكات والترّهات والسخافات المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأشادت المعلمه هبة أمين بقدسية مهنة التعليم؛ فالمعلم حامل الرسالة والقدوة الصانع والمساهم في تكوين عناصر الشخصية الإنسانية يأسر قلوب طلابه بحبه واهتمامه ويترك أثرًا فعّالًا بالأجيال فالمعلم حياة.
واتفقت آراء الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي على أنه لابد من تصحيح نظرة المجتمع للمعلم، حيث إن تطور المجتمعات ورقيّها مرهون بتأهيل المعلمين الأكفاء، وفي تجارب الدول المتقدمة كدولة اليابان الدليل الأكبر على أهمية دور المعلم في نهضة المجتمعات وتطور البلدان.