على أبواب الفرح ، وبُعدِ مسافة المتر من خيمة التتويج ، يصر أطباء التشريح من بعض الجماهير الرياضية أن يتفننوا في تقطيع أواصر اللحمة والإلتزام ، وقواعد الإنسانية والإحترام .. فيعملوا المشارط في جسد الوعي ، التي لا تزال روحه بين جنبيه ، تنبض الحياة ألقاً وعنفواناً ، حـيَّـاً يدق ويتألق .. و يتنفس الغيرة والهمة والقوة .. وقلبه يعج بالتطلع لتحقيق الآمال ..
الرياضة جامعة أخلاقية قبل أن تكون بدنية
والرياضة ثقافة متأصلة ، وصناعة متقدمة .. ومبادىء وقيم ، ومدن حياة ..
الرياضة منظومة .. فيها القادة والموظفون واللاعبون والمشجعون .. وفيها المنهج والنظام والتنظيم والعلم والعالم والطالب
كل ذلك بحسبان.. وخلافه خسران
نعم نحن لم نصل لنموذجية البنى التنموية الحقيقية .. تحتية وفوقية ، ولكنها أعرافٌ وأخلاقٌ ، وأسس ومفاهيم اكتسبناها بالممارسة والتمرس ، ويجب أن تكون كذلك مهما تكن النتائج التي تتحقق في سبيل النجاح الكامل.
لا يمكن أن تتربى الأجيال ونحن نلوِّح بالعصي على رؤوس الأهداف .. نقرع السهو والخطأ ، ونصفع الغفلة والغفوة ،، ونغفل عن التميز والتمييز .. ونتجاهل التقدير والتدبير ..
إن عصا موسى كانت لها مآرب حسنة في المجمل .. ونحن للأسف نلوح بعصيِّنا في مآرب سيئة وقبيحة في جميع الأحوال ، وبسوء ظنٍ حتى ونحن على مسرح التفوق والنجاح
نطلب المستحيل ، ولا نفعل سوى القليل لدفع الهمم ، ورفع المعنويات .. واتباع أيسر الطرقات .. وهي الأخذ بالأيدي من الكبوات والدفع بأصحابها إلى حيث استكمال المهمات وتحقيق المنجزات وتحصيل المعجزات ..
أصبحت مهمة النقد بضاعة رائجة .. وضاعت الفكرة .. وغابت المشورة .. فلم نعد نرى غير السياط تلوح على روؤس المتميزين فضلاً عن المقصرين.
فلا أحد يعذر ، ولا من صوت حقٍ ، ولا نبرة عدالة ، يسمعها أبطال الساحات الذين يتصبب عرقهم على ميادين النزالات .
وكما قلنا فإن شمولية الوعي يجب أن تغطي كلَّ متعلقٍ بأبجدية الحالة من ألفها إلى يائها .
ففي الجانب الجماهيري مطلوب التألق والتميز والإبداع لحصد الأهداف ، ومطلوب تقبل النتائج باتساع الصدور ، وبروح رباضية ، ومطلوب أيضاً أن نتحكم في تصرفاتنا وجوارحنا من الزلات والهفوات ، تماما كما هو مطلوب من اللاعبين الذين نكيل لهم المديح ، وما نلبث نحن أن نصب عليهم جام غضبنا ، ولا ندري كيف يمكن أن يتقبل الرياضي أن ننتقده بألذع العبارات ، في حال الإخفاق ، وأن نصفق له ونحضنه في حال النجاح ، وكأنه بلا مشاعر ، أو أننا نكيف مشاعره حسب ما نريد ، وما هذا سوى تخبيص وضحك على الذقون .
علينا أن نتعلم ثقافة التشجيع ، ونحذر تماماً وندرك أن كثيراً من الإخفاقات كان سببها تشنج بعض الجماهير ، وأن بعض الفرق تدخل في حالة من الرجفان والفزع خوفاً من أي نتيجة سلبية تثير هؤلاء سلباً ، وهذا ما يحدث فعلاً ، لأن معطم الجماهير لدينا همها الفوز وكأن فرقها لا تلعب أمام فرق منافسة ، كما وأن هذه الجماهير في غالبها هي اللاعب والمدرب والإداري والحكم ورؤساء المؤسسات الرياضية بأجمعها ..
إذا أردنا النجاح فعلينا تحديث فكرتنا عن مفهوم الرياضة لتكون نموذجية المعنى والتطبيق ، فالجميع يتقاسم المسؤولية حال النجاح وحال الأخفاق وأولهم الجمهور والذي له مفعول السحر في تحقيق الفوز أو الخسارة.