رؤيتي حول مقومات العملية التعليمية في التجربة الكندية…. ملخص مشاركتي في برنامج (خبرات)
منذ قديم الزمان والشعوب تتواصل فيما بينها وتتخالط، وتنتقل للعيش من مكان لآخر؛ هذا الاختلاط له فوائد عدة مثل تبادل الخبرات الحياتية والمهارات المكتسبة مما يؤد إلى رقي الأمم وتحضرها. ومن هذا المنطلق أطلقت وزارة التعليم برنامج (خبرات)، والذي يستهدف المعلمين والمعلمات في المدارس الحكومية.
يهدف هذا البرنامج إلى التعرف على أنظمة التعليم في دول العالم المختلفة، وأفضل الممارسات المطبقة في المدارس والفصول في دول تُعد الأفضل في التعليم مثل فنلندا وكندا. ولله الحمد كنت أحد المشاركين في هذا البرنامج، وكانت الوجهة (تورنتو- كندا) لمدة ستة أشهر مقسمة إلى مرحلتين. الجزء الأول منها في رفع مستوى اللغة الإنجليزية، لمدة ثلاثة أشهر. وباقي المدة لزيارة المدارس الكندية.
في اليوم الأول للبرنامج تم استقبال المشاركين في البرنامج، وعددنا أكثر من مئة معلمٍ ومعلمة، في قاعة (هارت هاوس) في جامعة (تورنتو). وتم الترحيب بنا واستعراض مفردات البرنامج. و مما شدَّ انتباهي في الاستقبال: هو كيس الهدية الذي تم تقديمه لنا حيث كانت محتوياته تدل على تاريخ البلاد مثل (شراب القيقب) لتحلية الفطائر (Maple syrup ) والذي ينتج من أشجار القيقب المشهورة في كندا، و القفازات القطنية من شركة (هدسون باي) والتي تأسست عام 1670م للتبادل التجاري بين المهاجرين و السكان الأصليين.
الجزء الأول مرحلة اللغة: من خلال الخبرات المتراكمة لدى كوادر (وزارة التعليم) الكندية في تعليم اللغة الإنجليزية -خصوصاً للمهاجرين- توصلوا لنتيجة أن تعليم اللغة من خلال تطبيق المهارات اللغوية هي أفضل وأنجح وسيلة تعليم اللغة الإنجليزية. فعند بداية مرحلة رفع مستوى اللغة، تفاجأ الجميع بالطريقة غير التقليدية في تعليمنا اللغة الإنجليزية. فلهذا كانت طريقة الجامعة هي تعليم المهارات اللغوية (المحادثة – الاستماع – القراءة – الكتابة) من خلال المواقف والمواضيع، والنقاش حولها. فمثلاً يتم تخصيص موضوع لهذا الأسبوع ويتم تقديم عروض مرئية، و أوراق عمل مرتبطة بها. وأكثر من ذلك: تكوين جماعات العمل للمناقشة حول هذا الموضوع باللغة الانجليزية.
في أحد الأسابيع على سبيل المثال تم التطرق للعبة (الهوكي) الشعبية في كندا وفي أسبوع آخر ثقافة وتاريخ السكان الأصليين. وكانت المواضيع مختارة بعناية لكي يتعرف المشاركون أكثر على المجتمع والتاريخ الكندي. ولا يمنع استخدام اللغة العربية عند الحاجة حيث يرى باحثو علم اللغات أن للغةِ المتعلم الأمِّ دور مكمل وأساسي في تعلم لغة جديدة.
في النصف الثاني من البرنامج تم توجيه المعلمين والمعلمات إلى مدارس مختلفة في المراحل الدراسية الثلاث (الابتدائية – المتوسطة – الثانوية). تحت إشراف معلمي المدرسة الكندية، حيث كنا نحضر أول يوم في الأسبوع في الجامعة لتحديد الأهداف المراد ملاحظتها في المدارس، ولمناقشة استراتيجية تعليمية، أو موقف تعليمي ما؛ لمشاهدة كيف يتم تطبيقه داخلَ الفصل. ويتم إعطاؤنا استمارة وأوراق عمل لتعبئتها خلال الأيام الثلاثة التي نحضرها داخل المدرسة. في يوم الجمعة -وهو آخر يوم دراسي في الأسبوع – حيث يكون الحضور في الجامعة، ويلتقي المشاركون والمشاركات في قاعة المحاضرات، لمناقشة ما شاهدوه في المدارس خلال الأيام الماضية.
ختاماً أود الإشارة إلى بعض النقاط التي تلخص مشاركتي في برنامج (خبرات) المرحلة الأولى:
• النقطة الأولى: هي الإمكانيات المادية-اكتبها مثلما قلتها للمحاضر في جامعة (تورنتو)- فلقد صرفت وزارة التعليم السعودية أكثر بمراحل مما صرفته وزارة التعليم الكندية في تجهيز المدارس بأحدث الأجهزة والمعدات اللازمة. ولكن تفوقَ النظام التعليمي الكندي في الاستفادة والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة. ينطبق هذا على التجهيزات والكادر التعليمي وكذلك قدرات الطلاب.
• النقطة الثانية: هي عدم وجود اختلاف في الاستراتيجيات التعليمية المستخدمة داخل الفصول بين المعلمين في المملكة العربية السعودية وكندا. ولكن الفرق الجلي هو مدى الحرية الممنوحة للمعلم في كندا لتحقيق الأهداف العامة والتي تسند مهمة تحقيقها للمعلمين والمعلمات. وكذلك الحرية المقدمة للطالب في اختيار المواد التي يرغب في تسجيلها، أو حتى الحضور من عدمه؛ مما عزز الدافعية للتعلم لكون الطالب هو من قرر الدراسة بنفسه. بوجود البيئة المحفزة والنظام الإداري الذي منح الحرية للمعلمين في طريقة تحقيق الأهداف، والدافعية لدى الطلاب انبثق الإبداع والالتزام.