أعود للكتابة هنا لأفرغ هذا الغضب بتساؤل جرئ: ما الغريب في أن أتمرد على معايير الحزن, انظر للكون لا شيء يخصني لا شيء يستثير فضولي فقط أتساءل لما لا امتلك الجرأة في الرد على بعض المتجاوزين, رغم إنني لا أجرؤ إلا أن أكون أنا وقلبي قد ازدحم بالغائبين, فلدي من الفرح الكثير حيث أصبحت جدة لحفيدتين ياسمين وسارة, وأيضا كنت في رحلة جميلة مع من أحب وتتوالى الأفراح القادمة للجميع.
يزعم بعض القراء إن من يقرأني يستطيع أن يتعرف على مزاجي ونفسيتي من خلال كتاباتي السوداوية, لعلني أقول نعم في بعض من الحالات فأنا أفهم الكتابة بأنها صدى أفكاري ووجهة نظري ونفسيتي, وهنا هل أستطيع سؤالك أيها القارئ لماذا أنت تشربُ الماء حين تعطش؟ بل لماذا ترقص حين تفرح؟ ولماذا تبكي عندما تحزن؟هذه هي طاقة التعبير الموجودة داخلنا نحن البشر!! على البعض من القراء أن يكون متوازناً مع ذاته ، ويحرر لجام فكره ، ويبتعد ما أمكن عن الانتقاد الأجوف الذي لا يخدم كبريائه كل الشكر يا عزيزي القارئ لأنك أتحت لي هذه الفرصة بكتابة هذا النص وأنا واقفة على قمة الحزن, فلست من ألهو بالكلمات بل أصونها وأقدسها.
حين يكون صدق الإبداع هوية يشتغل هاجس الإحساس عند الكاتب, الذي يكتب بتأثرهِ من أي موقف أو حدث يستفز مشاعرَه وأحاسيسَه ويؤثر فيها سلبيا أو إيجابيّا, إذا أنا اكتب لأفلت من هذا الهاجس ثم انشر ما كتبت لمن يهمه هكذا لون من الكتابة, حيث أعتبر الكتابة حاسة سادسة مثلما أرى وأسمع وأشمّ وألمس, حيث أكتبُ بصدق إحساسي وأحيانا تأتي كتاباتي الحزينة بشكل تلقائي ورغما عني دون أن أشعر, فهي تنبثق من أعماقِ أعماقي ولا أستطيع أن أمنعَها من الخروج, فلا يحق لأحد أن يصادر مشاعري أو يحدد لون و نوعية كتاباتي!! فهناك من يكتب للحب والغزل ومثلما يجيد البعض الغزل ويجيد بقية الفنون الأخرى من رثاء وهجاء, ففي محراب الحرف تتجلى صور الجمال لتوقظ الإحساس في الكتابة فينكسر الصمت ليبوح بما يجول في ذاكرة روحي, فأنا إنسانة أمارس صدقي منذ بدايتي أجد حريتي في البوح, حيث وجدت نفسي بين العواطف والمشاعر تلك التي تعبر عن عفوية الحرف وبساطته و التي تدق أوتار القلب تارة ، وتتركه ليسترخي بهدوء تارة أخرى.
بما أنني أحترم خصوصيات الفرد، فأنا أُتابع شخصيتي الفردية التي تأثرت بمن سكبوا السعادة على مواطن الجمال الداخلي, فصدق المشاعر في البوح لا تأذن أو تسمح لأحد بالدخول إلى نقدها, فانا املك نفسي عند البوح العفوي والتلقائي ولا أريد إن أحد يملكني, ولذلك فالقدرة على استيعاب نبلي بلا نهاية لضبابيته إلى حد بعيد عند البعض, أكتب ما أشعر وما أحس أنه يكتبني. لا أفصل بين الكتابة والمشاعر نعم هذا هو منطق القلب قبل العقل, وأنا لا أجد حرجا في أن أقول إن ما أكتبه عن الحزن والوجع والذي لم يعجب البعض هو نتيجة تجربة ذاتية, وإلا ستكون تجربتي ناقصة فمصدر كتاباتي هي ذاتي التي تلتحم مع صدقي, والبعض يتعجب أن يرى من يمارس الصدق, أنا هنا لا أحب أن أدخل في جدال مع البعض حيث اللحظة حين اكتب سواء كانت حزينة أو غيرها الهدف منها أن تصل إلى القارئ بكامل صدقي وإلا فما ضرورة الكتابة, و من الأفضل لي أن أصمت إذا!
كلمة ونص
إلى صديقتي الراحلة سلوى عبد الحي أم ماهر الغانم بكامل بياضها وأعتذر أقصد إلى رحيلها بكامل وجعه, إلى غيابِها بكامل اشتياقي لعمر قد مضى معها أهدي مقالي لسلوى وإلى من أحب, وعلي أن أقف قليلا باتجاهِ القبلة و في قلبي حنين لا يمَل منَ الشوق، علني أغفو لحظة وقد ابكي قليلا وقد أنام بل إني سأسقط من النعاس ! لا أريد قهوة هذا المساء فلقد باتت قهوتي لا نكهة لها مدركة إن مسائي هذا سيكون مملا، فلا يحلو المساء بلا قهوة ولكنه مساءا استثنائيا فقط.