ناقش ملتقى مناقشة الكتب “قبس” في أولى حلقاته النقاشية في موسمه الثاني، رواية ” الحارس في حقل الشوفان” للكاتب الأمريكي جيروم ديفيد سالينغر، الصَادرة عام 1951، وذلك مساء الخميس الماضي في مركز آفاق للدراسات بسيهات.
الرواية في الأصل موجهة للقراء البالغين، لكنها أصبحت ذات شعبية كبيرة بين القراء المُراهقين، بسبب محاورها الرئيسية مثل اليأس والعزلة خلال مرحلة المراهقة، وتُعالج الرواية قضايا مُعقدة مثل الهوية والانتماء والخسارة والعلاقات والعُزلة.
وأدار الحلقة النقاشية الكاتب “حسين إسماعيل” الذي قدم رؤيته للرواية، فأشار إلى أنها تعتبر رواية مثيرة للجدل، بالرغم من أنها دائمًا ما تظهر على قوائم أهم الأعمال الأدبية عالميًا، إلا إنه الآراء حولها متباينة جدًا، فهي إحدى أكثر الروايات التي قدم بشأنها طلبات لمنعها من التواجد في المقررات الدراسية، بل كانت ضمن أكثر عشر روايات طولب بمنعها في عام ٢٠٠٩، أي بعد نصف قرن من صدورها للمرة الأولى.
واستعرض إسماعيل قصة الرواية، لافتا أنها تحكي باختصار قصة هولدن كوفيلد على لسانه، حيث يسرج ما حدث في الثلاثة أيام التي تلت طرده من مدرسة بينسي حتى وصوله لبيت والديه. يبدأ السرد قائلًا: “إذا كنت قد أثرت اهتمامك بالفعل.”، مضيفاً أن أحداث الرواية، نكتشف أن المخاطب محلل نفسي، وأن هولدن يحكي الأحداث من مصحة عقلية من نوع ما. ما يجب علينا فعله الآن هو تحليل كل تلك الأحداث برمزياتها وكنوزها.
وطرح عدة أسئلة في ما هو تصنيف هذه الرواية؟ ما هو الجنس أو الأجناس الأدبية التي تظنون أن الرواية تنتمي إليها؟ وعلى أي أساس صنفتموها؟، مشيراً إلى أهمية السؤال عن الجنس الأدبي تكمن في أن الرواية يمكن أن توضع في قالب معين –حتى ولو بصورة ابتدائية على الأقل- وذلك من أجل ربط الثيمات والأحداث المختلفة داخل هذا القالب.
ولفت إلى أن سياق الرواية يجر بالضرورة للحديث عن بعدي الزمان والمكان. حيث تجري أحداث الرواية في الخمسينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية. طبعًا، حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية فترة مهمة جدًا في التاريخ الأمريكي لأنها صنعت جيلًا ساخطًا على المجتمع والمؤسسات القائمة آنذاك ، بالإضافة للإشارة لمفهوم مهم وهو مفهوم الحداثة.
وقدم “منتظر المحسن” ورقة استعرض فيها أبرز أحداث الرواية، بدأها برسالة لمؤلف الرواية سالينجر لعائلته قال فيها: “أنا من هذا العالم ولكني لست فيه”، وكانت هي الرسالة الأخيرة له بعد نشره لروايته الشهيرة “الحارس في حقل الشوفان”، لحيث ابتعد سالينجر عن الناس والمجتمع كافة وعزل نفسه، ليعيش في كوخ داخل الغابة حتى وفاته سنة 2010.
وأشار “عبد الله مسجن” إلى أن المميز في الرواية وصفه للشخصيات عبر الحدث والحوارات. لافتاً أن بطل الرواية كانت الحوارات وعدم الإنصات المستمر تؤثران على نفسيته وتدعواه للاكتئاب والتقيؤ.
وتخلل الحلقة النقاشية عدة مشاركات ومداخلات للحضور، تنوعت بين ناقد رؤية محور الرواية “هولدن كوفيلد” للحياة والناس، وضجره منهم، في المقابل أيدت بعض المداخلات تلك النظرة وأنها تعبر عن واقع الزيف والخداع الذي يدور في المجتمعات.