الجنوبي: دلة والدي قادتني لاقتناء أكثر من 5000 قطعة تراثية.. وأحلم بمتحف للقطيف

دلة بغدادية اقتناها من والده، لم تكن مجرد ميراثٍ أو ذكرى، بل بدايةٍ لقصة هاوي التراث حبيب رضي الجنوبي، المنحدر من بلدة سنابس بجزيرة تاروت، قادته “دلة والده” إلى اقتناء أكثر من 5000، قطعة تراثية وقديمة، ستجدها في مجلسه المزدحم بالقطع، حيث يجلس الزوار بين أروقته، بجانب بعضهم البعض، يتسع المكان، باتساع قلوبهم والأريحية التي يشعرون بها في محضر “الجنوبي”، الذي يعرفهم على مقتنيات متحفه الشخصي، لتستقبلهم نافذة في الجهة اليمنى، بعد ثلاث خطوات من دخولهم، مملوءة بالدلال التراثية، وبعدها مجلس في بضع أمتار، يحتضن علاقة ” الجنوبي” بالتراث.. نعم، لم يعد التراث يهم نوعية من أفراد المجتمع، وهم كبار السن، حيث أصبح لغة ثقافية، يهفو لها مختلف فئات المجتمع، لما يحمل، بين أراوقه الشغف بالماضي، حكاياه وثقافته، الحياة الاجتماعية، التي تكتنفه وتحتويه، لذا فإن البعض اتجه ناحية إنشاء متاحف شخصية في منازلهم، ينقشون بين زواياها الماضي من خلال جمع القطع التراثية والقديمة، لينقلوا للأجيال، خلالها الماضي. هكذا كان التراثي ابن الواحد والثلانين ربيعًا، حبيب رضي الجنوبي، الذي اتخذ من التراث، مقصدًا يتناغى به، ليعيش الذكريات من خلال متحفه الشخصي، يحدثنا عنه في حواره مع «القطيف اليوم».

س: بدايةً، عرفنا على بطاقتك الشخصية والتراثية؟
ج: حبيب رضي الجنوبي، مدرس تربية فنية، في مدرسة صهيب بن الرومي المتوسطة بمدينة سيهات، من سكان بلدة سنابس في محافظة القطيف، هاوٍ للتراث بكل تفاصيله.

س: حدثنا عن بدايتك في جمع كل ما يتعلق بالتراث، متى كانت؟
ج: تقريبا عام 1415، بدأت في جمع القطع التراثية، حيث كانت أول قطعة اقتنيتها، دلة الوالد البغدادية، التي قادتني، للإبحار مجدفًا خطواتي لهذا العالم التراثي.

س: حتى الآن، كم عام قضيته في تجميع القطع التراثية، ومتحفك عمره الزمني، كم؟
ج: بدأت عام 1415هـ تقريبًا، والمتحف له قرابة العشر سنوات.

س: ينقل عن الإمام السجاد “ع”، قوله : هلك من لم يكن لديه حكيم يرشده. وعليه من الشخصية، التي تجدها توأم خطواتك ناحية التراث؟
ج: أخي حسن -رحمه الله-.

س: ماهي أول قطعة تراثية، احتضنها متحفك؟
ج: دلة بغدادية من ورث الوالد -الله يرحمه-.

س: لهذه اللحظة، كم عدد القطع التراثية، التي تقتنيها في متحفك؟
ج: القطع التراثية والقديمة التي يحتضنها المتحف تزيد عن 5000 قطعة.

س: ما الدافع، الذي جعلك تصرف وقتك ومالك في ساح التراث، لتقتني ما يتعلق به، وهل تعد ذلك بأنه هواية خاسرة ماديًا ووقتيًا؟
ج: حبًا فيه لما له من ذكريات، تحتوي الإنسان في حياته، وإن كان يكلف وقتًا ومالاً، فإني لا أراه وقتًا ضائًعا، أو مالاً خاسرًا. أن أعيش الماضي بذكرياته، فإنه العشق الذي يراودني، لأشبعه.

س: ما الهدفية من جمعك لهذا القطع التراثية في متحفك الشخصي، أيكون المكسب المادي من خلال ممارسة التجارة أو ثمة أمر آخر يكتنز ذاتك، حدثنا عنه؟
ج: الحفاظ على الهوية، بالرجوع لكل البيئة، التي تكتنف آباءنا وأجدادنا، من سبقونا، لنعيش هويتنا العربية، نحافظ عليه، بتوثيق ما يتعلق بها، ومنه المتاحف التراثية.

س: ماذا يحتوي المتحف لديك، وأي القطعة التراثية تمثل الشغف الجموح بدنياك بشكل أكبر جموحًا؟
ج: يحتوي المتحف على قطع كثيرة، لكن القطع التي تجذبني أكثر، هي القطع التي عاصرتها ولي معها ذكريات، القريبة مني، مكانيًا وزمانيًا، لتغيب، فأسترجعها، بين يدي في هذا المتحف، قسم البقالة، المعني بجمع كل ما يتعلق بالمواد الغذائية المختلفة، الأقرب لذاتي من القطعة، هي زيت كلارا، المختوم باسم سعيد أحمد المحروس، الزيت النظيف، الذي انقطع منذ زمن، ولا تجد ما يماثله الآن، كجودة، إضافة إلى الأشياء المتعلقة بالمطرود، كالألبان وغيرها، تأتي بجانبها الكاميرات والسينما، حيث لدي فيلمًا سينمائيًا بآلة العرض، التي من جيل السبعينات، ويتحدث توثيقيًا عن مكة المكرمة، ولازال يعمل بكل وضوح، وقد حصلت عليه من جدة، من خلال التواصل مع “أبو مهدي”، على قناة التواصل الاجتماعي”الانستغرام”، لأذهب إليه في جدة.

س: ممكن تعرفنا على كيفية حصولك على القطع التراثية، إضافة إلى نوعية الصعوبات، التي تكتنف ذلك؟
ج: من الأسواق والمزادات والأصحاب والأقارب، أحيانًا أبحث عنها في الأماكن والمنازل القديمة، ولدي قطع أثرية، كالكاميرات، التي تبلغ قرابة 200 كاميرا أثرية، من دولة الكويت وغيرها، كذلك بعض القطع، التي أحصل عليها بالسفر خارج الأسوار الجغرافية للوطن، أو السفر داخل الوطن، للحصول عليها، كالسفر إلى مدينة جدة- على سبيل المثال لا الحصر-، كذلك من المزادات، مزاد القديح أو في مدينة جدة وغيرها.

س: هل المقتنيات التراثية لديك، تقتصر على محافظة القطيف باتساع أفقها، أم تعداه إلى الوطن، بعيدًا إلى خارج الوطن؟
ج: القطع التراثية لدي، متنوعة وفي المتحف، أشياء من التراث العالمي.

س: إنه في الغالب، كعادة اجتماعية، يسعى الكثير لإتلاف كل ما يتعلق بالموتى -رحمهم الله-، في حين أن الاحتفاظ ولو بالقليل منها، لذكراهم، التي تمثل في مكنونها ناحية لها علاقة بالذاكرة التراثية مستقبلاً، ما تعليقك؟
ج: كل شخص وله وجهة نظر وأنا أحترمها، لدي بعض المقتنيات، قدمها بعض الأصدقاء والأهل، لوضعها في المتحف، التي ترجع إلى الراحلين عن دنياهم من أسرهم.

س: بحكم كونك معلمًا لمادة التربية الفنية، هل ساعدك على اقتناء القطع التراثية؟
ج: نعم، الحس الفني والثقافة الفنية، تساعد التراثي في كيفية اقتناء القطع المناسبة، كذلك لدي أعمال خاصة، أقوم بعملها، كالسيوف والبنادق – ديزاين-، المعدة للزينة، كذلك عمل الجداريات، سواء أكانت فيما يخص الجانب المادي أو التطوعي.

س: هل تفتح أبواب متحفك للزوار بمختلف ألوانهم ومشاربهم الثقافية والاجتماعية، ماهي نوعية الزوار الذين يتوافدون على متحفك؟
ج: نعم، الأقارب والأصدقاء وهواة جمع القطع التراثية، الزوار من مختلف الفئات الاجتماعية.

س: هل لك أن تزودنا بتعليق لأحد الزوار، أخذ في ذاتك مأخذه، ويجعلك تفتخر به، وتستذكره بين الفينة والأخرى؟
ج: نصيحة من أحد الزوار وصاحب باع طويل في هذا المجال، قال: اكتف بما عندك من قطع ولا تضيع “فلوسك”، في شراء القطع التراثية.

س: هل لديك مشاركات في المهرجانات، التي تُعنى بالتراث أو في زواياها أركان تراثية، سواء على المستوى المحلي أو خارجه؟
ج: لي مشاركات في مهرجان الدوخلة، إضافة إلى كوني من المؤسسين في مهرجان الدوخلة، حيث كنت من المصممين للقرية التراثية دائمًا.

س: كيف توصف علاقة هيئة السياحة والآثار مع المتاحف التراثية الشخصية في المنطقة، وهل ثمة تواصل معها في ما يخص ذلك؟
ج: بالنسبة لي لم أتواصل معهم بهذا الخصوص.

س: ماهو تقييمك للإعلام المحلي في محافظة القطيف، مع المتاحف التراثية الشخصية؟
ج: نادر بعض الشيء، والسبب من وجهة نظري، يرجع إلى أن أغلب أصحاب القطع التراثية، يحبون الخصوصية والإنفراد بالقطع المميزة والنادرة، إضافة إلى أن البعض منهم، يخصص متحفه الشخصي لذاته وأسرته والمقربين منه، ولا يفتحه للزوار، ليكون متحفًا خاصًا به، كعشق لا يحب أن يزاحمه فيه أحد.

س: هل تشعر بأن هناك معرقة عامة لقيمة هذه القطع التراثية والقديمة؟
ج: رأيت بعضها تباع بأبخس الأثمان (ريال) في سوق واقف الشعبي بالقطيف، بينما قيمتها في المزادات بالمئات.

س: برأيك، هل تفتقر محافظة القطيف للكتب المطبوعة التي تتحدث عن التراث، في حين نجد هنا وهناك متاحف تراثية شخصية، تحتوي على مواد خام بالإمكان الاستفادة منها في الكتابة التوثيقية التراثية، وأي الخيارات التي تقترحها؟
ج: توجد مجموعة من الكتب، تتحدث عن تراث المنطقة، لكن المتاحف لم يكتب عنها، لأنها شيء جديد بعض الشيء على المجتمع في القطيف، ولا يوجد حقيقة متحف متكامل فيها ليكتب عنه.

س: وجود متحف في محافظة القطيف، يكون مقصدًا للسواح، ألا يعد مطلبًا لديكم، وهل ثمة خطوات فعلية اتخذتموها في سبيل ذلك؟
ج: لا، لم تكن لدي أي خطوات في ما يُعنى بهذا الشأن، نعم، لدي أمنية أن يكون لي متحف شخصي خاص، معد ليكون متحفًا، بدلاً من هذه الحجرة -مجلس-، التي تضيق بالقطع التراثية والزوار.

س: كلمة أخيرة لك، ماهي ولمن توجهها؟
ج: لهيئة السياحة والآثار، أتمنى أن يكون في محافظة القطيف متحف متكامل، وقرية تراثية دائمة، مفعلة بالبرامج والفعاليات والأنشطة، ويكون مستمرًا.


error: المحتوي محمي