كم نتقن نحن تصويب أخطائنا ، والقتال حتى آخر نفس من أجل إثبات أن ما نقوله أو نفعله هو عين الصواب , وأصدق الجواب ، رغم أن كل المعطيات والمؤشرات تدل على يقين الخطأ والذي نستشعره في قرارة النفس ، ولكنه العناد والمكابرة والجهل الذي نظنه هو الحقيقة المطلقة ولا غيرها .
إنه من غير المألوف عادة التسليم بصوابية الرأي الآخر ، وبطلان رأينا ، أو في أقل الإحتمالات الإتفاق على الرأي الواحد ، فذلك ليس من ممارساتنا والتي دائماً ما نظن أن في اختلافنا عن الآخرين تميز لنا ، وأن كان الإختلاف للإختلاف فقط .
علينا ذا ما أردنا الإتفاق أن نسير نحوه بالتوفيق بين الآراء ، وذلك بطرح الأفكار على الطاولة ومناقشتها كلٌ على حدة ، وتصويبها بترجيح ، أو تخطأتها بترجيح كما وعلينا أن نحترم جميع الآراء ونأخذها بالحسبان ، فلربما يكون الرأي المختلف الواحد هو الرأي الأصوب .
الإنتصار للرأي الشخصي الواحد جهالة وأنانية ، ولرأي شخص في مجموعة ضد رأي آخر عصبية ، وتصويب الخطأ كارثة جماعية ، ومن أراد ترجيح رأي على آخر ، أو إثبات صوابية رأيه ، فعليه إثبات ذلك بالأدلة والبراهين والإقناع العلمي الواعي ، وليس بالصراخ والزعيق وتهميش الآخر، وتشكيل التكتلات السلبية والتي تضر بالمصلحة العامة بصورة خطيرة ، لأن من شأن ذلك أن يهدم المنجزات ، ويقوض الأهداف ، ويطيح بالنجاحات ، ويقضي على المنظومة المؤسساتية التي لا تقف سوى على اختلاف الآراء ، من أجل الإلتقاء لاحقاً على رأي واحد من المؤكد أنه سيكون الأقرب للصواب . وليس من المنطق تصويب الأخطاء ، إما بفرض الرأي الواحد لكون صاحبه مسؤولاً أو ما شابه ، أو بالمجاملة والمحاباة أو التعصب للرأي ، ومرد ذلك كله هو الخسران ولا شيء غيره .
هذا ما يجب أن تكون عليه أبسط الأسس الإدارية ، وتتمتع بخ الكفاءات القيادية ، التي تغلب رأي الجماعة على رأي الفرد الواحد ، حتى وإن كان رئيس المنظومة أو مالكها .
الإدارة فن ، وليست عجن ، ومن فنون الإدارة الإختيار الأمثل للكفاءات والذين همهم هو المصلحة العامة العليا البناءة ، وليس المصلحة الشخصية الدنيا الهدامة .