
يعد الكابتن المهندس طيار علوي بن أمين الشبركة، أول مدرب طيران سعودي في المنطقة الشرقية..، خلال مسيرته العملية قام بتدريب العشرات من الطيارين، أمضى عشرات الآلاف من الساعات محلقًا بين الغيمات ..، واجه الكثير من المواقف والحكايات والغرائب ..، الكابتن الذي أمضى في عمله بقطاع الطيران، في مجال الصيانة، ثم في الطيران، ثم في التدريب على الطيران، كانت سنوات حافلة بالعطاءات، لتنتهي بالتقاعد مؤخرًا، «القطيف اليوم»، تبحر في عالمه، ليخصها بهذه الفسحة.
س : عرفنا على بطاقتك الشخصية والعلمية؟
ج : مدرب الطيران المهندس طيار علوي أمين ناصر الشبركة، من مواليد حي الشويكة بمحافظة القطيف، بدأت التعليم الابتدائي في مدرسة الإمام زين العابدين “ع”، بعدها مدرسة معن بن زائدة المتوسطة، ثم ثانوية القطيف التي أكملت المرحلة الثانوية فيها، ثم ابتثعت لأمريكا لدراسة الطيران.
س : من المقاعد الدراسية، المرحلة الثانوية تحديدًا ، ينتاب الإنسان فكرة ما يريد أن يكون مستقبلاً.. “أن تكون طيارًا” متى بدأت الفكرة لديك، لتتعتق، وتصبح واقعًا ؟.
ج : منذ الصغر كنت أتمنى أن ألتحق بالطيران.. في البداية وبعد تخرجي من الثانوية، تقدمت للحصول على وظيفة في الخطوط السعودية، وكذلك تقدمت للدراسة في جامعة الملك سعود بالعاصمة الرياض، حصلت على القبول في الجامعة أولاً والتحقت بتخصص الطب،، وبعد ثلاثة أشهر من دراسة الطب تلقيت اتصالاً من الخطوط السعودية بقبولي في مجال الطيران، كان ذلك عام 1981هـ، تركت المقاعد الجامعية وتوجهت للخطوط السعودية حيث كانت أمنيتي.
س : أين كانت دراستك، أهي في الوطن أم خارج أسواره الجغرافية ؟
ج : بعد التحاقي في الخطوط السعودية، درست في مدينة جدة دراسة تأهيلية على حساب الخطوط، لغة إنجليزية، بعدها تم ابتعاثي إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الطيران، تخرجت من إحدى الجامعات في ولاية كاليفورنيا مهندس طيران. بدأت كمهندس صيانة ثم مهندس طيار ثم مدرب طيران في مدينة جدة.
س : ماهي الطائرات التي تدربت عليها، والتي عملت عليها لاحقاً؟
ج : في البداية تدربت في أمريكا على الطائرات الصغيرة من نوع “سيسنا”، ذات محرك واحد، بعدها على الطائرات التجارية من نوع “بوينغ”، 727، ثم في السعودية على طائرات “الترايستار”، التي تم الاستغناء عنها مؤخراً، ثم عملت على طائرات “الجامبو 747 “.
س : ماهي الصعوبات، التي واجهتك في بداية حلمك، كذلك خلال دراستك التخصصية ؟
ج : اجتياز اختبارات الطيران التي في أمريكا والسعودية من علمية وطبية، كانت صعبة جدًا للغاية، لتأتي بمثابة التحدي، ولكن الحمدلله تمكنت منها بكل جدارة.
س : الشخصية، التي لها التأثير في توجهك إلى قطاع الطيران؟
ج : المرحوم الكابتن ماجد قباني من جدة والكابتن عقيل العقيل والكثير، الذين لا يمكن حصرهم.
س : بحسب معلوماتنا، أنت أول مدرب طيار من المنطقة الشرقية، حدثنا عن هذه التجربة وانطباعك ؟
ج : عملت كمدرب طيران في الجو وفي الجهاز التشبيهي “المحاكاة”، كذلك أجيز رخص الطيران للمتدربين من قبل الطيران المدني في السعودية، بالتأكيد هي مهنة بمثابة التحدي ولكنها لا تخلو كذلك من المتعة، كونك تعمل على زرع الثقة في طياري المستقبل.
س : ما سبب اختبارك كمدرب للطيران؟
ج : كنا حينها نطير فوق جبال الألب، وكنت مهندس طيار حينها، وتعرضت الطائرة لخلل في أجهزة الضغط الجوي، كان الموقف صعب بحيث لا نستطيع الهبوط في الأجواء الجبلية، وكابتن الطائرة كان يريد أن يهبط حينها بشكل اطراري فوق الجبال، وقد تدخلت حينها وأخبرت الكابتن بأن يواصل الرحلة، وإن بإمكاني التحكم بالمشكلة، ومن هنا تم اختياري كمدرب بسبب هذا الموقف.
س : ما الدولة، التي سافرت لها، لتكون الأفضل في مجمل رحلاتك، ولماذا ؟
ج : ربما تكون أمريكا وسنغافورة من أفضل الدول التي زرتها من ناحية الأنظمة والسياحة.
س : ما أطول رحلة، وكم ساعة قضيتها في الجو، لتلامس ترابها ؟
ج : أطول رحلة، كانت من الرياض إلى لوس انجلس، قضينا فيها نحو 16 ساعة في الجو، لنلامس ترابها.
س : ماهي أبرز الصعوبات، التي واجهتك بشكل عام ؟
ج : الصعوبات، تكمن في الغربة عن الأهل والأولاد، وفاة أعزاء لنا، وما يجسده فعليًا، ليختصر كل معاني الغربة والحسرة والألم، رحيل الوالد والوالدة بالذات عن الدنيا، وأنا في خارج الوطن… هناك صعوبات أخرى نوجهها في السفر مثل الأطعمة كنا نواجه أكلات غريبة ولا نتقبلها بسبب اختلاف العادات والتقاليد.
س : ماهي الدولة، التي كانت بوصلتك ، تهفو لها، وتمنيت زيارتها ؟
ج : البرازيل واستراليا، تمنيت زيارتهما ولم تكن الفرصة، لتأتي بوصلتها.
س : الدولة التي زرتها مرارًا، لتجيء الأكثر زيارة ما بين مسافاتك الجوية ؟
ج : أكثر دولة زرتها فرنسا والفلبين واندونيسيا.
س : شخصيات جمعتك اللحظة معهم على متن الطائرة ؟
ج : هناك ثمة الكثير من الشخصيات، التي جمعتنا اللحظات بهم بلا ميعاد – على سبيل المثال لا الحصر -، الكثير من المسؤولين والقيادات والفنانين والممثلين، كذلك لاعبي الرياضة المعروفين، كلاعبي المنتخب السعودي.
س : حدثنا عن المواقف مع المسافرين ؟
ج : عندما نعيد التحليق بسبب أجواء كانت تمثل لحظات صعبة لجميع الركاب رغم تعودنا عليها، وهناك مواقف إنسانية في الطائرة، كولادة بعض المسافرات في الطائرة، فقد صادفت أكثر من 3 حالات ولادة في الأجواء. والحمد طاقم المضيفين كانوا ملمين في التعامل مع مثل هذه الحالات وجميع عمليات الولادة التي كانت مرت بسلام – ولله الحمد -.
س : هل واجهتكم حالات وفاة لركاب في الجو؟ وماذا كنتم تفعلون؟
ج : نعم واجهتنا حالات وفاة لكبار السن، وأعتقد حالتي وفاة، وكنّا نأخذ جثمان المتوفي ونحفظه في مكان جانبي للطائرة حتى لحظة وصول الرحلة لوجهتها.
س : هل تعرضتم لحالات أجبرتكم على الهبوط الاضطراري؟
ج : نعم أتذكر حالة واحدة كانت لمريضة في إحدى الرحلات، حيث أجبرنا للهبوط الاضطراري في الهند من أجل إسعافها.
س: ماذا عن التحليق في الجو؟ هل تعرضتم لحوادث خطرة؟
ج : هناك حوادث لا أستطيع أن أنساها، فقد تشهدت ثلاث مرات، الأولى فوق أجواء الدمام، فقد كانت هناك عاصفة قوية أثناء الهبوط، هبطنا ولله الحمد فيها بسلام، والثانية كانت حالة عدم رؤية بسبب الأجواء في الرياض، قمنا بثلاث محاولات للهبوط في الرياض، والثالثة في أجواء جنيف، حيث كانت مشبعة بالأمطار الغزيرة والرياح، وكان حينها يصعب على الطيار التحكم في الطائرة، ولكن تمكنا من الهبوط بأعجوبة ولله الحمد، هذه المواقف لا أستطيع أن أنساها أبداً.
س : هل تعرضتم لصعوبات في الدول التي تقصدونها في الرحلات؟
ج : نعم هناك الكثير مما لا يتسع المجال لذكره من المواقف التي لا تنسى، بينها عندما كنا متجهين إلى تايوان حيث كانت الرحلة المقررة البقاء هناك 3 أيام، ولكن بمجرد وصولنا ونحن في الفندق، ضرب المنطقة زلزال عنيف إضافة إلى أحوال جوية صعبة، تلقينا حينها أوامر بعدم الخروج من الفندق حفاظاً على سلامتنا، وبقينا في الفندق أسبوعين، عشنا خلالها ظروف صعبة، تحولنا إلى نباتيين نأكل الخضار والفاكهة فقط، فالأطعمة التي كانت متوفرة حينها في الفندق هي ضفادع وبعض السحالي فقط، عشنا نحو 14 يوماً على الفاكهة والبسكويت!!.
س : بلغة الأرقام كم لك في قطاع الطيران، موظفًا، وكم ساعة قضيتها في الجو، لهذه اللحظة ؟
ج : عملت في قطاع الطيران، لحد الآن 33 سنة، وقضيت 23 ألف ساعة في السماء، كساعات طيران.
س : في بداياتك، كم كان عدد الطيارين السعوديين ؟
ج : عدد الطيارين السعوديين في بدايتي، كانوا قلة قليلة جدًا، حيث كانت الجنسيات الأوروبية والأمريكية مسيطرة على طاقم الطيران والمدربين إلا أن الخطط التي وضعتها الخطوط السعودية، ساهمت في رفع هذه النسبة إلى أكثر من 80% وأثبت السعوديون الكفاءة العالية في هذا المجال.
س : كيف تقيم مستوى الأمان للطيران السعودي؟
ج : تعتبر السعودية من أفضل خطوط الطيران في أمانة الطائرات، حيث يتم إنفاق مبالغ طائلة على جانب السلامة وهذا أمر يلمسه الجميع من سلامة الطيران السعودي.
س : ما نوع أول طائرة ، كنت قائدها وأين، وما الشعور الذي انتابك حينها ؟
ج : أول طائرة، كنت قائدها في أمريكا، كانت من نوع ” يوينغ 727 ” في ولاية كولورادو الأمريكية، حينها شعرت بالخوف في البداية، كتدريب من الأرض للجو ولكن سرعان ما تلاشى الخوف.
س : كلمة موجزة لرحلة 33 عامًا في الطيران، ماهي ؟
ج : لا يمكن لأي من الكلمات أن تعبر عن كل ذلك . لقد عشت عوالم أخرى كثيرة جدًا، بعضها مليئة بالمآسي والبعض الآخر مليء بالسعادة والفرح، كسبت خلالها صداقات كثيرة جدًا عالمية من جميع الدول على حساب ابتعادي عن صداقات الطفولة والشباب من أبناء منطقتي، كثير صادفتهم في العالم وتعرفت عليهم وانقطعت أخبارهم وأحن لرؤيتهم وسماع أخبارهم ولكن لا أعرف شيئاً عنهم الآن.
أول طائرة تدرب عليها
حفل التخرج من الولايات المتحدة
مع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان
مع صديق العمر عبدالله سرير