بعد أن جسد موقفاً إنسانياً يرسم واحدةً من أروع صور التضحية والإيثار، واقتطع من جسده جزءاً لن يعود للنمو مجدداً، زارعاً إياه في جسد طفلة في الثامنة من عمرها، تفاجأ الشاب عبدالله محمد المسقلب بتكريمه مساء أمس الجمعة 7 جمادى الآخرة 1439 هـ.
وتعود تفاصيل القصة، إلى يوم الثلاثاء 20 محرم 1439 هـ، حين تبرع الشاب عبدالله المسقلب البالغ من العمر 24 عاماً، بإحدى كليتيه إلى ابنة أخيه زينب حسين المسقلب “8 سنوات”، بعد أن صارعت المرض لمدة عامين، وتعذر على والديها التبرع لها لعدم المطابقة.
وتفاجأ المسقلب بعد مرور أربعة أشهر من عملية التبرع، بحفل تكريمٍ له، شاركت فيه عائلة: الحصار، وآل عبيد، والمسقلب، والمطرود، وآل عبدالرازق، والسودان.
وأقيم الحفل في واحدة من استراحات القديح حيث ينتمي المسقلب، بحضور عددٍ من الأهل، وسماحة الشيخ عبدالله الحلال والملا سعيد آل ياسين.
وعن التكريم، ذكر ضياء الحصار لـ«القطيف اليوم» بأن الفكرة انطلقت من مجموعة من الأهل والأقارب، وذلك عرفاناً وشكراً لما قدمه، مشيراً إلى أنه منذ طرحت المجموعة فكرة التكريم، فإن الجميع بدأ بالتكاتف والتجهيز بعد أقل من ساعة، بدءاً من المكان وانتهاءً بمبأدبة العشاء، وحتى هدايا التكريم.
وأضاف هدِفنا إلى تشجيع المجتمع على هذا النوع من العطاء، والتنويه إلى أنه عمل بطولي، لا يجرأ الكل على فعله، مستدلين بالآية الكريمة (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).
وقال:” المجتمع ينظر إلى المتبرع بنظرة البطل والكل لاحظ ذلك، ولابد أن نوسع مجال الرؤية في كل بيت وبلدة في القطيف خاصة وللناس عامة”.
وتخلل التكريم كلمةً ألقاها خالد حسن مسقلب عم المتبرع، أشاد فيها بما قدمه “عبدالله”، متقدماً بشكره نيابةً عن جميع أقاربه، وقال:” نتقدم بجزيل الشكر والتقدير لابننا عبدالله، حيث قام بعمل بطولي يشكر عليه ويثاب أجراً، بإنقاذه روحا لتعيش حياةً أخرى، مليئةً بالسعادة والفرح، حيث لم يقدم عليه أحد من العائلة، ويعتبر فريداً من نوعه فيها، ليكون حافزاً للشباب جميعاً، وتشجيعا لهم”.
بدورها، عبرت الطفلة زينب حسين المسقلب عن سعادتها لـ«القطيف اليوم» بما قدمه عمها لها، وذكرت بكل عفوية بأنها تشعر بالراحة بعد أن انتهت معاناة الغسيل الكلوي من حياتها، مرجعةً الفضل بعد الله تعالى إلى عمها، الذي اختصرت شعورها تجاهه بعبارة “أحبه كثيراً، مثل أبي”.
الجدير بالذكر أن محافظة القطيف شهدت في الآونة الأخيرة عدداً من حالات التبرع بالكلى، ورسم صور إنسانية مختلفة، بعضها لأقارب من الدرجة الأولى، وأخرى لأغرابٍ لم يجمعهما غير عمل الخير، وجزءٌ من جسدٍ فارق صاحبه ليستقر في آخر والثمن “القربى من الله” فقط.