زوجة الأب بين الأمومة والخصومة!

تظل زوجة الأب بمجرد ذكرها مصداقًا للأشياء الممقوتة عند شريحة كبيرة من الناس وما رسخ ذلك في أذهانهم الصورة المشوهة التي رُسمت لها من خلال بعض المعالجات الدرامية أو تسميتها بالضرة أو ربما بسبب بعض الممارسات الظالمة من بعضهن تجاه أبناء الزوجة الأولى مما ينتج عنه أجواء من التوتر والصراع المستمر.

يبدو أن في العنوان حربًا كلامية مفتوحة بين مؤيد ومعارض، فثمّة من يرى أن زوجة الأب مهما بلغت من الورع والتقوى والإيمان لا يمكن أن تحل محل الأم أو أن تقوم بدورها ويعتبر ذلك من الفطرة السليمة التي تكون عند الأبناء ولدي يقين تام أن بعض القارئين الكرام سيصبون جام غضبهم هنا على زوجة الأب وسيجدونها فرصة بعد تجرع الغصة!

وهناك من يقول إن زوجة الأب قد تقوم بدور الأم على أكمل وجه إن توافرت لديها صفات الورع والتقوى وخوف الله عز وجل فهي تعطي بلا منة وترأف بحال الأبناء خصوصًا الصغار منهم فيما لو فقدوا أمهم أو حصل انفصال بينها وبين أبيهم ويستشهدون على ذلك بنساء خلدهن التاريخ كن مثالًا لزوجة الأب الرؤوم الحنون وفي طليعتهن فاطمة بنت حزام المكناة بأم البنين سلام الله عليها ولم تعقم أم الدهور أن تلد لنا أمًا مصغرة ونموذجًا كأم البنين وتجود الدنيا بين حين وآخر بفلتات نادرة بلغْنَ من الإيمان ما بلغن فكنّ نموذجًا مصغرًا لأم البنين.

لست أرى غضاضة في تأييد أصحاب الرأي الثاني فزوجة الأب قد تقوم بدور الأم على أكمل وجه كما قامت بذلك أم البنين فتكون لهم اليد الحانية عند غدر الزمان بهم فتضمد جراحهم وتحتضن أمانيهم وتمسح تعبهم حتى وصل الحال ببعضهم أن يقول لو وجدت عشر نساء مثل زوجة أبي لطلبت من أبي أن يتزوجهن !

ولي مع أصحاب الرأي الأول وقفة عاطفية وعقلية لأن بعضهم قد اكتوى بنار زوجة الأب التي لا تألو جهدًا أن توغر صدر زوجها وتوسوس له حتى تنفرد بقلبه فينسى الأولى وتبعاتها (أولادها) وتكيد وتحقد فهؤلاء عاشوا تجارب مأساوية ومن الطبيعي أن يظهروا زوجة الأب بصورة الوحش الذي يفتك بهم ولكن من الضروري أن يدركوا أن تجربتهم – وإن كانت مُرة – ليست تعميمًا ينسحب على كل زوجات الأب وبإمكان العلاقة أن تكون حميمية ودية بين زوجة الأب والأبناء بشيء من التفاهم والتقارب .

لا أنسى أن أقول إن علاقة الأبناء بزوجة الأب تخضع لبعض الأمور التي جاءت بها كزوجة ثانية فمن تأتي عقيب وفاة الأم ستكون أكثر قبولًا ممن تأتي بعد طلاقها ومن تأتي بوجود الأم ستحضر معها المشاكل والنزاعات بلا أدنى شك فلا الزوجة الأولى ولا الأبناء على استعداد للتخلي عن أبيهم ولن يسمحوا للثانية أن تنفرد بقلبه وربما ثروته وهنا تبدأ الخصومة ..

لك يا زوجة الأب : بإمكانك أن تفوزي بقلب زوجك دون إيذاء أحد فلا تكوني ممثلة بارعة تدّعين البراءة وأنت تكيدين الدسائس وتوغرين صدر الفتنة حتى يخلو وجه زوجك لك واتق الله في الأبناء خصوصًا الصغار منهم لو كانوا فاقدين أمهم.

كما أن الأب له دور كبير في تقريب وجهات النظر وإصلاح العلاقة فيكون حمامة السلام وغصن الزيتون بشرط ألا يظهر بمظهر الساذج المنقاد لزوجته الثانية والمهمل لأبنائه أو زوجته الأولى فرفقًا بأهلك وأبنائك “وقفوهم إنهم مسؤولون “.


error: المحتوي محمي