ننقل التجارب للإستفادة والعبرة، ولزيادة المعرفة والحذر، حيث أن إبراز بعض التجارب ربما يكون دروس وتوجيهات للجميع، وتكون مادة للإنتقاد والتفنيد والمراجعة، بعض التجارب ناقصة لا تحتمل الفصل فيها ولكن مع مرور الزمن تثبت صوابيتها من غيرها، بعضنا يترك ذلك للوقت، الذي ربما يظهر حقائق ووقائع،
قبل حوالي خمس عشرة سنة عندما كنا في العمل، تعرفنا على بعض رفقاء الحافلة، التي تنقلنا من مناطق عملنا إلى المحطة المركزية التي تنقل الموظفين من وإلى بلدانهم، خلال تلك الفترة القليلة كنا نتبادل النقاش والحديث مع الجميع، صادف في عدة مرات تواجد أحدهم، كنا نسمعه يتحدث على الهاتف مع آخرين، فهمنا من الحديث أنهم ربما كانوا يسعون خلفه ليرد دينا أو مبلغا أو نحوه، مرت الأيام بعده إلى أن ظهر هذا الرجل أمامي في وضع مفاجئ وأقتحم المكان، وأغلق المكتب دون إستئذان، أستوقفني التصرف وتركت ذلك لمعرفة ما كان يريد، بعد السلام والتحية، قال لي بصوت منخفض أنه مثقل بالديون ويحتاج إلى مساعدة، وطلب الآف مؤلفة، وأنه يعمل في أعمال حرة تزيد من دخله أيضا، أجبته أنني لا أملك غير راتبي وينفذ مع نفاذ الشهر، ولكن دعني أرى ما يمكنني فعله،
أنا لا يربطني بهذا الشخص علاقة ولا معرفة، غير المصاحبة في الحافلة، وكان يعمل معنا في الشركة في إدارة مختلفة، وله من الخدمة فيها ما يظاهي العشرون سنة وأكثر،
بعد ذلك، سألت عنه بعض الأشخاص وكان فيه الإجماع، أن ديدن هذا الشخص النصب على الناس والأصحاب، وبعدها لا يعيد شيئا إلا بالغلبة، وفي اللقاء الثاني إعتذرت منه على عدم المساعدة، وسألته الإقتصاد في المعيشة والتركيز على عمله ومصدر رزقه، والبحث عن مصدر آخر فيه الحلال والبركة، وإنتهت القصة بعد ذلك ونسيتها،
وبعد كل هذه السنوات الكثيرة، رأيته صدفه بعد تقاعده بسنوات، في محل لشراء الأدوات الكهربائية، وبدأ بالسلام والسؤال عن الأحوال، وإن كنت لا أزال في العمل، أجبته بكلا وشكرت الله على النعمة، ولاحظت وزنه زاد كما زدنا، وسألني عن الأحوال فأجبته بأنها تمام، ذهب بعد ذلك لدقيقة وعاد، وأخذني على إنفراد، وهمس في أذني وقال “توجد عائلة فقيرة وتحتاج إلى مساعدة”، تذكرت القصص القديمة ومختلف الروايات والأحداث، قلت له بعد الدعاء لهم بالفرج، أن يوصل معاناتهم لأقرب جمعية وحتما لن يقصروا في مساعدتهم.