نظم منتدى الخط الحضاري محاضرة بعنوان “نظرية خلق الكون”، قدمها الدكتور محمد حسين آل هويدي، يوم الخميس 29 جمادى الأولى 1439هـ.
وبدأت المحاضرة بحديث آل هويدي عن نظريات خلق الكون، مشيراً إلى أن هناك أكثر من نظرية، وركز على نظرية الانفجار العظيم كونها تحظى بأكثر القبول.
ونبّه إلى أننا نتعامل مع نظريات ولا نتعامل مع دين، وبعض هذه النظريات يعاكس بعضها الآخر، كما أنها تتغير مع الزمن. ضارباً مثلاً بالمفكر اليوناني بطليموس، والعالم البولندي نيكولاس كوبرنيكوس، واختلاف نظريتيهما.
وتطرق لقانوني الديناميكا الحرارية الأول والثاني، مفصلاًً بأن الأول ينص على أن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث ولكن تتحول من شكل إلى آخر. والقانون الثاني المتعلق بالفوضى (entropy) والذي ينص على أن أي نظام مغلق إما تزيد الفوضى فيه أو على أحسن الأحوال تبقى على طبيعتها.
وقال آل هويدي:” وجود النظام الكوني يخالف قانون الديناميكا الحرارية الثاني. توسع الكون ينافي القانون الأول. لماذا؟ قانون نيوتن الأول ينص على أن كل جسم متحرك يظل متحركاً ما لم تؤثر عليه قوة خارجية، وكل جسم ثابت يظل ثابتاً ما لم تؤثر عليه قوة خارجية. لو كان توسع الكون بسرعة ثابتة، لرجعنا لقانون نيوتن الأول، ولكنه يتوسع بشكل متسارع، وهذا يعني أنه لابد من وجود قوة مؤثرة لتزيد من هذه السرعة؛ لغاية اليوم ومنذ الانفجار العظيم زادت طاقة الكون بمقدار 72%، ولا نعلم من أين أتت هذه الطاقة الطاردة ونحن نضع لها مجرد تصورات”.
وأوضح بأن النتيجة هي:” أننا طرحنا أسئلة ومنها أن بناء الكون يخالف قانوني الديناميكا الحرارية، فكيف نقبل بالأمر؟ كيف تحولت الفوضى إلى نظام، بينما لم نرَ في حياتنا أن انفجاراً حدث على الأرض بنى خلفه مستشفيات أو مدارس. كل انفجار يخلف وراءه فوضى عارمة. الانفجار العظيم أكبر انفجار حدث في الكون، كيف خلَف وراءه نظام؟!”.
وتطرق بعد ذلك إلى بعض التعاريف؛ الوهم، والواقع، والحقيقة.
وتساءل عن حقيقة واقعنا. هل نحن نعيش وهما؟، موضحاً أن الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت فند فكرة الوهم من خلال قوله “أنا أفكر، إذاً أنا موجود”، وذلك لأن الفكر دليل الوجود، مستدركاً:” ولكن ما حقيقة وجودنا؟ هل نحن نعيش بمادتنا أم أننا مجرد خيالات تطوف في برنامج حاسوبي (عالم افتراضي)، وذلك كما يلعب الطفل بلاعبي كرة القدم في لعبته. هو يعلم أن ما يراه افتراضي، ولكن لو صادف أن لتلك اللاعبين إرادة وتفكير، قد تشعر أنها حقيقة حيث لا تلتفت للعالم الافتراضي في شيء. علمياً، صناعة العالم الافتراضي أسهل من صناعة الواقعي، ومنطقياً كل برنامج افتراضي بحاجة لمبرمج عاقل، والسؤال الذي نطرحه؛ كيف نتقبل أن يكون للبسيط صانع بينما يتعذر علينا تفهم أنه لابد أن يكون للأصعب خالق؟!، نحن نستطيع أن نبتكر ونخلق برنامجاً حاسوبياً، ومن المستحيل لنا أن نصنع ذرة من لا شيء، ناهيك أن نخلق كوناً بنظام متكامل ودقيق”.
وأشار إلى أننا لو رأينا شخصاً يجذّف ضد تيار نهر جارفٍ، ولو افترضنا أن سرعة تجذيفه 10 كم في الساعة، بينما سرعة التيار 20 كم في عكس الاتجاه؛ منطقياً سنرى أن المجدّف يتقهقر ولا يتقدم وذلك لأن سرعته لا تضاهي سرعة التيار. موضحاً بأن هذا ما يحدث في الثقوب السوداء حيث أن سرعة الضوء ليست كافية للهروب من تلك الأجرام الضخمة ومنها لا نرى أي ضوء يصدر منها، ولذلك سميت بالثقوب السوداء لأنها تبلع الضوء وما حولها، ومهما سلطنا عليها الضوء فإننا لا نرى انعكاساً لأي ضوء.
وتناول بعد ذلك ثلاثة مصطلحات؛ الأزلي (الذي لا بداية له)، والأبدي (الذي لا نهاية له)، والسرمدي (الأزلي الأبدي الذي لا بداية ولا نهاية له).
وناقش عشر نظريات في نهاية الكون و: الانطواء، وهي عكس التمدد، الموت الحراري، وهي عكس الانطواء وتعني التمدد اللانهائي إلى أن تتفتت جميع المكونات بما في ذلك الذرات؛ حينها يصبح الكون ميتاً وبلا حرارة، بلع الثقوب السوداء لكل شيء يحيطها، انتهاء الزمن؛ الزمن لم يكن موجودا قبل الانفجار ومعرض للتوقف مستقبلاً، الارتداد الكبير، وهو مشابه للانطواء إلا أن الكون لا ينطوي كليا بل يرتد وينشئ كونا جديدا آخر، التمزق الكبير، وهو مشابه للموت الحراري ولكن هذا يحدث بسبب التسارع الذي سيمزق الكون لا محالة إلى شظايا غير متفاعلة، تغير القوانين الفيزيائية للكون فيتحول كوننا إلى كون آخر غير الذي نعهد، حاجز الزمن، والمقصود به أن التوسع يتوقف حيث لا يكون هناك مجال لأي توسع آخر، تعدد الأكوان وتزايدها يعني؛ لا وجود لنهاية، الكون السرمدي (وجود أكوان متعددة منذ الأزل وإلى الأبد)؛ أي لا بداية ولا نهاية لها.
وختمت المحاضرة بفتح المجال للنقاش والتداخل من الحاضرين وقد تم نقاش أسئلة متعددة.