أندية الظل والشح المادي والعزوف الإداري

أضحت الرياضة في المجتمعات المختلفة جزء لا يتجزأ من حياتها اليومية والقومية ، سواء من خلال الممارسة ، أو المشاركة ، أو المتابعة ، أو كلها معاً ، وهي في مجتمعاتنا العربية أكثر اهتماماً وأهمية ، نظراً لانعدام البدائل الأخرى المتاحة والتي توفر مساحة رحبة للناس لقضاء أوقات فراغهم وممارسة هواياتهم ، خاصة فئة الشباب ، وثانيهما فئك كبار العمر ، والذين يريدون الحفاظ على صحتهم ، والتقليل قدر الإمكان من زيارة الطبيب

ولكن الرياضة في مجتمعنا تعاني من مشاكل عدة ، نقتصر هنا على ذكر مشكلتين منها وهما الشح المادي والعزوف الإداري .

إننا حين ندخل هذا المدخل فإنما نوجه البوصلة نحو أندية الظل ، والتي لا يوجد بها ولها دخل ثابت ، وهي التي كانت تتمتع في يوم من الأيام بما تقدمه هيئة الرياضة ( رعاية الشباب ) سابقاً ، والمتمثل في الميزانية المجزية ، والتي تدفع استحقاقاً للأندية عطفاً على ما حققه كل نادٍ في موسمه المنصرم ، يضاف لذلك مبلغ الإعانة المقطوعة السنوية ، وهو مبلغ ثابت تقريباً ، وأقل بكثير من مبلغ الميزانية ، وهذا المبلغ تم الإقتصار عليه لاحقاً ، ابتداء من عام 1419 هجرية تقريباً ، إضافة لمبلغ الصيانة للأندية التي لا تملك مقرات ، والمبلغان في مجموعهما لا يسدان حاجة هذه الأندية للإيفاء باستحقاقات الموسم الرياضي الواحد أو جزء منه ، وهذا ما جعل هذه الأندية تعيش في حالة يرثى لها مع اعدام المادة تقريباً من جميع الجهات .

إنه ومن خلال ما تحصل عليه هذه الأندية الفقيرة مادياً ، نجزم أنه لا يشجع على الإنضواء تحت مظلة العمل الإداري ، وهو ما سبب فعلاً العزوف الإداري ، من خلال تخوف وامتناع أغلب المنتسبين لهذه الأندية من الترشح للإدارات ، وبالذات رئاستها ، خوف تحمل الأعباء المادية وتبعاتها ، والتي بلا شك سوف يتبعها التزامات يكون فيها مجلس الإدارة ورئيسه بالذات المسؤول الأول عن الوفاء بها.

إن هذه الأندية لا تستطيع التطلع لتحقيق النتائج ، والوصول للأهداف على الأمد البعيد ، أو أن تملك النفس للمنافسة أو الحفاظ على أي منجز ، نظراً لهذين السببين المتلازمين ، وهما الشح المادي والعزوف الإداري ، رغم أن هذه الأندية أو بعضها تغذي المنتخبات الوطنية بين فترة وأخرى باللاعبين المميزين ، بل أن بعضها يمثل معظم لاعبي المنتخبات ، ولنا في منتخب كرة اليد خير دليل على ذلك ، وهو الذي وصل للتو للمشاركة في كأس العالم وللمرة التاسعة .

وهذه الأندية لا تستطيع مهما حاولت استقطاب الداعمين بشكل دائم ، وهم إن دعموا فلمرة واحدة فقط ، أو لمناسبة نتيجة بعينها ، ولا تستطيع في كل مرة طلب الدعم منهم ، ولا توجد آلية بعينها تجعلهم يستمرون بالدفع ، إضافة لذلك فإنه لا توجد وسائل بديلة للحصول على المادة إلّا من خلال الجهة المسؤولة ، ولهذا فإن أي فرد يراد منه الإنخراط في العمل الإداري ، فإنه يمتنع ابداءاً وفوراً بحجة عدم وجود المقومات الأساسية والتي تضمن له العمل بأريحية وراحة بال واطمئنان ، ويأتي في مقدمها العنصر المادي .

لهذا فإن من يقدم على هذه الخطوة يكون مجازفاً ، ويضع نفسه في مأزق حتمي ، إذا لم يكن متمكناً مادياً وبشكل دائم ، أو أن يكون له دعم أساسي دائم يتمثل في مجموعة من الأعضاء الدائمين ، كما الأندية الكبيرة المعروفة ، وهو أمر يستحيل ، كما نعرفه من خلال التجربة ، وما يجري الآن هو فقط اجتهادات وفزعات ، سرعان ما ينقطع نفسها ، وتتبخر نخوتها ، طالت أو قصرت ، ليصبح النادي أي نادي لاحقاً في وضع إداري ومادي لا يحسد عليه ، كما هو حاصل الآن في معظم أنديتنا المغمورة والمعدومة الموارد المادية والبشرية .

إننا وبمناسبة تأهل المنتخب الوطني لكرة اليد لنهائيات كأس العالم على أيدي لاعبين هم في معظمهم من هذه الأندية الفقيرة ، نوجه النداء لسعادة الأستاذ الشيخ تركي آل الشيخ بالتوجيه لعمل دراسة لهذه الأندية ، والنظر في إمكانية إعادة صرف الميزانية ، أو لا أقل اعتماد مبالغ مجزية تفي بحاجة والتزامات كل موسم دون الرجوع لداعمين مؤقتين ، لعل ذلك يساعد على بقاء هذه الأندية ، وتشجيع كوادرها على الإنخراط في العمل الإداري ، وكذلك التفكير في استثمار جزء من الميزانيات من أجل الحصول على إيرادات مستقبلية تساعد في إنعاش الأندية دون الحاجة لداعمين لا توجد ثقة في استمرار دعمهم إن وجدوا من الأساس .


error: المحتوي محمي