خربشات القديحي تنتهي بدورات فنية للأطفال

بدأت منذ نعومة أظافرها، عابثة بيراعها والألوان، تدغدغ جدران منزلهم بخربشاتها الطفولية، حتى أخذت تتنفس الفن، لتراه الحياة التي تعيشها، بكل جزئيات اللغة والمعنى، لتعشق الألوان، كعشق الغيمات لألوان الطيف.

إنها التشكيلية كوثر القديحي، ذات السبعة عشر ربيعًا، وابنة الشهيد السيد عبدالله القديحي، الذي استشهد في العملية الإرهابية بمسجد الإمام علي ” ع “.

وذكرت القديحي لـ «القطيف اليوم»، أنها بدأت الرسم منذ نعومة أظافرها، بعد إجادتها للإمساك بالقلم، تعبث به وبألوانها لتزين الجدران بخربشاتها الطفولية، حين التحقت بالروضة، بدأت بالرسم الكرتوني حيث وفرت لها والدتها ملزمة لتعليم الرسم السريع بالأقلام والألوان الخشبية لحين سن السابعة تقريبًا، ثم توجهت لرسم الإنمي وفي العاشرة كانت نقطة انطلاقها ناحية الفن والرسم.

وأوضحت بأنها أحبت أن تخوض تجربة رسم الوجوه “البورتريه”، إلا أنها واجهت صعوبة كبيرة في بداية الأمر ولكنها تحدت هذه الصعوبة، وقالت عن ذلك:” بفضل لله ومساندة والدي لي، تعديت تلك الصعوبات لأصل نحو الهدف المنشود، حيث رأت النور لوحاتي، التي مازلت أفتخر بها كثيرًا، كبدايات في هذا المجال”.

وأضافت بأنها في سن الثانية عشر، أحبت أن تطور من معارفها وقدراتها أكثر، مجربة خامات جديدة غير الألوان الخشبية، ملتحقة بدورة عند المدربة زينب شيخ حسين، تعلمت من خلالها أساسيات رسم ” البورتريه “، بالرصاص والفحم، لتتطور أدواتها الفنية كثيرًا.

وأرجعت الفضل فيما وصلت إليه، إلى والدها ” الشهيد ” ووالدتها حيث أخذا بيديها تشجيعًا وتحفيزًا، لتطور من هوايتها، وقالت: “لأبي – الشهيد – وأمي أثر كبير في تنمية موهبتي في الرسم، لقد احتضنا موهبتي ورعياها حق الرعاية، فنمت بين يديهما، ومازلت أتذكر نظرات أبي الحانية، التي يشع منها بريق الفخر بإنجازاتي، مازلت أتذكر كلماته الدافئة، التي تشعرني بأنني سأكون شيئًا في يوم ما، دائمًا ما كان يفاجأني بزيارات إلى المكتبات، لشراء مستلزمات الرسم”.

واعتبرت الفن حياة أخرى ومتنفس، مشيرةً إلى أنها اختارت الرسم، لأنها وجدت فيه كنه ذاتها، مؤكدةً أن الرسم إحساس ومشاعر، وما لا يُفهم بلغة الكلام، فإنه يُفهم بالرسم فالفن ترجمة للمشاعر.

وأشارت إلى أنها تستخدم كل الخامات الجافة كالفحم والرصاص والألوان الخشبية والباستيل، لكن الفحم هو أكثر ما تستخدمه، والصور الشخصية، لأنها تشعر بالإنجاز عندما تنتج لوحة لشخص ما ولأنها منذ بدأت في رسم الوجوه أحست بأنه أكثر مجال يستهويها، لتستمتع في رسمه.

وأوذكرت بأن عنوان أول لوحة قامت برسمها، والقريبة لذاتها، وتستذكرها بين الفينة و الأخرى، كانت لشخص كبير في السن، عنوانها ” العيون الناطقة “، واللوحة الأقرب لذاتها، هي لوحة لوالدها – الشهيد -، رسمتها بعد الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده.

وأبانت بأنها التحقت بدورات متعددة عند أستاذتها وملهمتها – بحسب تعبيرها – الفنانة زينب شيخ حسين، وفي العام الماضي التحقت بدورة عبر الإنترنت عند الفنان علي عبيد، لافتة إلى أن أول فنانة كانت بين يديها، هي “شيخ حسين”، التي علمتها أسس الرسم بكل إخلاص وتفان – بحسب وصفها – .

وقالت : أقمت ما يقارب 5 ورشات عمل للأطفال، كان موضوعها الرسم السريع، وفي العام الماضي، أقمت أول دورة في رسم الإنمي، وضمن خططي المستقبلية أفكر بإقامة دورات في رسم ” البورتريه “.

وأضافت بأنها للآن لم تقم معرضًا شخصيًا، لكنها في الأيام القادمة حتمًا ستقيمه، موعزةً ذلك إلى المعرض الشخصي، يحتاج كمية لا بأس بها من اللوحات، ولوحاتها ليست كافية، لإقامة معرض شخصي.

وقالت: إن طموحاتي المستقبلية في عالم الفن، أن تكون لي بصمة فيه، يذكرها كل فنان وفنانة، كذلك أطمح أن تكون لوحاتي واقعية، وأقيم معرضًا شخصيًا، وإعداد مناهج في رسم ” البورتريه ” وتدريسها، ومعالجة بعض الظواهر الاجتماعية، لأني أؤومن بأن الفن رسالة ولغة عالمية، وعلى عاتق الفنان مسؤولية كبيرة، يقدمها .

وفي ختام حديثها، شكرت «القطيف اليوم»، على إتاحة الفرصة لها بالبوح والحديث، موجهةً رسالة إلى كل إنسان، يشعر بأن لديه موهبة لابد أن ينميها، مؤكدة أن الموهبة، كالنبتة كلما اعتنيت بها، ستكبر وستعانق السحاب وعندما تهملها حتمًا، ستذبل وتموت.

وتوجهت بشكرها لمن ساندها، قائلةً:” شكرًا بحجم الكون للحضن الدافئ أمي، التي كانت ومازلت تقف وراء كل إنجازاتي، شكراً خالي ياسر لانتقادك البناء، شكرًا أسرتي شكرًا صديقاتي، وسر إبداعي يكمن في الشهيد أبي”.

 


error: المحتوي محمي