«عفسة» الحلال.. تسدل ستار العروض وتشعل فصول النقد

أشعلت إحدى المواد الإعلامية التي نشرتها «القطيف اليوم»، بعنوان: “الجمهور عايز كذا “.. شمّاعة يعلق عليها المسرحيون إخفاقاتهم، نقداً لمسرحية عفسة للمخرج محمد الحلال، النقاش في معرف الناقد والمؤلف المسرحي عباس الحايك بقناة التواصل الاجتماعي “الفيس بوك”.

وحاول الحايك خلال تغريداته وردوده أن يوقظ الفهم النقدي وماهيته الثقافية، وعيًا فنيًأ واجتماعيًا، ينبغي أن يكون في مقابل التطبيل، مشيراً إلى أن المشاهد الذي يستجدي المتعة إضحاكًا يحتويه، ليصفق بيديه لكل ما يضحكه، ليضحك بملىء شدقيه، مبتعدًا كل البعد عن اللغة النقدية في تشريح العمل الفني، لاستشراف سلبياته وإيجابياته، ليستفيد رواده.

جاء ذلك على خلفية تغريدته، التي قال فيها:” فقط للعلم، حين أكتب نقدًا أو رأيًا في عمل مسرحي، هذا لا يعني أنني ضد طاقم العمل أو أنني أحمل ضغينة لأحد منهم، فمن حقهم تقديم عملهم ومن حقي نقده”.

ونوه إلى أن المشكلة تكمن في أن النقد نمطياً أصبح في ذهن الناس بأنه سرد السلبيات، لذا فإن مفهوم النقد نفسه ملتبس لديهم، مؤكدًا بأنهم لا يريدون استيعاب اختلاف المتلقي، وقال:” إن المتلقي العادي قد يصفق لأي منجز يقدم له متعة، بينما المتلقي المتخصص يقرأ المنجز بعين الراصد العارف”.

وأكد أن المسرحيين لا يرضون سوى بالطبطبة ولا يروق لهم النقد، ولا إبداء الملاحظات حول أي جانب سلبي في عروضهم، وخاطب المسرحيين بقوله:” صدقوني لن يستقيم مسرحكم أيها المسرحيون، إذا واصلتم وضع أيديكم على آذانكم، حتى لا تتسلل الأصوات الناقدة إليها”.

واعتبر نفسه شخصاً معجوناً بطينة المسرح ومهووساً به، ولديه معاييره، ويسعى لمسرح مختلف، يكون وجهة ثقافية وفنية َترفيهية، متأسفًا أن البعض يرى النقد إساءة لطاقم العمل.

ووجه كلمته إلى الفنان محمد الحلال، ومسرحيته “عفسة”، وقال:” أبو ماجد، أنا لا أكتب بهذه الطريقة إلا لمن أحبهم وأؤمن بهم، وأنا أؤمن بك كمسرحي واعٍ، لم يرق لي العرض، واعتبرته إخفاق من المخرج المتمكن محمد الحلال، حتى لو ضج المسرح بالتصفيق والاستحسان، فمعياري فني بينما معيار الجمهور العادي معيار متعة”.

وأشار إلى أنه في المنشور، وجه كلامه للبعض ممن رأى في كلامه عن العرض نكاية أو ضغينة، مفيدًا بأنه لم يوجهه لأحد من طاقم العرض من محمد الحلال حتى أصغر فرد، وقال:” البعض استنكر كلامي عن العرض، لأنه فقط استمتع متناسيًا أني أكتب نقدًا، أتفق معي أو اختلف، نعم ، هم لم يستوعبوا أن النقد وظيفته التقييم، يضيء على السلبي والإيجابي، وصاحب المنجز سيستمر في أخطائه، إذا لم يضع النقد تحتها خطوطًا”.

من جانبٍ آخر، شارك الكاتب والمخرج المسرحي محمد الحلال ما تناوله الحايك، من نقد عفسة، في صفحته الشخصية، مؤكدًا من خلاله على تقبله النقد، وقال:” مؤمن جدًا أن النقد مهم للتطوير، و نحن كمسرحيين نستأنس ونسمع لكل ما يقال عن العرض سواء من الجمهور أو النقاد، ونشكر الجميع من مدح وأثنى، أو من لم يعجبه ما قدم على حد سواء”.

وبين بأنه لا أحد لديه مقياس دقيق في الفنون والأدب والشعر، مشيرًا إلى أنها تبقى أمزجة وأذواق، تغلب أكثر من معايير وقواعد، وخاطب الحايك بقوله:” أنت لم تدرس النقد، وأنا لم أدرس الإخراج، كلانا يجتهد كي نصنع سلمة واحدة، لسلم طويل اسمه المسرح”، وختم بقوله:” شكرًا لاجتهاداتك على كل حال حتى وإن أخفقت وأخفقنا”.

وأشار الشاعر هادي رسول إلى أن الأزمة ليست في الحالة النقدية، بل في غيابها، الأزمة في المجتمعات التي لم تعتد الحالة النقدية وتتلقّاها على أنها تعالٍ أو كِبَر، مؤكدًا أن هذه المجتمعات وهذه الجماهير هي نفسها التي يخاطبها العمل الفني غير الجيّد، وتتلقاه على أنه إنجاز فنّي مبهر، هي نفسها “الجماهير اللي عاوزة كذا”.

وأضاف:” كذلك نعاني في النشاط الشعري، حين نبدي رأيًا نقديًا تجاه نشاط أو نص، فالجماهير تتلقى هذا الرأي بحساسية مفرطة، وربما الرأي موجه لنص صديق حميم أو نشاط لجماعة قريبة من الروح والقلب”، وقال:” الحالة النقدية لا ينحصر تلقيها من مُنجِز العمل، بل من الأجمل أن يتلقاها جمهور العمل”.

ونوه إلى أننا نحتاج ربما لوقت طويل، حتى تعي مجتمعاتنا تفعيل نقد المتخصص، بسبب غيابه كحالة ضرورية، وذلك في ظل هيمنة الرأي الانطباعي الفاقد لشروط أدوات النقد.

وأكد المخرج موسى الثنيان، أن النقد حالة ضرورية وصحية، فطالما كان هناك نقد للمنجز الأدبي والفني سيخلق جواً، معتبراً أن الإبداع بدون النقد، يصيب الساحة الثقافية بالرتابة والتكرار.


error: المحتوي محمي