نحن بخير ..

أن تبدأ حياة جديدة بمعطياتها أيا كانت .. بمغامراتها ومفاجآتها أفضل بكثير من البقاء تحت واقع مريض .. مربك .. كثير العفن والتكلس والسلوكيات المضطربة .. فتصطدم بشخوص مهزوزة أو مقززة في التعامل الاخلاقي والمهني ..

أن تودع حياة كنت تحياها بكلياتها وجزئياتها صغر فيها من صغر وكبر فيها من كبر لتنجو من مهزلة المشاركة فيها بدور الضحية المرغمة وتحدد لنفسك وجهتها ، فتغلق وراءها كل أبوابك مجتمعة وتعدها كتجربة حياتية واضافية كبرى لك فهو أمر يبدو فرصة للنجاة ..

كنا نظن وحتى لوقت معين أننا كبرنا على المعارك الهزيلة وتخلصنا من شراك التورط في مستنقع النفوس الصغيرة وأن الأيام نحتتنا وغلفتنا بغلاف الحماية من هكذا مهازل لاعتبارات عدة .. لكننا نصطدم كل مرة بضعة النفوس وقرفها وعلل القلب التي لا تبرأ .. وكلما تمعنا بالأمر كلما طالتنا المعارك حتى قعر سكوننا وكأن التربص هدف تسعى إليه أو غاية تقتات منها .. وننسى أو نتناسى أن الأمر أخلاقي وسلوك بيئي وأسري وتربية وتهذيب نفس وذوق رفيع نتعلمه ونمارسه وليس الجميع قادر على التخلق به ولا حتى محاولة ممارسته بصورة مقبولة !!

التغيير أمر حتمي وقد يصبح ضرورة حياتية حين تسد منافذ الحياة والبقاء بمعزل عن مراقصة الشر أحيانا يجزي لمواصلة الحياة والاحتفاظ بالبقية الباقية من طاقتك ..

اما الهزيمة فليست جميعها تعد الانسحاب دوما من مواقع الفتن .. فقد يكون الانسحاب نجاة و نوع من ممارسة الحياة بصورة أنظف وأكثر لطفا وبياضا وأقل سخما مما نعايشه ..

تفعل أحيانا رغم ألمك وصبرك واصطناعك المدارة ليمكنك أن تحتفظ بسماتك وخواصك الذاتية الطيبة التي تمتلكها كي لا تفر منك وسط هذا الصخب والتضارب ، وليمكنك أن تقول صباح الخير للأماكن الجميلة التي تعبرها ، ولكل الاشخاص الرائعين المارين في حياتك والمفعمة نفوسهم بالحياة والمحفورة مواقفهم بصدرك ، بصورة أكثر اشراقا وأكثر ألقا مما واجهت ..

أن تقف قليلا عند نهاية الطريق تلتفت إلتفاتة العارف لما خلفك وتبتسم بنصر وتراجع سلسلة مواقفك والعالم معك وتربت على روحك بنفسك لتقول لها ..
“بوركتِ لقد أبليتِ حسنا في كل هذا .. تستحقين الأفضل ..”
لعمري لهو انتصار يعطي للحياة ألف معنى ..

نحن بخير ما دمنا ننتج بصورة صحيحة .. نفكر بطريقة ايجابية .. وقادرين على أن نحب رغم مرارة هذا العالم .. ونقرر مصيرنا بأنفسنا .. وما دمنا نقول للمعوج بوجهه .. اخسأ مكانك .. أنت معوج وموقفي سيكسرك فلا تخيفنا الخسارات بقدر ما يؤذينا صمتنا عن الفاسدين ..
وما دمنا قادرين على العطاء فنحن بألف خير .. وسننعم براحة الصدر التي يفتقدها غيرنا والتي أجهدت سعيه في الحياة ليعيش فيها عيشة ضنكا !..


error: المحتوي محمي