الموالاة ليست شرطا في الغسل

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم محمد صلى الله عليه و آله الطيبين الطاهرين .

الحاقا للبحوث السابقة في مسألة الغسل بجميع أقسامه الواجبة والمستحبة يعتبر في الغسل جميع ما تقدم اعتباره في الوضوء من الشرائط ، ولكنه يمتاز عن الوضوء من وجهين.

(1) انه لا يعتبر في غسل أي عضو هنا ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل ، وقد تقدم اعتبار هذا في الوضوء في الجملة.
(2) الموالاة فانها غير معتبرة في الغسل ، وقد كانت معتبرة في الوضوء.فعليه سيكون البحث في الجوانب التالية :-
1- كيفية الغسل وأحكامه
2-تعريف الموالاة
3-الجنبة الروائية
4-مسالة تطبيقية

اولا:- (كيفية الغسل وأحكامه)
غسل الجنابة (مستحب نفسي) وواجب غيري للغايات الواجبة (الصلاة)
ومستحب غيري للغايات المستحبة(قراءة القرآن) ، والقول بوجوبه النفسي ضعيف ، ولا يجب فيه قصد الوجوب والندب ، بل لو قصد الخلاف لا يبطل إذا كان مع الجهل بل مع العلم إذا لم يكن بقصد التشريع وتحقق منه قصد القربة ، فلو كان قبل الوقت واعتقد دخوله فقصد الوجوب لا يكون باطلاً ، وكذا العكس ، ومع الشك في دخوله يكفي الإتيان به بقصد القربة للاستحباب النفسي أو بقصد إحدى غاياته المندوبة أو بقصد ما في الواقع من الأمر الوجوبي أو الندبي.

والواجب فيه بعد (النية) .

( غسل ظاهر تمام البدن) دون البواطن منه ، فلا يجب غسل باطن العين والأنف والأذن والفم ونحوها ،
ولا يجب غسل الشعر مثل اللحية ، بل يجب غسل ما تحته من البشرة ولا يجزئ غسله عن غسلها ، نعم يجب غسل الشعور الدقاق الصغار المحسوبة جزءاً من البدن مع البشرة ، والثقُبة التي في الأذن أو الأنف للحلقة إن كانت ضيقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها ، وإن كانت واسعة بحيث تعد من الظاهر وجب غسلها.

وله كيفيتان :-
الأولى : (الارتماسي): هو غمس البدن في الماء دفعة واحدة عرفية، ولا يعتبر فيه ان يكون جميع البدن خارج الماء قبله بل يكفي ان يكون بعضه خارج الماء،

الثانية :(الترتيبي)وهي محل بحثنا .
والاحوط في كيفيته ان يغسل البدن بثلاث غسلات.
(1) غسل الرأس والرقبة وشيء مما يتصل بها من البدن.
(2) غسل الطرف الايمن وشيء مما يتصل به من الرقبة ومن الطرف الايسر.
(3) غسل الطرف الايسر وشيء مما يتصل به من الرقبة ومن الطرف الايمن.
والاظهر انه لا ترتيب بين الطرفين الايمن و الايسر فيجوز غسلهما معاً او بأية كيفية اخرى.
والترتيب المذكور شرط واقعي ، فلو عكس ولو جهلاً أو سهواً بطل.
(يعني يكون البدء بالرأس والرقبة أولا قبل باقي البدن فلو بدأ بالبدن قبل الرأس بطل غسله على كل حال) .

(4) لا يجب البدء بالأعلى في كل عضو ولا الأعلى فالأعلى .

(5) لا تجب الموالاة العرفية بمعنى التتابع ولا بمعنى عدم الجفاف ، فلو غسل رأسه ورقبته في أول النهار والأيمن في وسطه والأيسر في آخره صح .
وكذا لا يجب الموالاة في أجزاء عضو واحد ، ولو تذكر بعد الغسل ترك جزء من أحد الأعضاء رجع وغسل ذلك الجزء ، فإن كان في الأيسر كفاه ذلك ، وإن كان في الرأس أو الجانب الأيمن وجب غسل الباقي على الترتيب ، ولو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات مع مراعاة الترتيب.

ثانيا:- الموالاة بمعنى عدم جفاف الأعضاء السابقة قبل الشروع في اللاّحقة ، فلو جفّ تمام ما سبق بطل ، بل لو جفّ العضو السابق على العضو (تجري في الوضوء) .

ثالثا:الجنبه الروائية :-
1-صحيحة زرارة و فيها: قلت له: رجل ترك بعض ذراعه او بعض جسده من غسل الجنابة، فقال: «اذا شك ثم كانت ‏به بلة و هو في صلاته مسح بها عليه، و ان كان استيقن رجع و اعاد عليه الماء ما لم يصب بلة‏» .

2- في رواية زرارة: فيمن ترك بعض ذراعه او بعض جسده في غسل الجنابة حتى دخل في الصلاة: «ان رآه و به بلة مسح عليه و اعاد الصلاة‏» .

رابعا:مسألة تطبيقية :-
سؤال : شخص كان يغتسل من الجنابة وعلى بدنه حاجب، كان يعتقد أنه لا يضر في الغسل، لأنه ملصق باللحم بحيث أنه يخاف من إزالته، وبعد سنين تبين أنه غير ذلك وإزالته سهلة جدا، فهل يجب عليه إعادة الصوم مع قضاء الصلاة أو ليس عليه شيء؟
الخوئي: نعم يجب عليه قضاء الصلاة دون الصوم، والله العالم.
التبريزي: نعم يجب عليه قضاء المتيقن من الصلوات التي أتى بها مع ذلك الغسل دون الصوم.

خلاصة توضيحية للمسألة :-
قد يكون مورد ابتلاء لكثير من المؤمنين بوضع لاصق للعلاج او بعض المراهم و خصوصا النساء في حالة وضع بعض الأصباغ للزينه وإذا كان ذلك الطلاء فوق الجلد وكان حاجباً يمنع من وصول الماء للبشرة في الغسل فيجب إزالته عند الغسل . فلو اغتسلت لم يتم غسلها ويجب عليها :
1-استكمال الغسل في أي وقت تذكرت لعدم اشتراط الموالاة.
2- يلزمها ضم الوضوء اذا أحدثت بالأصغر .
3- يجب إعادة جميع الصلوات لأنها وقعت بغير طهارة والطهارة شرط واقعي في الصلاة.

مسألة مهمة في المقام : ما مر من أنه لا يعتبر الموالاة في الغسل (الترتيبي) إنما هو فيما عدا غسل المستحاضة والمسلوس والمبطون، فإنه يجب فيه المبادرة إليه وإلى الصلاة بعده من جهة خوف خروج الحدث.

(تنويه) إخترنا ما هو متفق عليه عند الفقهاء .

أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يصل إلى درجات الكمال بالتفقه في أحكامه والعمل بها ببركة الصلاة على محمد وال محمد .


error: المحتوي محمي