أن تكون عاشقًا، تستفحل خطاك ناحية الظل، تكسر بعزمك وإرادتك تيه الظلمات، لتعانقه العشق، تستلذ به، لتكون نموذجًا يحتذى. الكابتن السيد زهير أبو الرحي، بدأ مسافات احتضان عشقه “الحلم”، من خلال دراجته الهوائية “السيكل”، يقتطع المسافات، كأنما يرسم النخيلات على الأرصفة والطرقات، متجهًا لناديه “الترجي” ليقتحم عالمه الذي أراده لاعبًا في لعبة التايكوندو، ليمشطها خطاه ناحية الإنجازات.
«القطيف اليوم»، تستفز ذاكرته في حوار رياضي، بكونه لاعبًا ومدربًا، انطلق من محافظة القطيف شرق المملكة العربية السعودية إلى العالم، ليحتضنه.
س: عرفنا على بطاقتك الشخصية والرياضية؟
ج: السيد زهير السيد حسن السيد علوي أبو الرحي، من مواليد القديح عام 1398 هجرية، الموافق لعام 1978 م، مدرب تايكوندو بنادي الترجي بمحافظة القطيف، حاصل على 5 دان دولية و الحزام الأسود، و شهادة الماسترز كورس الدولية من كوريا الجنوبية.
س: حدثنا عن بداياتك في لعبة التايكوندو، الصعوبات التي واجهتك، وكيف تغلبت عليها؟
ج: بدأت التدريب في لعبة التايكوندو عام 1411 هجرية، الموافق لعام 1990، حيث كنت آنذاك شبلاً لا يتجاوز عمري الحادية عشر ربيعًا، و كانت بدايتي في اللعبة محفوفة بالصعوبات والمخاطر، حيث أن وسيلة التنقل حينها كانت الدراجة الهوائية “السيكل”، من القديح مقر سكني إلى القطيف مقر التدريب بنادي الترجي. كان ذلك الزمان أصعب من زماننا هذا، فماذا تتوقع من طفل لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره، يتنقل يوميًا ذهابًا وعودة على دراجته، إلا أن هناك حب بل عشق عميق يناديه من بعيد ويجعله يتخطى الصعوبات والمعوقات، ليصل مبتغاه، لتكون هذه البداية.
س: معروف أن لعبة التايكوندو لم تكن متوفرة في نادي مضر بالقديح، هل اتجهت لنادٍ آخر؟
ج: نعم، كنت قديحي الأصل، قطيفي الهوى، وحقيقة لم أجد ما أبحث عنه في القديح الحبيبة، ولكن أرشدني أحد الأصدقاء المقربين إلى لعبة التايكوندو حينها في نادي الترجي، فالتحقت به، لقربه من قريتي القديح.
س: حدثنا عن عشقك للتايكوندو، وحيثيات العلاقة كعشق لازال يسكنه، لتسكنه بكلك؟
ج: حقيقية في بداية الأمر عندما التحقت باللعبة لم أحبها مثلي مثل غيري من اللاعبين، وذلك لكون طريقة التدريب وقانون اللعبة صارم مشابه للنظام في العسكرية، والطفل بطبيعته لا يحب التقيد و الالتزام، بل يحب الحرية واللعب بدون قيود وضوابط، لكن الذي ساعدني على حب اللعبة فيما بعد أنني كنت مجتهدًا دراسيًا، بل كنت دومًا الأول على الصف مما ساعدني على الاندماج و الانخراط والتكيف مع اللعبة وقانونها وقيمها فيما بعد، وهذا حقيقة ما جعلني أعرف حقيقة ماهية اللعبة وهدفها النبيل، ومن هنا بدأت أول مرحلة من مراحل العشق الأبدي.
س: لكل عشق خيارات في احتوائه وتنميته، بالنسبة لديك، ماهية خط الاستواء؟
ج: حقيقة ما جعلنا نعشق هذه اللعبة و نتمسك بها، هي القيم والأخلاقيات، التي هي الأسس الحقيقية للعبة، والهدف الأسمى الذي ما أسست اللعبة إلا لأجله، وهذا السبب هو الذي بعثنا على عشقها غير أن هذه المبادئ أوجدت لنا إخوة متحابين مترابطين، مستمرين من بداياتنا في اللعبة إلى الآن مما يجعلنا نسعى بشتى الطرق للمحافظة على معشوقتنا التايكوندو التي أوجدت هؤلاء، وهذا السبب وراء تمسكنا بها.
س: هل دفعك هذا العشق لتعلم اللغة الأم للبلد الذي تنتمي إليه لعبة التايكوندو؟
ج: عندما تحب شيئًا وتعشقه، فإنك تبحث عن كل شيء يرتبط به، لذلك تعلمنا بعض الكلمات للبلد الأم للعبة، وهي كوريا الجنوبية، كما أننا بحثنا عن تاريخ اللعبة في الكتب والمواقع الإلكترونية، بحثًا عن كل ما يتعلق بمعشوقتنا حتى أننا زرنا البلد عدة مرات للتعرف عن قرب على تاريخ اللعبة وبدايتها.
س: حدثنا عن بداياتك كمدرب؟
ج: قصتي طويلة مع اللعبة ومع التدريب، ولكن ما بعثني حقًا على التدريب الظروف التي مر بها نادي الترجي، من بداية نشأت اللعبة في الترجي عام 1983 م، أي ما يقارب 35 سنة، وكان مدرب الترجي هو المدرب الكوري مستر جون بون، الذي درب الترجي حتى عام 1991 م، وكنت تدربت على يديه لمدة عام ونصف، وبعد سفره إلى كوريا بعد تدريب الترجي 9 أعوام متواصلة، وتخريج الجيل الأول من أبطال الترجي، سافر المدرب إلى بلده، ومسك زمام الأمور مدربي الكابتن إبراهيم جعفر آل جعفر، الحاصل على أول ميدالية أولمبية في سيؤول عام 1988 م، منذ عام 1992حتى عام 2005 م تقريبًا، بعد ذلك مرت بالنادي ظروف صعبة جدًا، جعلت مدربي العزيز الكابتن إبراهيم آل جعفر يتوقف عن التدريب، و من هنا بدأت مهمتي الصعبة في الحل، والوقوف أمام هذه المشكلة، التي وجدت الحل لها، بأنني وجدت نفسي أمام الأمر الواقع، لأكون المدرب، حفظًا لتاريخ عريق وقديم متجدرة أصوله منذ ما يقارب 40 سنة، ومن هنا بدأ مشواري في نادي الترجي، كان ذلك في عام 1425 هـ.
س: ماهي الأمور التي ينبغي أن يتحلى بها الرياضي، ليصل إلى أهدافه المنشودة؟
ج: أولاً: يجب أن يتحلى الرياضي بالصبر، نعم الصبر أولاً وأخيرًا، كما يجب أن يتحلى بالخلق الحسن، واحترام الآخرين، كذلك يجب أن يكون شخصًا ذا إرادة قوية وثقة عالية، تجعله يتحمل المشكلات ويتخطى المعوقات، إضافة إلى ضرورة أن يتمتع بتقبل الآراء وإن اختلفت مع آرائه، ويبحث عن النقد البناء، الذي يجعله يتعرف على أخطائه سعيًا لتصحيحها، كما يجب عليه وضع هدف لنفسه، مجتهدًا وراء كل الأمور التي تساعده على تحقيق هدفه، أكانت هذه الأمور نفسية، أم اجتماعية، أم مادية على حد سواء.
س: ثمة من يقول أن الرياضة تشكل عائقًا للدراسة، ما تعليقك؟
ج: هذا القول عار من الصحة، ونحن لنا تجربة واقعية، شخصيًا كنت من الطلاب المتفوقين دراسيًا في جميع مراحل الدراسة حتى الجامعية منها، كذلك متميزًا في التايكوندو، كما أن لدي طلاب الآن من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الجامعية، وما زالوا مواصلين ومتفوقين، تبصرهم أبطالاً محليين ودولبين في اللعبة. إن التفوق والتميز يشترط أن يكون اللاعب منظمًا، بحيث يضع له جدولاً فيه أولوياته ويكون متجتهدًا حتى يستطيع الموازنة بين الدراسة والتدريب.
س: بكونك مدربًا للعبة التايكوندو هل اعتزلتها كلاعب؟
ج: لم أعتزل كلاعب دولي حتى الآن، بكون النظام -حسب لوائح الهيئة العامة للرياضة- تمنع مشاركة المدرب في المنافسات المحلية، لذا مازلت أشارك دوليًا، وما يميز لعبة التايكوندو تواجد أنواع مختلفة، كالقتال، والبومسى، والاستعراض، وغيرها ، وسوف تكون – بإذن الله – مشاركتي القادمة في شهر فبراير القادم في بطولة تركيا الدولية بإسطنبول.
س: كيف تجد تفاعل الإعلام الإلكتروني والورقي مع لعبة التايكوندو؟
ج: في الآونة الأخيرة بدأ الإعلام المحلي التفاعل مع اللعبة إلكترونياً وورقيًا، وهذا التفاعل نابع من النشرات الكثيرة، التي تقوم بها الدولة الأم – كوريا الجنوبية – ، في نشر اللعبة عن طريق الزيارات المكثفة لكثير من دول العالم و عمل الدورات للمدربين والحكام واللاعبين، كذلك الإنجازات التي تحققت للمنتخب السعودي العام الماضي، وكان آخرها حصوله على المركز الأول في بطولة العالم بشرم الشيخ عن طريق اللاعب محمد السويق بنادي السلام مما جعل الهيئة العامة ممثلة برئيسها تركي آل الشيخ، ورئيس الاتحاد السعودي عميد ركن شداد العمري، وكافة العاملين في الاتحاد على الاهتمام بالرياضة بشكل عام، ووضع الخطط حتى الوصول للرؤية 2030.
س: هل تفكر حاليًا بخوض تجربة التدريب خارج نادي الترجي، وهل ثمة عروض قدمت لك، ضعنا في حيثياتها إن وجدت؟
ج: حقيقة لدي هدف شخصي وأهداف أخرى تجعلني أرفض قبول أي عرض لأي نادي آخر، أو منشأة أخرى. إن حبي وولائي للنادي وعشقي له متجدر مثل الشجرة الشاهقة، التي جدورها في الأرض، وأغصانها تعانق السماء.
نعم، لقد أتيحت لي عدة عروض في جامعات سعودية وخليجية معروفة، وفي أندية، وصالات خاصة، لكني لم أقبل بأي منها في الوقت الحالي، ولربما في المستقبل القريب، وبعد تحقيق الهدف أفكر في هذه الأمور .
س: ما تقييمك لتواجد لعبة التايكوندو في محافظة القطيف، و ماذا تقول لإدارات الأندية بشأنها؟
ج: توجد لعبة التايكوندو في الأندية الرسمية، الترجي والهدى والخليج سابقًا، كما أنها توجد في مناطق كثيرة في المملكة وفي أندية كبيرة كالهلال، والنصر، والشباب وغيرهما، ويقدر عدد لاعبي التايكوندو على حسب آخر إحصائية صادرة من الاتحاد العالمي بأكثر من 95 مليون لاعب مسجل لديها. إن كل دول العالم تهتم بالألعاب الفردية و لا يوجد صالة الآن في دول أوروبا وآسيا إلا توجد فيها صالة أو نادي للتايكوندو . حقيقية الآن اللجان الأولمبية تنظر لحصد ميداليات في الأولمبياد القادم في اليابان 2020، والألعاب الفردية هي من تجلب الإنجازات والميداليات، غير أن لعبة مثل التايكوندو لا تكلف ميزانية مقارنة بالألعاب الاخرى، إنها لعبة جميلة وهادفة، يجب الحفاظ عليها، لتخريج جيل يحمل القيم والأخلاقيات التي تنعكس إيجاباً على أبناءنا في المستقبل.
س: ماذا تعني لك عبارة ” الرياضي النموذج “؟
ج : الرياضي النموذج هو الذي يمثل شخصية البطل الذي يقوم بجميع أموره، الأول دائمًا في كل شيء، هو الرياضي الذي يبحث عن الكمال في تعاملة وتدريبه وأخلاقه وتصرفاته وسلوكه بجانب تفوقه العلمي، هو الرياضي النموذج الذي باختصار يكون القدوة الحسنة لغيره، مؤثرًا ذو شخصية جذابة.
س: ما أول إنجاز حققته و لازال يعانق الذاكرة؟
ج : هناك حقيقية إنجازات كثيرة، كلاعب ومدرب، إن أول إنجاز حققته له طعم مختلف كان عندما حققت أنا وزملائي أول إنجاز دولي مصنف للمملكة، منذ أن تأسست اللعبة، حيث حققت واللاعب محمد العباس وعلي المدلي أول ثلاث ميداليات دولية مصنفة للمملكة، كنت حينها مدربًا، فأحسست أني قدمت شيئًا للوطن رغم الظروف الصعبة المحيطة، والأجمل في هذا أن تحقق إنجازًا للوطن وأنت مدرب مع اللاعبين في نفس البطولة، عندما تمتزج الفرحة، فرحتي بالإنجاز شخصيًا، وفرحتي بتحقيق اللاعبين إنجازًا للوطن، فإنه أفضل شعور لا ينسى من الذاكرة.
س : ماهي الإنجازات التي حققتها وطنيًا، وخارج أسواره الجغرافية عالميًا، زودنا بصور تحكي مسيرتك الرياضية منذ بدايتها للآن؟
ج: حققت إنجازات عديدة عندما كنت لاعبًا في القتال على مستوى الشرقية والمملكة، آخرها حصولي في آخر سنة لي في القتال على المركز الأول عام 1428هـ، في بطولة المملكة المفتوحة على كأس المؤسس، وهي تعتبر أقوى بطولة محلية على مستوى المملكة، كما حققت المركز الثالث في بطولة البحرين الدولية في عام 1429 هجرية، وكانت آخر مشاركة لي في القتال، وعمري حينها واحد وثلاثون عامًا، كذلك حققت في الأعوام الثلاثة ابتداءًا بعام 1431هـ وانتهاءً بعام 1433هـ، بشكل متوالٍ في البومسى الفردي المركز الأول في بطولة المملكة المفتوحة للبومسى، غير الكثير من الإنجازات المحلية، كما حققت المركز الأول جماعي في بطولة الخليج للبومسى والثالث فردي، وحققت وزملائي المركز الأول مع المنتخب السعودي، كان ذلك في بطولة الخليج عام 2014، كذلك حصولنا كجماعي في بطولة تركيا الدولية مع المنتخب على الفضية، وفي قطر المصنفه دوليًا على الذهبية لمرتين متتاليتين، وحصلت على المركز الأول في سلطنة عمان في فردي تحت 40 سنة، وبطولات عديدة أخرى، أما على الجانب التدريب، حصلت على جائزة أفضل مدرب سعودي في عام 1433 و1434 هجرية، وكنت مدربًا للمنتخب السعودي للبومسى في البطولة العربية بمصر، ولكن لم تسعف الظروف للمشاركة فيها، ومدربًا للمنتخب السعودي للبومسى عام 2013 في أندونيسيا وحققنا أول تصنيف للمملكة في البومسى هناك، كما كنت أحد المدربين الأربعة، الذين اختيروا لبطولة العالم وبطولة التأهيل للألومبياد بالصين تايبيه عام 2014، وشارك إثنان من لاعبيي في بطولة العالم والتأهيل للأولمبياد في فئة القتال، وكنت مساعدًا في بطولة آسيا بالصين للبومسى وحقق فيها المنتخب أول ميداليات دولية، وكنت مساعداً للقتال في بطولة آسيا للشباب، ومدربًا مشاركًا في كثير من البطولات الدولية، وحققت إنجازات استثنائية للوطن في تركيا، وقطر، والبحرين وغيرها، آخرها حصولنا على 21 ميدالية ملونة في القتال والبومسى في بطولة قطر الدولية وبطولة ارادوس المفتوحة بالبحرين، حيث حقق فريقي المركز الأول في القتال في فئة الكبار، والمركز الأول في البومسى بجميع الفئات، وكنت عضواً في الاتحاد السعودي لترقية الأحزمة وفي العام الماضي، كنت مستشارًا للمملكة في البومسى من الاتحاد السعودي. لدي و – الحمد لله – لاعبون أبطال في كلا الفئتين القتال والبومسى، وهذا ما يميز الترجي، بأن لديه لاعبون دوليون في القتال والبومسى، لتمثل العلامة الفارقة في الترجي.
س: كلمة أخيرة لك، ماهي ولمن توجهها؟
ج: الكلمة الأخيرة كلمتي في البداية، وهي: الصبر ثم الصبر، فبالصبر و المثابرة يسهل الوصول، وحكمتي في الحياة وللرياضيين أقول: النجاح خطوتان، الأولى أن تبدأ والثانية أن تواصل.