تعلق بعلم الفلك صغيرًا، عاشقًا ديدنه مراقبة القمر، مستخدمًا منظارًا كان بين يديه لعبة، لتمر الدقائق، يقرأ عبرها كل ما يقع في يديه عن الفلك، في المدرسة والصحف والمجلات، مستمعًا شغوفًا لقصص كبار السن عن مطالع النجوم والمواسم وعلاقتها بالزراعة وتقلبات الجو ومطالعتها في التقويم، ليحث خطاه في شراء الكتب ومراسلة المكتبات.
«القطيف اليوم»، تدير بوصلتها الحوارية هذه المرة في اتجاه الفضاءات، في حوار مع الباحث الفلكي سلمان آل رمضان، لاستجداء دنياه، رؤاه في عالم الفلك منذ أبجديات طفولته إلى اكتمال جملته الفلكية، ليهدينا المعاني الحبلى بالمعرفة.
أكد الباحث سلمان يعقوب آل رمضان، الرئيس السابق لجمعية الفلك بالقطيف، بأن علم الفلك، يختلف كليًا عن التنجيم حتى وإن استفاد التنجيم منه، مبينًا أن الفلك علم يقوم على أسس حسابية دقيقة ومراقبة ورصد ميداني للتثبت من نتائج الحسابات، وهو علم فيه جديد يوميًا، وتفرعت منه علوم عدة، كالفيزياء الفلكية والكونيات وعلوم الفضاء والتصوير الفلكي، تعددت فروعه.
وقال: إن التنجيم هو صناعة وليس علمًا، يقوم على حسابات قبل ٢٠٠٠ عام.
ونوه إلى أنه لم يغادر جمعية الفلك بالقطيف ، والحقيقة أن الدورة التي كان فيها رئيسًا انتهت فترتها.
س: عرفنا على بطاقتك الشخصية والعلمية؟
ج: سلمان يعقوب آل رمضان، رئيس سابق لجمعية الفلك بالقطيف، أشرفت على موقع ومنتدى الجمعية ومجلة الفلك التي أصدرتها الجمعية، مهتم بالتراث الفلكي والأرصاد، شاركت في عدد من الملتقيات والمؤتمرات الفلكية الخليجية والعربية والدولية، مهتم بنشر الثقافة الفلكية في الإعلام الجديد. قدمت عدة دورات فلكية لمستويات وأعمار مختلفة من الجنسين وعدة محاضرات، شاركت في ندوات مختلفة فلكية. أكتب وأنشر في الصحافة الورقية والإلكترونية مع مشاركات تلفزيونية وإذاعية مختلفة.
س: ألمح لنا عن مراحلك الدراسية، و مدى تعلقها بعلم الفلك، كذلك بداياتك، والصعوبات التي واجهتك؟
ج: أحببت الفلك صغيرًا، وكانت البداية مع مراقبة القمر، واستخدمت منظارًا كان لعبة، لكنني لا أتذكر متى استخدمته حقيقيًا، قرأت كل ما وقع في يدي عن الفلك في المدرسة والصحف والمجلات، التي أجدها في طفولتي من الجيران، كذلك محاولة معرفة تلك النجوم والأجسام، التي عرفناها باسم الشهب، كما كنت أهتم بسماع قصص كبار السن عن مطالع النجوم والمواسم وعلاقتها بالزراعة وتقلبات الجو ومطالعتها في التقويم، ثم بدأت بشراء الكتب ومراسلة المكتبات في ذلك وبعض الكتب وجدتها مصادفة. لاحقًا و بالصدفة عرفت بوجود جمعية القطيف وفيها حضرت دورتين، لكنني صقلت موهبتي فيها بالممارسة والحضور والمشاركة معها داخليًا وخارجيًا حتى وصلت لرئاستها مما حملني مسؤولية إضافية إدارية وعلمية، ساهمت في صقل الهواية أكثر، و كان استمراري في تقديم الدورات والاستفادة من انتشار الإعلام الجديد وقنوات التواصل دوره الخاص أيضًا.
س: ضعنا في مرحلة دخولك جمعية الفلك بمحافظة القطيف، وماهية الأسباب، التي جعلتك تغادرها؟
ج: أنا لم أغادر جمعية الفلك و لكن انتهت الدورة، التي كنت رئيسًا فيها، و لما كان العمل الإداري ، يشغلك عن الدور العملي و بمشاورة رئيس جمعية الإدارة السعودية، الذي خيرني بين التضحية بالإدارة أو الفلك ، فضلت الفلك ، بأن أكون العضو الغير إداري ولازلت على تواصل و زيارة للجمعية ، بل و أقدم ملاحظاتي حتى انتقاداتي للإدارات ، التي تلتني و يتقبلونها بسعة صدر ، فمن المستحيل أن تغادر منزلاً ألفته و ساهمت في بنائه و لكن علينا أن نؤمن بالمجايلة و أن تخلف أجيال أخرى سبقتها ، لتستمر المسيرة و يبقى البناء .
س: ثمة من يقول بأن ما تقومون به، مجرد تنجيم وليس له علاقة بعلم الفلك. وعليه التنبؤات، التي تقومون بها، هل تستند على أسس علمية أم لا؟
ج: علم الفلك يختلف كليًا عن التنجيم، حتى وإن استفاد منه التنجيم. إن الفلك علم يقوم على أسس حسابية دقيقة ومراقبة ورصد ميداني للتثبت من نتائج الحسابات، وهو علم فيه جديد يوميًا، وتفرعت منه علوم عدة، كالفيزياء الفلكية والكونيات وعلوم الفضاء والتصوير الفلكي، وتعددت فروعه، فيما لازال التنجيم الذي هو صناعة وليس علمًا ، يقوم على حسابات قبل ٢٠٠٠ عام.
س: هناك تصريحات لمسؤولين في الأرصاد ترفض فيها تدخل بعض الفلكيين في توقعات الطقس، و تتهمهم بإثارة البلبلة بين أفراد المجتمع، ما تعليقك؟
ج: بالطبع علم الفلك يختلف عن علم الأرصاد، لكن لا يمكن الفصل بينهما مطلقًا، ولايوجد ما يمنع من التخصص فيهما، كذا الهواية ولدينا أسماء عالمية وعربية ومحلية، نبغت في العلمين، وفي الأصل علم الأرصاد نشأ من رحم الفلك، حين اهتم الناس بمعرفة مطالع النجوم لمعرفة الأوقات ومواسم الحر والبرد والمطر والرياح، عرفوا الأنواء والمواسم الفلكية، ووقتوا بها، وقد أبدع كثير من الهواة في ذلك حتى أصبحوا ذوي مصداقية عند الناس بما يفوق المصادر الرسمية، التي وإن كانت تمتلك المعدات وحتى المسؤولية الرسمية، لكنها عاجزة عن مسايرة الزمن في التعامل مع الجمهور، في الوقت الذي تكرر الكلام السنوي ضد الهواة، نجد الأرصاد العالمية قد جعلت يومها السنوي في إحدى السنوات عن مساهمة الشباب في تعلم الأرصاد وإرسال التحذيرات، كما قامت بعض الدول باستقبال الهواة في منشأتها تشجعيًا لهم، بل حتى لدينا نظمت الأرصاد ملتقين للهواة، آخرهما في شهر ذي القعدة الماضي، ولكن نذكرها بأنه ليس من نظامها منع الآخرين من ممارسة هوايتهم وليس من نظامها فرض عقوبات، وإلا كانت هي أيضًا تتعدى على أجهزة حكومية أخرى، وإن حدث، كان هناك من ينشر بدون تروي وعدم معرفة، فليس ذلك مبررًا لمنع الجميع.
س: بكل صراحة وشفافية، هل يوجد لديكم خلاف مع مجلس الاستهلال الشرعي بالقطيف والدمام؟
ج: ليس بيننا وبين أي مجلس أو شخصية دينية تصادم، ونحن نحترم دورها ونقدره ونجله، ولكن لنا ملاحظات علمية فلكية سبق وطرحناها في مؤتمرات ولقاءات شخصية، وصلت لمجلس القطيف، تتعلق خاصة بقبول الشهادات، تتخطى المعيار العلمي الفلكي، كما لنا ملاحظات عليهم وعلى غيرهم حتى من المرجعيات الدينية، حين ينسبون بعض العبارات للفلك أو تفسير لعض المصطلحات الفلكية بغير معناها وهذا من قبيل تصحيح ونشر المفاهيم والثقافة الفلكية.
س: كيف تقيم بكونك مختص في الفلك، جمعية الفلك بمحافظة القطيف؟
ج: جمعية القطيف، هي إحدى الجمعيات الرائدة عربيًا بشهادة أساتذة الفلك العرب، و دورها تخطى حدودها المحلية، وكانت محل سؤال في الحوزات العلمية ومكاتب المرجعيات الدينية حتى بلغنا اعتماد السيد السيستاني على رصدها، وندعو المجتمع لرعايتها ودعمها حتى تستمر معلمًا علميًا في البلاد.
س: كيف تجد تفاعل المجتمع بمختلف مستوياته وفئاته فيما تدلون به من تنبؤات، كذلك الإعلام في دفتيه الإلكتروني والورقي؟
ج: يهتم المجتمع عادة بالحر والقر أي البرد والأحوال الجوية، ومن ثم هلال المناسبات وأقل منه مواقيت الصلاة، فيما هناك من يهتم بالفلك والكونيات ، خصوصًا لعلاقته بالفلسفة، وهم فئة المثقفين، ومع ذلك، فإن مجال الفلك أوسع وأرحب.