حينما فازت فرنسا بكأس العالم 98م ، علق اللاعب (بيكنباور ) على ذلك قائلًا :
( ليس فخرًا لكِ يا فرنسا فوزك بكأس العالم فالذي حقق البطولة هي أقدام أفريقية ) .
و من ذلك التاريخ و تحديدًا من آخر بطولة أوروبية 96م، أخفقت ألمانيا في الكثير من البطولات .
وبحلول كأس العالم على أرضها 2006، أدخلت الرجل الأسمر في صفوف منتخبها، و لكن على استحياء لعل وعسى أن تحقق الإنجاز الذي طال انتظاره ، فلم تنجح المحاولة .
ثم جاهدت على مدى 8 سنوات و بكل ما أوتيت من قوة وبأس لتدعيم خطوط منتخبها ، ففتحت الأبواب مشرعة للتجنيس السريع ، فجاءت بالبولندي والروسي و التركي و التونسي و الصربي والإفريقي و غيرهم، و كأن تعداد سكان ألمانيا المقدر بـ 80 مليون نسمة ليس بكاف أن يأتي بـ 22 من اللاعبين المحترفين الأكفاء لتحقيق الانتصارات .
بعد هذه الخلطة التجنسيية تحقق لألمانيا ما سعت إليه بحصولها على كأس العالم 2014 م ، وأصبح نقد ( بيكنباور ) لغيره مجرد كلام ذرته الرياح ، طعم الفوز يتغلب على القيم و المثل أيها القيصر .
بعد أن قطف الألمان ثمرة جهدهم وتلذذوا بطعم الفوز ، أدركت بأن كلام من حمل كأس العالم 74م و أفضل مدافع في زمانه و كابتن الفريق ( بيكنباور ) لا محل له من الإعراب ، ألمانيا الفائزة بتلك الكأس لم تضم في تشكيلتها غير اللاعب الألماني الغربي أبا عن جد ، لأنها في ذلك الوقت كانت مشطورة لألمانيتين، شرقية و غربية .
هم من فازوا بـ 3 كؤوس قارية وعالمية. و كحال بقية المنتخبات العريقة التي تمرض و لكن لا تموت ، مرض منتخبها، فتوالت الإخفاقات و الخيبات، بعدها أدرك القائمون على (المانشافت) بعد سنوات عجاف ، التي صيرت ملاعبها إلى قحط و جفاف و جذب من اللاعبين الأكفاء الذين يشد بهم الظهر، أن مكائنها قد أصابها العطب، و لا بد من استجلاب قطع غيار من كل حدب وصوب لكي تعود تعمل بكفاءتها المعهودة .
لم لا تتعلم ألمانيا ممن سبقها فتقلده ، سؤال طرحه المهتمون بالكرة الالمانية ، فقادهم الجواب إلى فتح الأبواب مشرعة لتجنيس اللاعبين الافذاذ ، فتحقق لهم الهدف المنشود الذي أتقنت التخطيط إليه و بالغت العمل لأجله بإحرازها الكأس العالمية الرابعة في مونديال ٢٠١٤ في البرازيل ، و الذي أدهشت العالم في تلك البطولة ، بفوزها على البلد المضيف بطل الكأس لخمس دورات عالمية أعني به البرازيل ، فقد أنزلت بها الذل في عقر دارها و بنتيجة تاريخية ، ٧ لـ واحد ، هزيمة كارثية إذ لم يسبق لفريق أن هزم البرازيل بهذه النتيجة من الخمسينيات القرن الماضي و حتى وقتها ، و لا يهم بأقدام من !
مبدأ تجنيس اللاعبين هذا يذكرني بموقف المرحوم الأمير ( فيصل بن فهد ) حينما وجه نقدًا لاذعًا لدولة قطر ، قبل انطلاق بطولة دورة الخليج الرابعة في الدوحة 76م بعد أن جنست لاعبين غير قطريين قائلًا :
( هذه بطولة باسم أهل الخليج ، و يجب أن يشارك فيها أبناء الخليج وحدهم ، ونحن في السعودية حريصون على وحدة شباب الخليج ، و إذا كان الأمر بهذه الصورة ، نستطيع أن نجنس أفضل لاعبين العالم خلال 72 ساعة ، لكن الجنسية السعودية غالية علينا ) .
وقتها شاركت السعودية في الدورة بمنتخب أطلق عليه ( المنتخب الرمزي ) وكانت النتائج كارثية على منتخب كان يعتبر من أعرق منتخبات المنطقة ، ومخيبة لآمال الجماهير السعودية ، إذ تلقت شباكه ٧ أهداف من المنتخب العراقي ، و هزائم متتالية و مستوى متواضع ، و الترتيب الخامس بعد أن كان ينافس على البطولة .
و للمعلومية : فإن نصف لاعبي المنتخب من نادي النصر لأن رئيس بعثة المنتخب هو الأمير عبدالرحمن بن سعود رئيس نادي النصر .
بعد كلام الأمير ( فيصل ) بسنتين تم تجنيس ( أمين دابو، و مصطفى النقر ) عام 78م و سبقهم ماجد عبدالله ، الأول من السنغال، لعب ضمن فريق الإسماعيلي المصري ثم لعب ضمن منتخب عمان لمدة شهرين ثم انتقل إلى صفوف النادي الأهلي السعودي ، ثم لاعبًا في صفوف المنتخب السعودي بعد تجنيسه ، الثاني و الثالث من السودان الشقيق .
و قد أصبحت أزقة و حواري السعودية مرتعًا للاعبين الأفارقة ، وهدفًا لعيون القائمين على المنتخبات الخليجية تصتادهم عبر سماسرتها التي تتسابق على إغرائهم بالمال والجنسية لتدعيم منتخباتهم الموقرة ، ويحضرني أيضًا الموقف السعودي قبل دورة الخليج الثالثة المقامة في دولة الكويت عام 74م ، عندما احتج رئيس البعثة على تجنيس الكويت لفتحي كميل العراقي و أحمد الطرابلسي اللبناني ، وقالت ( نحن قادرون على تجنيس منتخب البرازيل بأكمله ولكننا لن نفعل ) . نعم و ألف نعم ، لكن ياسادة يا كرام، القناعات تتغير من وقت لآخر ، وأهم شيء تحقيق الفوز بأي ثمن .
كرة القدم جميلة لكنها مليئة بالغش و الخداع و التزوير و المنشطات، والمؤامرات ، والرشاوي ، وحتى بالأعمال القبيحة داخل الملعب من حركات و ألفاظ سوقية و نابية ، و إليكم بعض المشاهد :
لكي يتخلص منتخب الإمارات من خطر ماجد عبدالله قام ظهيرها مبارك غانم بحركة فاحشة وسافلة لماجد ، لاداعي لتوضيحها أكثر ! وجاءت ردة فعل ماجد سريعة ، قام بضرب اللاعب الإمارتي أمام ناظري الحكم و فورًا أشهر الحكم في وجه اللاعب الخلوق الكرت الأحمر و إنتهت المبارة بالتعادل السلبي الذي صب في مصلحة الإمارات على حساب السعودية وساعدها فيما بعد الى التأهل إلى كأس العالم سنة 90 م التي أقيمت في إيطاليا .
و أيضًا حينما شد اللاعب الإيطالي (ماتيرازي ) قميص زيدان فقال له الأخير ( إذا كنت تريد قميصي فسأعطيك إياه بعد المباراة ) فرد عليه ( أفضّل العاهرة أختك ) فعاجله زيدان بالنطحة المشهورة ثم كرت أحمر وخسرت فرنسا كأس العالم 2006 .
و أيضًا النزول الوقح للاعب الفرنسي ديميتري باييه على قدم كرستيانو في مباراة الختام في اليورو 2016 لم تكن لعبة مشتركة وعفوية بل متعمدة بشكل مستفز ودنيء و حقير ، كل هذا لكي يتخلصوا من الخصوم بأي طريقة ، والأمثلة على ذلك كثيرة وكثيرة …
وخلال السنوات العشر المنصرمة سعت دول أوروبا للتجنيس بطريقة مباشرة وفاضحة فاحت روائحها أصقاع الدنيا و سمع بها القاصي قبل الداني ، و كما يقول المثل ( عيني عينك ) ، من أجل تطعيم منتخباتهم ، إيطاليا ، سويسرا و بلجيكا ، وسبقتهم من سنين إنجلترا التعيسة .
والملاحظ في بطولة ( يورو 2016 ) سعت فرنسا بشكل واضح وسافر لتشكيل منتخبها من اللاعبين الأفارقة ، لعلها تظفر بكأس الأمم الأوروبية ، وللمعلومية حسب المواقع الرياضية اُقطتف شيء عن منتخب الديوك ( 10 جنسيات مختلفة تدافع عن العلم الفرنسي وتقود أحلام الديوك للتتويج بلقب يورو 2016 ……….. وكعادته يضم المنتخب الفرنسي عددًا من اللاعبين المجنسين و أصحاب الأصول الأفريقية ، حيث تضم قائمة الديوك في بطولة اليورو 14 لاعبًا ، سيحملون ويدافعون عن علم فرنسا ، ولكنهم من أصل غير فرنسي ، إذ تشمل القائمة 10 جنسيات أخرى ، وهي ، السنغال ، و الكنغو ، و الكاميرون ، و المغرب ، و غينيا ، و أنجولا ، و مالي ، وبولندا ، و جزر جواديلوب ، و جزيرة ريونيون ) طبعًا المقالة تستفيض بذكر أسماء اللاعبين فردًا فردا و أعمارهم و مكان ميلادهم وجنسياتهم وتدرجهم في الأندية الرياضية . و اقتباس آخر منتقاة بتصرف .
( و أما المنتخب البرتغالي هو الأكثر تنوعًا من بين المنتخبات المشاركة في المسابقة الأوروبية لعام 2016م ، حيث يضم في صفوفه لاعبين ولدوا في سبعة بلدان مختلفة : من البرازيل ، وجامايكا، و بلدان أفريقية أخرى ، لويس ناني من دولة الرأس الأخضر ، و يقال من أصول أثيوبية ، بيبي من البرازيل ، أما اللاعب ايدير الذي صنع الفوز الحاسم فهو من غينيا بيساو ….إلخ ) . إيه يابرتغال أبناؤك البررة ذوو الأصول البرتغالية لم يفلحوا في تحقيق أي انجاز يذكر فأنت المحرومة من تحقيق أي انتصار يسجل في مسيرتك الكروية ، تطالعين الغير بنظرة الغيرة و القهر و الحسرة والحسد فلا بد من زيادة الجرعة أكثر ، فقد استجلبت لاعبين من أدغال أفريقية وكانوا عند الوعد ، و من بركات أقدامهم جاء الفوز والتتويج ، وللمقارنة انظروا صورة لاعبي البرتغال عام 2002 والبطولة على أرضهم وصورتهم الآن .
وحتى تحرزي كأس العالم 2018م يابرتغال فعليك بالمزيد والمزيد من المرتزقة ، لكن لن يفيديك في كأس العالم 2022م لأن قطر أعدت العدة من الآن ، بعد أن نجح منتخبها لكرة اليد في تحقيق المركز الثاني على مستوى العالم بفضل كوكبة من المرتزقة المنتقاة بعناية وحسن اختيار أفضل اللاعبين من جنسيات مختلفة وبألسنة مختلفة لا يعرفون ترديد النشيد الوطني القطري ، فهم – أي القطريون – ماضون في التجربة على نطاق أوسع خدمة لمنتخبهم في كرة القدم ، فالبطولة على أرضهم وبين جماهيرهم وهي فرصتهم ونظرتهم البعيدة على الأقل الوصول لمركز متقدم كما فعلت كوريا 2002 على ساحتها و بين جماهيرها ، ولكن الفارق كبير لمن يحصل على بطولة من أقدام أبناء وطنه مثل أسبانيا واليونان و الدانمارك و تشيلي والأرجنتين وغيرهم وبين من يستجلب المرتزقة من كل مكان لتحقيق بطولة بأي ثمن . ومع الأسف هناك مثل كروي معروف عند الجميع :
( اللي تكسب به العب به ) . و يا بلاتيني لعبتم بالكرات الباردة والساخنة لاختيار الأضعف من المجموعات ولكن الكأس في النهاية ضاعت من أقدام مرتزقتكم ليخطفه أخوانهم من القارة السمراء بسم منتخب البرتغال ؟ .
ما أحلى الفوز فمن أجله فلتسقط الأخلاقيات والمثل والقيم والمبادىء والقوانين والدساتير ، كلها تجير لتحقيق النصر و لا غيره ، إنه نصر يظنه البعض بأنه وهمي وكاذب ومزعوم ويراه آخر بأنه فن الممكن فالكبار لايهمهم إن كانت عقولهم إنتهازية او استحوادية فهم يسعون وراء الفوز بأي طريقة كانت ، فليصفق المصفقون ، طالما (الفيفا) تلهث وراء الرشاوي والابتزاز ، لمصالح شخصية ، وضجة الفساد ماخفي منها و ما بطن ليست جديدة ، و لأن عالم الرياضة بجميع ألعابه سائر في هذا الطريق المتلون بأوجه العبث والمكر والخداع والإدعاء وكل سابح في هذا المستنقع إلا مارحم ربي ، وصدق (مياكافلي ) حينما قال : ( الغاية تبرر الوسيلة ) .
فالمرتزقة هم من يصنعون الحدث .
غدًا سوف يختفي الرجل الأبيض من منتخبات أوروبا ، ومعه ستتغير خرائط العالم ، وسنطلق على القارة الأوربية ( يورو الأفريقية ) ، وربما يتلاشى أسم القارة العجوز بفعل الكرة المجنونة ، التي نطقت صافرة الحكم في الوقت بدل الضائع هون عليك أيها المثرثر
إنه غزو متبادل ! ،
ومع قدوم كأس العالم صيف هذا العام صاح المعلق بصوت عال :
(كرة القدم لاتعترف بالجنسيات ولا الأديان ولا الألوان ، وإنما تعترف بمن يركلها بشكل سليم ) ؟
إليك أعني ياخليج واسمعيني يا ايطاليا .
همسة مؤلمة :
لكم يحزنني الأنسان ذو البشرة السوداء في الدول المتحضرة فهو حاضر لهم في الفن والرياضة فقط ، وتسلب منه أبسط الحقوق.