حملت راوية “أثر بعد عين” للكاتب أحمد توفيق آل سويف، قصة تدور أحداثها حول معالم عدة تدعو للالتفات إلى حضارة وماضي القطيف، ومحاولة إرسال رسائل لأكثر من جهة في المجتمع الذي تغيرت عاداته وتقاليده، ومحاولة ارتشاف ولو بعض من ذلك التاريخ والرجوع للقيم التي تحملها وأن غابت عند البعض مع الزمن.
وتناولت باكورة إصدارت آل سويف تقدير الآباء بعد أن بذلوا ما عندهم، وضعف جسدهم في نشأة أجيال الغد، وتقدير قيمة الكبير، وكأنه إرثًا تاريخيًا ناطقًا يحمل بين ذاكرته كنوزاً يخشى عليها أن تنسى، ونبش الماضي السحيق، وتجديد الذكريات التي انطوت مع التقدم التكنولوجي، بخلق حوار مرتبط مع الأجيال التي أنجبها ويعيش معها وبينهما.
ونسج آل سويف من ذكريات وشفاه المحيطين، مع البحث والقراءة، والاطلاع الدائم رواية من ثمانية فصول هي: سوق الجبلة، سوق السكة، حمام أبو لوزة، عين طيبة (الغميري)، مسجد الخضر، تاروت، براحة الحليب، والبيت العود.
ولجأ آل سويف في الرواية إلى التعريف بتاريخ القطيف قبل ما يزيد عن 40 سنةً منذ 1976م إلى 2016م، من معالم تراثية تاريخية وعادات وتقاليد، من خلال قصة الشاب علوان مع والده المسن الذي يبدأ في العزلة، فما كان منه إلا أن اتخذه وسيلة لتدوين ومعرفة تاريخ القطيف وكيف عاشه، وفي ذات الوقت إشعاره بقيمته وأنه جزء منه، لينتقل بين الفصل والحديث في كل فصل عن أحد المعالم مع ربطه بالقصة الرئيسية.
وحول اختياره لـ “أثر بعد عين”، قال:”هذا العنوان يحمل الكثير من المعاني بين ثناياه، وهو أساس الفكرة التي تطلبت مني 23 يومًا، ومن تلك الفكرة استلهمت عنوان الرواية، وهو بحذ ذاته استفهام يثير الحسرة حول الماضي، والذكريات والآثار والعادات والتقاليد، التي كانت تُرى عينًا وأصبحت أثرًا بعد عين”.
وعن هذه الرواية التي رشحت لجائزة القطيف للإنجاز 2017 ولم يحالفها الحظ في الفوز، وماذا أضاف كاتبها ليخرجها إلى الجمهور؟، أوضح بأنها إضافات لا تذكر، كتغيير في بعض المفردات وغيره، إذ كان ينقصها الشجاعة لتظهر للجمهور بعد أن كانت مغطاة بغطاء الخوف والخجل، حتى اشتد عودها لتخرج للجمهور كما هي الآن.
وتحدث الكاتب عن المعلومات التي تم تحويلها لحبكة روائية، مبيناً بأنه لم يكتفِ بما ورد في الكتب التاريخية، بل أخذ كذلك من الأهل والأصدقاء، مضيفاً: “بدرجة كبيرة، كنت أذهب في ليالي رمضان، قبيل السحور إلى منزل عمي علي، حاملاً مذكرة وقلماً طالباً حكايات الماضي، وكنت أدون رؤوس أفكار وأحداث، وأسأل عن الذي لم أعاصره ولم أره، وكذلك خالتي وعمتي لم تقصرا معي في الحديث عن العادات والتقاليد المحلية، كانوا يسعدون بالحديث عن الذكريات وأحياناً تلمع أعينهم من شدة السعادة، وهذا ما جعلني أكتب في الرواية: (بالذكريات تحيا القلوب وبدونها لا معنى للحياة)”.
وحول ما إذا كان ثمة رسالة يريد توجيهها عن تاريخ عريق يخشى على نبضه أن يتوقف ويغيب عن الأجيال القادمة، أكد بأن التاريخ والتراث الذي يحمل بكافة جوانبه ماضٍ جميلاً هو نعمة، وعلينا جميعاً شكرها، بالاهتمام والمحافظة والرعاية، مبيناً بأن ماضي هذه الأرض الطيبة قدم لنا الكثير، فلابد من المحافظة على ما تبقى، من أجلنا ومن أجل أجيالنا القادمة.
وحول الحركة الأدبية في القطيف، وماذا تعني للكاتب؟ وماذا ينقصها؟، أجاب آل سويف قائلاً: “تتلمذتُ وبدأت رحلة كتابة القصص القصيرة من خلال قراءة الأدب القطيفي، للقطيف باع كبير وقديم في الثقافة والأدب، والحمدلله نلاحظ الصعيد الأدبي المحلي في تصاعد إيجابي، رغم احتياجه الخروج عن المألوف قليلاً”.
يجدر بالذكر بأن الرواية تقع بين 289 صفحة من القطع الوسط وهي صادرة عن دار أطياف للنشر والتوزيع بالقطيف.