ندوة الخط الحضاري بالقطيف: «أسر التوحد» تتعرض لضغوط شتى.. والدين لم يمنع تزويجهم

أكد اختصاصيون في التربية الخاصة على أهمية التشخيص المبكر لاضطرابات التوحد، وأن يكون ذلك من قبل فريق متكامل من الاختصاصيين، وتقديم العلاج والدعم اللازم للحالة، على أن يبدأ ذلك من الأهل والمحيط الاجتماعي وبصورة مستمرة، وضرورة أن يرافق ذلك خطة علاجية تناسب الاحتياجات الخاصة التي تؤهل المصاب إلى ممارسة حياته بما يمتلك من مهارات.

جاء ذلك خلال الأمسية التي نظمها منتدى الخط الحضاري بالقطيف، مساء الجمعة 4 ربيع الآخر 1439هـ تحت عنوان “التوحد..هموم وتطلعات”، والتي أدارتها اختصاصية التربية الخاصة ديار هجلس، وبمشاركة استشاري التوحد الدكتور محمد الزاير، اختصاصي التوحد عبد الحكيم العواس ، واختصاصية تعديل السلوك غدير هادي، وبحضور نخبة من الاختصاصيين والمهتمين في التربية وعلم النفس، وآباء وأمهات لأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

و تحدث استشاري التوحد الدكتور محمد الزاير عن “الخطوات الأولى عند الشك بوجود مشكلة لدى الطفل”، مستهلا حديثه بسؤال عن الفرق بين التوحد الإيجابي والتوحد السلبي؟، مجيبًا عليه بأن التوحد الإيجابي هو الذي يخلق العلماء ويكون فيه الشخص مبدعًا، ويقابل ذلك التوحد السلبي الذي يكون فيه طفل التوحد عالة على ذويه.

وأوضح الزاير بأن التوحد عبارة عن اضطراب حسي يلازم الشخص مدى الحياة وليس مرضاً يمكن أن يشفى منه، بل يمكن التخفيف وتجاوز حدته عندما تتلقى الحالة خطة علاجية مناسبة، مبينًا بأن الإصابة تتركز في الذكور أكثر من الإناث، ويصاب به شخص من بين خمسة من الذكور، و شخص من بين 68 شخصًا.

ونبه إلى أن مشاكل التواصل هي من أكبر السمات الظاهرة على الطفل قبل تشخيصه وتكون تواصل لفظي وغير لفظي، وتظهر من عمر ستة أشهر بعدم الاستجابة للمحيط، وعندما يصل عمر الطفل سنتين لا يساطيع التحدث بكلمتين، بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية في؛ ضعف التواصل البصري مع المحيط الاجتماعي، ضعف الاستجابة الاجتماعية، والميول للوحدة وعدم المشاركة في الحديث، صعوبة في تكوين علاقات والغضب عند التواصل معه، أما المشاكل السلوكية فيندرج منها العصبية لتغيير الروتين اليومي، ترتيب الأشياء، العلاقة مع الأشياء، تكرار كلام اعتيادي غير مفهوم، لافتًا إلى أنه ليس شرطًا أن تظهر هذه المظاهر كلها في الطفل التوحدي.

واعتبر وجود طفل توحد في الأسرة عبء كبير التكلفة وضغط مالي على العوائل، كما أن الآثار الاجتماعية تبرز على العائلة بشكل كبير، كاشفًا أن 80 – 90% من الأسر تحتاج إلى معالج نفسي لمعالجة الضغط النفسي الذي يمرون به من جراء وجود طفل توحد، حيث تتعرض الأسرة حين اكتشافه عند أحد الأبناء إلى صدمة وعليها يترتب النكران لفترة من الزمن، ثم التوجه للخارج وطلب الخدمة وعلاجها.

وتناول عبدالحكيم يوسف العواس خلال الأمسية “الأسس الفسيولوجية لسلوكيات ذوي طيف التوحد” مفسرًا مدلولات الفسيولوجيا “علم وظائف الأعضاء”، السلوك “، بأنه أي نشاط يقوم به الفرد، سواء كان مرئي أو غير مرئي وإرادي ولا إرادي”.

ونبه العواس إلى أن طيف التوحد ينمو بزيادة سنوية تصل إلى 17 %، وهنا يجدر ضرورة فهم ودراسة هذا الاضطراب، ذاكرًا الأعراض التي تظهر على الطفل من؛ الميل إلى الوحدة، وقصور في التواصل، وحب الروتين.

وشرح العواس عمل أجهزة الجسم عند الشخص التوحدي حيث نجد أن لديهم تأثيرات على الأجهزة، الجهاز الهضمي، والجهاز المناعي، والجهاز الغدد، والجهاز العصبي، بالإضافة إلى مناقشة بعض الاضطرابات السلوكية من العدوانية التي تصيب 50% منهم وتسبب مشاكل في التواصل مع الآخرين، وكذلك المشاكل الحسية، وفرط الحركة وتشتت الانتباه، مع الإشارة إلى ضرورة تعديل الجانب الصحي قبل بدء العلاج السلوكي.

وختم الحواس حديثه بالقول: “أهالي طيف التوحد يمرون بضغوط نفسية لا ينتبه لها أحد، وتحتاج تدخل مجتمعي واسع النطاق من الدعم لجميع أفراد الأسرة”.

وناقشت الاختصاصية النفسية غدير علي هادي “مراحل البلوغ عند أطفال التوحد وكيف التعامل معها”،من رواية قصتها مع الفتاة “سلينا “كحالة مصابة بالتوحد وتبلغ من العمر 14 عاماً، وكيف تخطت الضغوط وجعلت منها شخصية معتمدة على نفسها.

وسلطت الضوء على مظاهر النمو الجنسي البدني الفيزيائي الذي يبدأ عند الطفل في نمو سريع، حيث تظهر عليه تغيرات بدنية تتمثل في طول القامة وظهور الصفات الجنسية الثانوية، ويتم البلوغ في عمر 10 – 14 سنة، مع ملاحظة بعض الباحثين أن هناك تأخر بسيط في حالة التوحد مع تأخر في نمو الهيكل العظمي.

وفي ختام حديثها طرحت الاختصاصية سؤالا على الحضور : هل يمكن لمن يعاني من التوحد أن يتزوج؟، وأجابها الشيخ جواد الجاسم الظاهري: بأن الدين لم يمنع تزويج الشخص التوحدي لأنه يمكن التعايش معه بما يملك من قدرات بشرط رضا الطرف الآخر.


error: المحتوي محمي