خطواتنا في الحياة خطوات متباينة ؛خطوة ناجحة وأخرى تصقل الناجحة وثالثة تشحذ الهمّة لنجاح آخر فلا وجود لخطوات فاشلة مطلقا ، بل هناك خطوات تكميلية ، وخطوات علاجية ؛خطوة متعثرة تنقذها خطوة ناهضة وناجحة. فزواجه الأول الفاشل لايعني فشل زواجه الثاني ومشروعه الأول الفاشل لايعني فشل مشروعه الثاني . بيده تعالى مفاتيح الرزق ، وعلينا السعي الحثيث للأفضل . وفِي البحث في أوراق النجاح يلوح لنا في الأفق النجاح المركّب الذي ينشر رائحة السعادة في طريق الجميع ، ويترك آثاره هنا وهناك .
يوما ما طرقت جارتي الباب لأساعدها في شرح بعض مااستصعب عليها فهمه فنشرنا ثقافة النجاح المركّب بين الجيران ونجحنا في إخراج أولادنا بتميز ونحن مدركون تماما قاعدة مهمة جدا وهي أن ما يصعُب عليك فهمه يساعدك الآخر لتفهمه والعكس صحيح ، إنك لن تستطيع أن تشعر بالنجاح وتستطعمه مالم يشاركك فيه من حولك . أما إذا شاركك الجميع فرحتك بنجاحك فهذا دليل على نجاحك الاجتماعي والديني لأنك أدخلت السعادة في قلوب الآخرين قبلا ، وأرضيت الله تعالى عنك . إننا كلما أمعنا التأمل في مسرح الحياة سنواجه أصنافا غير اعتيادية من الناس في كل شيء؛ في عطائها ، في تضحيتها بوقتها من أجل الآخرين، في رسم البسمة فوق الشفاه الذابلة ، بتقديمهم المعونة والمشورة والهدية المتواضعة . وهؤلاء فعلا هم من يستقطبون السعادة إليهم ، وهم من ينجحون بتفوق في هذه الحياة . وهذا ما استوقفني عندما شاهدت الفرحة في عيني فتاتي الصغيرة سألتها عن سر سعادتها قالت : لقد قدمت هدية لمعلمتي وفرحتْ بها كثيرا وضمتني إلى حضنها .. أدركت من خلال نظرتها البريئة تجسد معنى جميل يفتقده البعض وهو أن ثقافة العطاء تجلب السعادة أكثر من ثقافة الأخذ . إن ثقافة العطاء هي السلاح الذي تضمنه لإدخال السعادة إلى قلبك خاصة عندما تلقى صدى كبيرا في نفس صاحبها وتكون ذات مردود إيجابي للطرفين .
وكلنا مؤمن بأن طريق النجاح محفوف بالسعادة وإن غدت تشوبه بعض المعوقات التي لايراها سالكه المثابر فإذا سألته عن طريقه سيبادرك قائلا :
له طعم مميز ، يُؤْمِن بالقدرات الخفية، ترى فيه الانسجام التام بين مردود العمل والمثابرة المتواصلة ، مضيء وأن حلّ الظلام ، معبّد وأن لاحت الصخور بين جنباته ، لأنه طريق جميل لاتبصر صعوباته وإن كانت ظاهرةً ، يشاركك فيه الآخرين بلمسة ساحرة تدفعك قدما للأمام لأنك تستحق.
في ختام حديثي أنقل لكم هذا المشهد الذي يعكس جمال صاحبه وتألق حضوره بين أقرانه (اعتاد أحد المزارعين الحصول على جائزة كلما شارك بمسابقة الذرة السنوية، وفي أحد الأيام قابله صحفي وناقشه في أسباب فوزه كل عام.
علم الصحفي أن المزارع يتبادل بذور الذرة مع جيرانه، فسأله : ” كيف تعطي بذرك الجيد لجيرانك وأنت تعلم أنهم ينافسونك بالمسابقة؟ “. رد المزارع : ” ألا تعلم يا سيدي أن الريح تأخذ بذور اللقاح و تلقي بها من حقل إلى آخر؟ فعندما يزرع جيراني بذورا رديئة، ستنتشر بذور اللقاح المتناثرة على محصولي، فإذا كنت أريد محصولا جيدا ” لا بد أن أعطي جيراني أفضل أنواع البذور”
وفقنا الله وإياكم للنجاح وتيسير الأمور.