علاقة أسرة «الخنيزي» باسم صنف النخيل.. مجهولة

حتى الآن؛ لا تبدو العلاقة واضحةً بين صنف “الخنيزي” من النخيل، وبين الأسرة القطيفية المعروفة بالاسم ذاته، في القطيف. ولا مصدرَ ـ من الأسرة أو من خارجها ـ صرّح بسبب التسمية، وتاريخ منشئها، ومكانها. لكنّ المؤكّد أن اسم صنف النخيل سبق اسم الأسرة بتاريخٍ طويل…!

مُرتجَل
في حوار مسجّل ومنشور؛ سأل السيد سعيد الخباز (الشريف) الشيخ عبدالحميد الخطي الخنيزي (1913 ـ 2001) عن سر التسمية؛ فكانت إجابة الشيخ ما نصّه “أنا لا أعرف تعليلاً لهذا اللقب، ولكنّي أظنُّ أنه مرتجلٌ وليس بمنقول”.

وثمة إجابة قريبة من ذلك سمعتُها من لسان أخيه الشيخ عبدالله الخنيزي شخصياً، قبل أيام، فقد اقتضب الشيخ في إجابته موضحاً أن السبب “مجهول” في اشتراك الأسرة وصنف النخيل في مُسمّى واحد. وأُضيف على ذلك شهادة الشاعر محمد سعيد الخنيزي لي أيضاً قبل أسابيع. فهي تُفضي، كما شهادة الشيخين، إلى الاستنتاج ذاته، وهو عدم وجود رابط واضح في المسمّى.

أسرة مؤثرة
من المؤكد أن لآل الخنيزي وضعاً مرموقاً في مجتمع القطيف. وهو وضعٌ ذو مفاعيل روحية وسياسية وثقافية، وبالضرورة؛ اجتماعية. يمكن القول إن فصولاً مهمةً من القرن العشرين في القطيف؛ كانت خُنيزيَّة الدور إلى حدٍّ وازن، بدءاً من دور الشيخ علي المعروف بـ “أبي عبدالكريم” (1285 – 1362هـ / 1868 – 1943م) القضائي والسياسي، وانتهاءً بالدور القضائي والثقافي للشيخ عبدالله بن الشيخ علي أبي حسن.

تمثّل الدور في شغل أربع شخصيات من الأسرة منصب القضاء الجعفري،** وما استتبعه المنصب القضائي من نشاط وجاهيٍّ عُنيَ بكثيرٍ من القضايا السياسية والاجتماعية، فضلاً عن الدينية.

علاوةً على ذلك؛ وضع بعض الخنيزيين أثرهم في في شؤون ثقافية وتجارية، وشغلوا جزءاً واضحاً من المشهد الثقافي منذ أربعينيات القرن العشرين. وفي الإيجاز ثراء؛ وهو يقول إن أسرة الخنيزي على حالة من الظهور الاجتماعي والثقافي بما يُستغنى بالحالة عن الإشارة إليهم، بل وإلى حدّ الخلط بينهم وبين اسم صنف النخيل الذي عُرِف قبل مجيئهم من “البلاد القديم” إلى القطيف بأكثر من قرن، في الحدّ الأدنى..!

في القرن الـ 18
لعلّ أقدم توثيق تاريخيّ لصنف “الخنيزي” هو ما ذكره الرحالة الدانماركي كارستين نيبور (1733 ـ 1815) في رحلته للبلاد العربية بين عامي 1762 و 1770م. لكن نيبور لم يوثّق الصنف في القطيف، بل ضمن 19 صنفاً من تمور العراق*** التي زارها وغادرها في 1767. وتقدم شهادة نيبور دليلاً على وجود الاسم والصنف قبل 250 سنة كحدٍّ أدنى. ومن المرجّح أن وجود “الخنيزي” في العراق ـ وقتها ـ كان انتقالاً من نخيل القطيف. وقد سبق الحديث عن ذلك بإسهاب.

ومن المؤكد أن “الخنيزي” لم يكن اسماً محمولاً على أيةِ أسرة قطيفية في القرن الثامن عشر الميلادي، بل تسمّت به الأسرة المعروفة الآن في مرحلة لاحقة، ولأسباب غير واضحة.

وعلى هذا؛ فإن وجود نخيل “الخنيزي” في القطيف سبق وجود أسرة “الخنيزي”، وأن استنتاج الشيخ الخطي وجيه جداً في تعليل إطلاق الاسم على أسرته.. أي أن الاسم ارتُجلَ فشاع، وحملته واحدة من الأسر العلمية في القطيف. ربما جاء الارتجال من تجارة أحد أفرادها بتمر “الخنيزي”، أو على نحو من ذلك. لكن الجزم بذلك غير وجيه..!

والله أعلم.
———-
* نص الحوار كاملاً مثبت في يوتيوب، بعنوان “الشيخ عبدالحميد الخطي حوار مع السيد سعيد الخباز”، صوّره عبدالغني مهدي غزوي، ورفعه حسن مهدي شويهين، في 29/5/2016.
** هم: الشيخ علي أبو عبدالكريم، والشيخ علي أبو حسن، والشيخ عبدالحميد الخطي، والشيخ عبدالله الخنيزي.
*** سيدة الشجر: 69.


error: المحتوي محمي