تَوخَّى حِمَامُ الموتِ أوسطَ صبيتي
فللهِ كيف اختار واسطة َ العقدِ
على حين شِمتُ الخيرَ من لَمَحاتِهِ
وآنستُ من أفعاله آية َ الرُّشدِ
طواهُ الرَّدى عنِّي فأضحى مَزَارهُ
بعيداً على قُرب قريباً على بُعدِ
على هذا الوجع بالذات؛ وجدتُ المهندس علي الملّا عشيةَ وداعه فلذة كبده المهندس أنور. كان وجهه شجاعاً، وملامحه قوية، وتِرحابه بالمعزّين مكتوباً بابتسامة صبورة. ثمة رجلٌ وقف مواجِهاً واحداً من أشدّ أيام حياته إيلاماً.
عرفتُ المهندس علي الملّا، قبل انضامه إلى قائمة “وجهاء” المنطقة الشرقية، وأثناءها، وما تلاها. وبعد أكثر من عقدين؛ مازلت أعرفه كما هو في ترابيته الأولى التي وجدتُها أول لقائي في مكتبه الهندسي الواقع عند حافة شارع الإمام علي، بصفوى. كان ذلك في أحد أيام سنة 1996، قبيل افتتاح مستشفى العام في مبناه الحالي..!
من يُعاشر “الصّفافْنَهْ”؛ يسهل عليه تعميم انطباعه عن صفوى وأهلها. تلك الروح الودودة في اختلاطها بالآخرين، الذاهبة إلى حسن الظنّ بالناس، الكريمة في معشرها. و “أبو فايز” جزءٌ من هذه الصورة الطيبة. انضمّ، لاحقاً، إلى مجلس إدارة غرفة الشرقية حيث يتكتّلُ رجال المال والأعمال، ثم إلى مجلس منطقة الشرقية الذي يرأسه أمير المنطقة ويُناقش المسؤولين ورجالات الشرقية مُجريات أمور التنمية والخدمات. لكن الرجل هو هو نفسه، لم يتبدّل ولم يُشعر أحداً بأنه “فوقْ”…!
احتفظ “المُلّا” بـ “صفوانيّته”، وتلقائيته، في كلّ حالاته. وأظنُّ أن ذلك انعكس في أبنائه الذين يكادون يكونون نسخةً منه في محيطهم الاجتماعيّ. حتى أن أحدهم قدّم إحدى كلْيتيه لشقيقه “المهندس أنور” الذي توفّي، هذا الأسبوع، بعد تعقيدات علاجية لم تُمهله طويلاً. كم كان موجعاً وفادحاً فقْد شابٍّ في يفاعة العطاء وزهرة النضجِ.
المهندس أنور هو واسطة عِقْد الذكور من ذرية المهندس علي الملا. وُلد بين شقيقين “فايز” و “محمد”. ومعهم أربع من البنات: هناء، فاطمة، آية، بتول. والثالثة ـ بالذات ـ نموذجٌ تربويٌّ مشرّف، وسبق أن تُوِّجت بجائزة اجتماعية يحترمها الناس في القطيف، هي جائزة “مكارم الأخلاق” في 2009.
رحم الله الشابّ السعيد، وتقبّله في عفوه ورضوانه، وأدخله راضياً مرضياً في عباده وفي جنّته، وربط على قلوب ثاكليه بالصبر، وأجزل مثوبتهم بأفضل ما جزى به عباده الصابرين.
الراحل المهندس أنور الملّا، رحمه الله.
المهندس علي الملا وحرمه تتوسطهما كريمتهما “آية” بعد فوزها، عام 2009، بجائزة “ملكة جمال الأخلاق”. (أرشيفي الخاص).