طريقة التعامل مع محطات الإخفاق التي نمنى بها أو الأخطاء التي نرتكبها أو أوجه التقصير التي نقع فيها ، تحدد مسار النجاح و الإنجاز الذي يمكن أن نصل إليه أو ترسم معالم الخيبة و التعاجز ، إذ أن الخطأ له وقع شعوري على النفس قد يأخذ جانب التأثر الشديد و الذي يتحول إلى تأزم و تهيب من مستقبل غامض ، بل و يبقى في دائرة الماضي و اجترار آلامه و تأنيب النفس على ما ارتكبته من خطأ ، و كأنه النهاية افتقد معها الأمل بتغيير إيجابي و خسر بعده كل شيء !!!
الخطأ الكبير الذي نرتكبه هو اهتزاز الثقة بالنفس ، و تيقن عدم القدرة على تجاوز ما فعلناه و تصحيح الأوضاع ، فنأخذ دفة النظر نحو إلقاء اللوم على النفس و تأنيبها على هذا السقوط ، و تنخر قوانا طريقة التفكير السلبي و محاولة تصحيح واقع مضى لا يمكن لعقارب الساعة أن تعود أبدا ليعبث بها !!
تعنيف النفس لمجرد صدور خطأ من الفرد يعد مبالغة في الإساءة لنفسه ، و هو بذلك يفقد حصنا مهما يواجه به التحديات في حياته و هو الثقة بالنفس ، فالخطأ لا يعني أكثر من ارتكاب مخالفة أو تقصير في لحظة زمنية ، و ما عليه سوى تصحيح مسيره و العزم على مسحه من قاموس سلوكياته أو طريقة تفكيره ، و بهذه الطريقة الإيجابية في التعاطي مع أخطائه يجعلها فرصة للمحاسبة و إعادة البوصلة للاتجاه الصحيح ، فيزيل ذلك عائقا نفسيا عن طريق تكامله .
التعامل بضعف و انهزامية و تضخيم للأمور لمجرد ارتكاب خطأ ، و تكتيف اليدين عن معالجة الوضع و البحث عن مخارج و حلول ، يعد تدميرا للذات و جلدا ذا مستوى عالي يعبر عن ضحالة فكرية و قدرة محدودة على مواجهة الأخطاء و الصعاب ، و التي تمتليء بها دروب الحياة و تتفاجأ بالوقوع في أحدها في أي لحظة ، فالتخطيط الجيد و إجراء الحسابات الدقيقة لا يقي أبدا من الإخفاق ، و تميزك بأخلاق عالية لا يجنبك من المشاعر السلبية لأعداء النجاح و الحاقدين ، فالخطأ تنبيه لك بانحرافك عن سكة الفلاح و الإنجاز ، فاشحذ همتك لإعادة الأمور و تصويبها ، فكل تلك الأجواء الكئيبة و ملامح الحزن التي اكتست بها وجوهنا لخطأ ارتكبناه ، يعني تجنيا على مسيرة النجاح و التألق في حياتنا ، و يحرمنا من السعادة و راحة البال و الاستمتاع بالأوقات الجميلة .
الوضع المؤلم الذي نعاني منه لارتكابنا الأخطاء هو نتاج طريقة تفكيرنا و تصوراتنا الخيالية لما هو بعد ذلك ، فقلة الوعي و الخبرة هو ما أثقل فكرنا عن الاستمرارية و الاتجاه نحو الوراء منهزمين ، فالمعرفة الواقعية بحقيقة أنفسنا و مواجهتها لعوامل متعددة تسلبها النجاح و الإنجاز ، و أن هذا الصراع المستمر يخرج من مرحلة ليدخل أخرى ، و الوقوع في الخطأ هو ليس أكثر من عقبة عليه إزالتها و الاستمرار بعد ذلك ، هو ما يجعلنا عند مفترق طرق بين النجاح و الانهزام و ما علينا سوى اختيار أحدهما ، فجلد الذات و اللوم العنيف لن يجدي و لا يغير من الواقع الماضي شيئا ، و دوامة التشتت و التيه الفكري ستزيد الأمور تعقيدا ، فلماذا لا يرجع إلى مرآة نفسه و يدخل في حوار هاديء معها بعيدا عن التوتر و الاضطراب ، فينظر للأمر بواقعية و هو البحث عن أسباب الخطأ أو الإخفاق و العمل على معالجته ، فهو أمر طبيعي يصادف المرء كثيرا و لا يعني مطلقا أنه فاشل أو ضعيف ، و لماذا لا أحفز طاقتي الفكرية و النفسية في اختبار لقدرتها على تجاوز هذا العائق ، بعيدا عن أي ارتدادات سلبية تفقدنا تقبل ذواتنا في جميع الأحوال ؟